انصار العقل و القانون الطبيعي
مرسل: الثلاثاء مارس 06, 2012 6:33 pm
موضوع القانون الطبيعي هو موضوع البحث الأول, لدي كل فلاسفة القانون علي مر العصور, وهو موضوع مألوف لدي رجال القانون في مصر.
حيث نصت المادة الأولي من القانون المدني, علي أن يرجع القاضي, إلي القانون الطبيعي, إذا لم يجد الحكم في التشريع أو العرف, فما هو المقصود بالقانون الطبيعي لدي فلاسفة القانون؟
القانون الطبيعي عند أرسطو هو القانون العقلي, وهو أيضا العدل المطلق, أوالعدل في ذاته, وهو يقول نحن نفرق بين العدل في ذاته, والعدل داخل المجتمع, وبتعبير آخر نفرق بين القانون الطبيعي المطلق, وبين القانون الوضعي النسبي.
والقانون الطبيعي عند الفيلسوف الألماني الأشهر كانت, هو الأمر الأخلاقي المطلق. ومصدر القانون الطبيعي هو العقل الخالص, أو العقل الكلي, أو العقل المكون, وليس العقل المتكون بحسب ظروف المكان والزمان, أما مصدر القانون الوضعي فهو عقل المشرع في مكان معين في لحظة تاريخية معينة.
والقانون الطبيعي علي سبيل التبسيط, هو العقد الاجتماعي, عند جان جاك روسو, وجون لوك, والعقد الاجتماعي ليس عقدا اراديا, فلم يتم أبدا من الناحية التاريخية التوقيع علي مثل هذا العقد, وإنما هو عقد عقلي, لا يجوز بمقتضاه التنازل عن الحقوق غير القابلة للتنازل عنها, وهي ما أطلق عليها فيما بعد حقوق الانسان. فنظرية العقد الاجتماعي, هي مجرد تبسيط ومحاولة فلسفية لشرح المقصود بالقانون الطبيعي.
وباختصار فإن القانون الطبيعي لدي جميع الفلاسفة, علي اختلاف نظرياتهم ومصطلحاتهم, هو العدل المطلق من ناحية, وهو العدل العقلي من ناحية أخري, وهو بهذا يسمو علي القانون الوضعي النسبي في مصدره الانساني التاريخي, حاجته المستمرة الي التطور, والقانون الوضعي ينبغي ان يستلهم دائما العدل المطلق, حتي يكون العدل في المجتمع قريبا بقدر الإمكان من العدل في ذاته.
فما هو موقف الفلسفتين المسيحية والإسلامية من القانون الطبيعي؟
الأديان لاتعرف القانون الطبيعي أو القانون العقلي. ولكنها تعرف فقط القانون الإلهي, ومصدره الكتب المقدسة.
ومع ذلك فإن الفلاسفة المسلمين والمسيحيين, لم يقنعوا بهذا التبسيط. وحاولوا الربط من جديد بين القانون الالهي والقانون العقلي, ففي الفلسفة المسيحية, عقد توماس الاكويني اكبر الفلاسفة المسيحيين, الصلح بين ارسطو والفلسفة المسيحية, فهو أخذ بكل ما قاله ارسطو عن القانون الطبيعي والقانون الالهي, واستعان في هذه المطابقة بآراء المعتزلة في مسألة الحسن والقبح العقليين, ونقل عنهم حرفيا, ان الله لا يأمر بشيء, إلا لأنه حسن بحسب العقل, ولا ينهي عن شيء إلا لأنه قبيح في نظر العقل, بل إن الله جلت قدرته لايستطيع ان يجعل الحسن قبيحا, والقبيح حسنا, وهذه هي عبارات المعتزلة بالحرف الواحد, وهم سبقوا توماس الأكويني بثلاثة قرون تقريبا.
وقد انهزم المعتزلة في التاريخ الاسلامي أمام الاشاعرة, بينما انتصر توماس الاكويني الذي نقل عنهم, وتصالح مع ارسطو والفلسفة اليونانية, واتجهت الحضارة الغريبة بعد ذلك الي عصر النهضة القائمة علي احترام العقل.
وفي تاريخ الفلسفة الاسلامية, ظهرت لمحات عقلية باهرة, ولكنها كانت تقاوم دائما. فعندما قال أبو العلاء المعري, لا إمام الا العقل, وجد من يتهمه بالكفر, وعندما قال المعتزلة بالحسن والقبح العقليين, انهزموا أمام الاشاعرة وعندما نادي ابن رشد بحكم العقل أحرقوا كتبه, وانتصر من قال بتهافت الفلاسفة.
