- الثلاثاء يونيو 07, 2011 8:31 pm
#38957
6 يونيو 2011
افتتاحية الايكونومست : أفضل طريقة بالنسبة للأتراك من أجل تعزيز الديمقراطية في بلادهم هي التصويت ضد الحزب الحاكم
يشعر معظم الأتراك ، وعلى نحو مفهوم ، بعظيم الامتنان لحزب العدالة والتنمية الحاكم ، وخصوصاً لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان . فمنذ تمكنه من تشكيل حكومة الحزب الواحد في شهر تشرين الثاني 2002 ، تحسن أداء الاقتصاد على نحو غير مسبوق ، وجرى اعتماد ما يكفي من الإصلاحات لضمان بدء مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ، وتم إتباع سياسة خارجية نشطة مع بلدان الجوار. وعاد الجيش ، المتطفل على الحياة السياسية في البلاد ، إلى ثكناته بشكل نهائي .
2- وأصبحت تركيا بفضل هذه النجاحات الاقتصادية والسياسية ، والتي ، كما قلنا ، يقدرها معظم الأتراك ، قوة اقتصادية وسياسية على المستويين الإقليمي والعالمي . وعلى الرغم من توتر علاقات تركيا مع إسرائيل وأمريكا ، فإنها تبرز في العالم الإسلامي بوصفها دولة ديمقراطية مزدهرة تشكل مصدر إلهام للصحوة العربية . ويأتي كل هذا في تناقض صارخ مع الفوضى التي ورثها حزب أردوغان : انهيار اقتصادي ، ونظام مصرفي مفلس ، وحكومات ائتلافية هشة متعاقبة تأتي وتذهب بسرعة مذهلة ، وتهديد دائم متمثل في وصاية الجيش على الحياة السياسية في البلاد .
3- وبالتالي ليس من المستغرب تأهب الناخبين الأتراك لإعادة أردوغان إلى السلطة في الانتخابات العامة المنتظرة يوم 12 حزيران القادم ، ولكنه ، مع ذلك ، يبعث هذا الأمر على القلق . فقد حصل أردوغان على نسبة عالية في استطلاعات الرأي تقربه جداً من حافة أغلبية الثلثين البرلمانية التي يلتمسها لأنها ستسمح له بمفرده إعادة كتابة الدستور[ إلغاء مبادئ العلمانية التي وضعها اتاتورك ، المترجم ] . وهذا سيكون ، في رأينا ، أمراً سيئاً بالنسبة لتركيا .
4- ولا يستند هذا الرأي على إشاعة كاذبة مفادها أنه يجري الآن تشكيل حكومة دينية في تركيا . فقبل تسع سنوات شعرت المؤسسة العلمانية في اسطنبول بالقلق حول الجذورالاسلامية لحزب العدالة والتنمية ، وكانت بعض الخلافات ، التي حدثت في وقت مبكر بشأن المدارس الدينية والسماح للنساء بارتداء الحجاب في الجامعات ، تدعو إلى القلق بالفعل . ولكن منذ ذلك الوقت انتهج التقي الورع اردوغان وحزبه نهجاً واقعياً بغض النظر عن ما يهمس به الجيش والعديد من الإسرائيليين [ والأميركيين أيضاً ] . وهناك أدلة قليلة جداً لا تذكر تشير إلى أن حزب العدالة والتنمية يسعى إلى تحويل تركيا ، بلد التسامح على نطاق واسع ، إلى إيران أخرى متطرفة .
5- والقلق الحقيقي من حكم حزب العدالة والتنمية المطلق يتعلق بالديمقراطية ، وليس بالدين . ومنذ فوز أردوغان في معركته مع الجيش والقضاء ، واجه القليل من المساءلة والمراجعة لسياسات حزبه من قبل آليات عمل الدولة ومؤسساتها . وهذا حرره ليطلق العنان لميله الطبيعي لعدم تقبل النقد ، ولإشباع ميوله الاستبدادية . ويبدو أن الفساد في ازدياد ، وحرية الصحافة تتعرض للهجوم ، فعدد الصحفيين في السجون التركية أكثر بكثير من عددهم في الصين . ويجري الآن التحقيق مع عدد غير قليل من نقاد وأعداء أردوغان ، بمن فيهم ضباط جيش سابقون مكروهين ، بتهم التآمر على النظام مبالغ فيها في بعض الحالات .
6- وعلاوة على ذلك ، بدأ اردوغان اتخاذ لهجة قومية أكثر حده في حملته الانتخابية ، فلم يعد هو وحزبه يقومون باتخاذ مبادرات جادة بشأن الأكراد الذين يشكلون أكبر الأقليات في تركيا وأكثرها سخطاً . وقد ألمح إلى أنه إذا حصل على أغلبية الثلثين في الأسبوع المقبل ، فأنه سيتم تغيير الدستور لإنشاء رئاسة قوية على الطريقة الفرنسية ، من المفترض بالطبع أن يشغلها بنفسه . وهذا سيكون بالفعل خطأ في بلد يتصف بمركزية مفرطة .