ومع ذلك فإن العصر الحديث يشهد علي وجود العديد من أنصار العقل الأقوياء أمثال محمد عبده, ولطفي السيد, وطه حسين, والشيخ شلتوت, وكذلك الشيخ محمد سيد طنطاوي الذي أفتي بدون خوف أو تردد, بعدم تحريم فوائد البنوك, ولكن المعركة مازالت قائمة, بينما انتهت في الغرب الي انتصار حاسم, لأنصار العقل, والعلم التجريبي, والدول المدنية.
ومن الصعب أن نحصر في مصر, أنصار العقل, ودعاة الثقافة والتنوير, فهم في تزايد مستمر, ومن الانصاف ان نضيف الي من سبق ذكرهم, مع حفظ الالقاب, زكي نجيب محمود, ومراد وهبة, وحازم الببلاوي, والسيد ياسين, ويحيي الجمل, وجابر عصفور, وهشام صادق, وحسين أحمد أمين, وأحمد عبد المعطي حجازي, وغيرهم كثير كثير.
وقد قال الدكتور السنهوري, في أثناء مناقشة المادة الأولي من القانون المدني, أمام مجلس الشيوخ, إن المقصود بمبادئ الشريعة الاسلامية, وهي المبادئ الكلية التي لاخلاف عليها بين الفقهاء, وقال الدكتور منصور مصطفي منصور, أكبر أساتذة القانون المدني في مصر في الوقت الحاضر إن أبرز مثال علي هذه المبادئ الكلية قاعدة لاضرر ولاضرار.
وقال أحد كبار المفكرين الاسلاميين المعاصرين, إن المقصود بالشريعة هو العدل.
وهو بهذا يلتحق دون ان يعلن ذلك, بالمعتزلة, الذين طابقوا بين القانون الالهي والقانون الطبيعي أو القانون العقلي.
وقال البعض, إن الإمام محمد عبده, كان آخر المعتزلة.
ومع ذلك فإن دعاة الثقافة والتنوير, ينأوون بأنفسهم عن المعتزلة, لأن هؤلاء قد انهزموا في التاريخ الاسلامي, والهزيمة ليس لها أب يتبناها, ومن الأفضل الدفاع عن العقل تحت أسماء أخري, وشعارات جديدة مبتكرة, وهذا ما يفعله فعلا أنصار العقل في مصر.
حيث نصت المادة الأولي من القانون المدني, علي أن يرجع القاضي, إلي القانون الطبيعي, إذا لم يجد الحكم في التشريع أو العرف, فما هو المقصود بالقانون الطبيعي لدي فلاسفة القانون؟
القانون الطبيعي عند أرسطو هو القانون العقلي, وهو أيضا العدل المطلق, أوالعدل في ذاته, وهو يقول نحن نفرق بين العدل في ذاته, والعدل داخل المجتمع, وبتعبير آخر نفرق بين القانون الطبيعي المطلق, وبين القانون الوضعي النسبي.
والقانون الطبيعي عند الفيلسوف الألماني الأشهر كانت, هو الأمر الأخلاقي المطلق. ومصدر القانون الطبيعي هو العقل الخالص, أو العقل الكلي, أو العقل المكون, وليس العقل المتكون بحسب ظروف المكان والزمان, أما مصدر القانون الوضعي فهو عقل المشرع في مكان معين في لحظة تاريخية معينة.
والقانون الطبيعي علي سبيل التبسيط, هو العقد الاجتماعي, عند جان جاك روسو, وجون لوك, والعقد الاجتماعي ليس عقدا اراديا, فلم يتم أبدا من الناحية التاريخية التوقيع علي مثل هذا العقد, وإنما هو عقد عقلي, لا يجوز بمقتضاه التنازل عن الحقوق غير القابلة للتنازل عنها, وهي ما أطلق عليها فيما بعد حقوق الانسان. فنظرية العقد الاجتماعي, هي مجرد تبسيط ومحاولة فلسفية لشرح المقصود بالقانون الطبيعي.