7- وسيكون من الأفضل إذا اتخذت الحكومة الجديدة التي سيشكلها حزب العدالة والتنمية نهجاً أكثر شمولاً . إن دستور تركيا يحتاج بالفعل إلى الكتابة من جديد ، ولكن هذا ينبغي أن يتم بالتشاور مع الأطراف السياسية الأخرى ، وأصحاب المصالح ، وليس كمشروع خاص بحزب العدالة والتنمية . وأفضل طريقة للتأكد من حدوث ذلك سيكون بالتصويت لصالح حزب المعارضة الرئيسي ، حزب الشعب الجمهوري [ حزب أتاتورك الأقدم في تركيا ، المترجم ] ، على افتراض أن اثنين من الأحزاب الصغيرة سيدخلان أيضاً البرلمان ، وهذا ينبغي أن يكون كافياً لحرمان حزب أردوغان من الحصول على أغلبية الثلثين التي تمكنة من تشكيل حكومة الحزب الواحد .
8- وكما يحدث الآن ، يُعتبر زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو، والملقب بغاندي بسبب التقشف والزهد في طريقة حياته ، أفضل بكثير من سلفه البائد دنيز بايكال . فقد تخلص بعدد كبير من الحرس القديم للحزب ، وأظهر عدم التسامح مع الفساد ، وحّول الحزب بعيداً عن تعاطفه التقليدي مع دور الجيش في السياسة . واستقطب ، على نحو غير عادي ، أعداداً من المؤيدين أكبر بكثير من أردوغان ، إلى المهرجانات الانتخابية التي أقيمت في المناطق ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرق البلاد حيث كان تواجد الحزب في هذه المناطق ضعيفاً منذ فترة طويلة وذلك من خلال تحدثه بصراحة أكبر حول إعطاء كل المحافظات التركية الـ 81 مزيداً من الحكم الذاتي [ ربما ساعده في ذلك كونه من الأقلية العلوية ، واحتمال كون أسلافه من أصول كردية ] .
9- ويراهن حزب أردوغان على انجازاته التي حققها في السنوات الماضية للفوز في الانتخابات المنتظرة ، وتشكيل الحكومة القادمة . لكننا ننصح أن يصوت الأتراك لحزب الشعب الجمهوري . ومن شأن قيام حزب السيد كيليجدار أوغلو بإثبات وجوده على الساحة السياسية أن يحقق أمرين على حد سواء : تقليل مخاطر قيام طرف واحد بإجراء تغييرات على الدستور تجعله أسوأ مما كان ، وإعطاء المعارضة فرصة عادلة للفوز في الانتخابات المقبلة . وهذا سيكون أفضل ضمان للديمقراطية في تركيا .
افتتاحية الايكونومست : أفضل طريقة بالنسبة للأتراك من أجل تعزيز الديمقراطية في بلادهم هي التصويت ضد الحزب الحاكم
يشعر معظم الأتراك ، وعلى نحو مفهوم ، بعظيم الامتنان لحزب العدالة والتنمية الحاكم ، وخصوصاً لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان . فمنذ تمكنه من تشكيل حكومة الحزب الواحد في شهر تشرين الثاني 2002 ، تحسن أداء الاقتصاد على نحو غير مسبوق ، وجرى اعتماد ما يكفي من الإصلاحات لضمان بدء مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ، وتم إتباع سياسة خارجية نشطة مع بلدان الجوار. وعاد الجيش ، المتطفل على الحياة السياسية في البلاد ، إلى ثكناته بشكل نهائي .
2- وأصبحت تركيا بفضل هذه النجاحات الاقتصادية والسياسية ، والتي ، كما قلنا ، يقدرها معظم الأتراك ، قوة اقتصادية وسياسية على المستويين الإقليمي والعالمي . وعلى الرغم من توتر علاقات تركيا مع إسرائيل وأمريكا ، فإنها تبرز في العالم الإسلامي بوصفها دولة ديمقراطية مزدهرة تشكل مصدر إلهام للصحوة العربية . ويأتي كل هذا في تناقض صارخ مع الفوضى التي ورثها حزب أردوغان : انهيار اقتصادي ، ونظام مصرفي مفلس ، وحكومات ائتلافية هشة متعاقبة تأتي وتذهب بسرعة مذهلة ، وتهديد دائم متمثل في وصاية الجيش على الحياة السياسية في البلاد .
3- وبالتالي ليس من المستغرب تأهب الناخبين الأتراك لإعادة أردوغان إلى السلطة في الانتخابات العامة المنتظرة يوم 12 حزيران القادم ، ولكنه ، مع ذلك ، يبعث هذا الأمر على القلق . فقد حصل أردوغان على نسبة عالية في استطلاعات الرأي تقربه جداً من حافة أغلبية الثلثين البرلمانية التي يلتمسها لأنها ستسمح له بمفرده إعادة كتابة الدستور[ إلغاء مبادئ العلمانية التي وضعها اتاتورك ، المترجم ] . وهذا سيكون ، في رأينا ، أمراً سيئاً بالنسبة لتركيا .
4- ولا يستند هذا الرأي على إشاعة كاذبة مفادها أنه يجري الآن تشكيل حكومة دينية في تركيا . فقبل تسع سنوات شعرت المؤسسة العلمانية في اسطنبول بالقلق حول الجذورالاسلامية لحزب العدالة والتنمية ، وكانت بعض الخلافات ، التي حدثت في وقت مبكر بشأن المدارس الدينية والسماح للنساء بارتداء الحجاب في الجامعات ، تدعو إلى القلق بالفعل . ولكن منذ ذلك الوقت انتهج التقي الورع اردوغان وحزبه نهجاً واقعياً بغض النظر عن ما يهمس به الجيش والعديد من الإسرائيليين [ والأميركيين أيضاً ] . وهناك أدلة قليلة جداً لا تذكر تشير إلى أن حزب العدالة والتنمية يسعى إلى تحويل تركيا ، بلد التسامح على نطاق واسع ، إلى إيران أخرى متطرفة .
5- والقلق الحقيقي من حكم حزب العدالة والتنمية المطلق يتعلق بالديمقراطية ، وليس بالدين . ومنذ فوز أردوغان في معركته مع الجيش والقضاء ، واجه القليل من المساءلة والمراجعة لسياسات حزبه من قبل آليات عمل الدولة ومؤسساتها . وهذا حرره ليطلق العنان لميله الطبيعي لعدم تقبل النقد ، ولإشباع ميوله الاستبدادية . ويبدو أن الفساد في ازدياد ، وحرية الصحافة تتعرض للهجوم ، فعدد الصحفيين في السجون التركية أكثر بكثير من عددهم في الصين . ويجري الآن التحقيق مع عدد غير قليل من نقاد وأعداء أردوغان ، بمن فيهم ضباط جيش سابقون مكروهين ، بتهم التآمر على النظام مبالغ فيها في بعض الحالات .
6- وعلاوة على ذلك ، بدأ اردوغان اتخاذ لهجة قومية أكثر حده في حملته الانتخابية ، فلم يعد هو وحزبه يقومون باتخاذ مبادرات جادة بشأن الأكراد الذين يشكلون أكبر الأقليات في تركيا وأكثرها سخطاً . وقد ألمح إلى أنه إذا حصل على أغلبية الثلثين في الأسبوع المقبل ، فأنه سيتم تغيير الدستور لإنشاء رئاسة قوية على الطريقة الفرنسية ، من المفترض بالطبع أن يشغلها بنفسه . وهذا سيكون بالفعل خطأ في بلد يتصف بمركزية مفرطة .
7- وسيكون من الأفضل إذا اتخذت الحكومة الجديدة التي سيشكلها حزب العدالة والتنمية نهجاً أكثر شمولاً . إن دستور تركيا يحتاج بالفعل إلى الكتابة من جديد ، ولكن هذا ينبغي أن يتم بالتشاور مع الأطراف السياسية الأخرى ، وأصحاب المصالح ، وليس كمشروع خاص بحزب العدالة والتنمية . وأفضل طريقة للتأكد من حدوث ذلك سيكون بالتصويت لصالح حزب المعارضة الرئيسي ، حزب الشعب الجمهوري [ حزب أتاتورك الأقدم في تركيا ، المترجم ] ، على افتراض أن اثنين من الأحزاب الصغيرة سيدخلان أيضاً البرلمان ، وهذا ينبغي أن يكون كافياً لحرمان حزب أردوغان من الحصول على أغلبية الثلثين التي تمكنة من تشكيل حكومة الحزب الواحد .
8- وكما يحدث الآن ، يُعتبر زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو، والملقب بغاندي بسبب التقشف والزهد في طريقة حياته ، أفضل بكثير من سلفه البائد دنيز بايكال . فقد تخلص بعدد كبير من الحرس القديم للحزب ، وأظهر عدم التسامح مع الفساد ، وحّول الحزب بعيداً عن تعاطفه التقليدي مع دور الجيش في السياسة . واستقطب ، على نحو غير عادي ، أعداداً من المؤيدين أكبر بكثير من أردوغان ، إلى المهرجانات الانتخابية التي أقيمت في المناطق ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرق البلاد حيث كان تواجد الحزب في هذه المناطق ضعيفاً منذ فترة طويلة وذلك من خلال تحدثه بصراحة أكبر حول إعطاء كل المحافظات التركية الـ 81 مزيداً من الحكم الذاتي [ ربما ساعده في ذلك كونه من الأقلية العلوية ، واحتمال كون أسلافه من أصول كردية ] .
9- ويراهن حزب أردوغان على انجازاته التي حققها في السنوات الماضية للفوز في الانتخابات المنتظرة ، وتشكيل الحكومة القادمة . لكننا ننصح أن يصوت الأتراك لحزب الشعب الجمهوري . ومن شأن قيام حزب السيد كيليجدار أوغلو بإثبات وجوده على الساحة السياسية أن يحقق أمرين على حد سواء : تقليل مخاطر قيام طرف واحد بإجراء تغييرات على الدستور تجعله أسوأ مما كان ، وإعطاء المعارضة فرصة عادلة للفوز في الانتخابات المقبلة . وهذا سيكون أفضل ضمان للديمقراطية في تركيا .