وباختصار فإن القانون الطبيعي لدي جميع الفلاسفة, علي اختلاف نظرياتهم ومصطلحاتهم, هو العدل المطلق من ناحية, وهو العدل العقلي من ناحية أخري, وهو بهذا يسمو علي القانون الوضعي النسبي في مصدره الانساني التاريخي, حاجته المستمرة الي التطور, والقانون الوضعي ينبغي ان يستلهم دائما العدل المطلق, حتي يكون العدل في المجتمع قريبا بقدر الإمكان من العدل في ذاته.
فما هو موقف الفلسفتين المسيحية والإسلامية من القانون الطبيعي؟
الأديان لاتعرف القانون الطبيعي أو القانون العقلي. ولكنها تعرف فقط القانون الإلهي, ومصدره الكتب المقدسة.
ومع ذلك فإن الفلاسفة المسلمين والمسيحيين, لم يقنعوا بهذا التبسيط. وحاولوا الربط من جديد بين القانون الالهي والقانون العقلي, ففي الفلسفة المسيحية, عقد توماس الاكويني اكبر الفلاسفة المسيحيين, الصلح بين ارسطو والفلسفة المسيحية, فهو أخذ بكل ما قاله ارسطو عن القانون الطبيعي والقانون الالهي, واستعان في هذه المطابقة بآراء المعتزلة في مسألة الحسن والقبح العقليين, ونقل عنهم حرفيا, ان الله لا يأمر بشيء, إلا لأنه حسن بحسب العقل, ولا ينهي عن شيء إلا لأنه قبيح في نظر العقل, بل إن الله جلت قدرته لايستطيع ان يجعل الحسن قبيحا, والقبيح حسنا, وهذه هي عبارات المعتزلة بالحرف الواحد, وهم سبقوا توماس الأكويني بثلاثة قرون تقريبا.
وقد انهزم المعتزلة في التاريخ الاسلامي أمام الاشاعرة, بينما انتصر توماس الاكويني الذي نقل عنهم, وتصالح مع ارسطو والفلسفة اليونانية, واتجهت الحضارة الغريبة بعد ذلك الي عصر النهضة القائمة علي احترام العقل.
وفي تاريخ الفلسفة الاسلامية, ظهرت لمحات عقلية باهرة, ولكنها كانت تقاوم دائما. فعندما قال أبو العلاء المعري, لا إمام الا العقل, وجد من يتهمه بالكفر, وعندما قال المعتزلة بالحسن والقبح العقليين, انهزموا أمام الاشاعرة وعندما نادي ابن رشد بحكم العقل أحرقوا كتبه, وانتصر من قال بتهافت الفلاسفة.
ومع ذلك فإن العصر الحديث يشهد علي وجود العديد من أنصار العقل الأقوياء أمثال محمد عبده, ولطفي السيد, وطه حسين, والشيخ شلتوت, وكذلك الشيخ محمد سيد طنطاوي الذي أفتي بدون خوف أو تردد, بعدم تحريم فوائد البنوك, ولكن المعركة مازالت قائمة, بينما انتهت في الغرب الي انتصار حاسم, لأنصار العقل, والعلم التجريبي, والدول المدنية.
ومن الصعب أن نحصر في مصر, أنصار العقل, ودعاة الثقافة والتنوير, فهم في تزايد مستمر, ومن الانصاف ان نضيف الي من سبق ذكرهم, مع حفظ الالقاب, زكي نجيب محمود, ومراد وهبة, وحازم الببلاوي, والسيد ياسين, ويحيي الجمل, وجابر عصفور, وهشام صادق, وحسين أحمد أمين, وأحمد عبد المعطي حجازي, وغيرهم كثير كثير.
وقد قال الدكتور السنهوري, في أثناء مناقشة المادة الأولي من القانون المدني, أمام مجلس الشيوخ, إن المقصود بمبادئ الشريعة الاسلامية, وهي المبادئ الكلية التي لاخلاف عليها بين الفقهاء, وقال الدكتور منصور مصطفي منصور, أكبر أساتذة القانون المدني في مصر في الوقت الحاضر إن أبرز مثال علي هذه المبادئ الكلية قاعدة لاضرر ولاضرار.
وقال أحد كبار المفكرين الاسلاميين المعاصرين, إن المقصود بالشريعة هو العدل.
وهو بهذا يلتحق دون ان يعلن ذلك, بالمعتزلة, الذين طابقوا بين القانون الالهي والقانون الطبيعي أو القانون العقلي.
وقال البعض, إن الإمام محمد عبده, كان آخر المعتزلة.
ومع ذلك فإن دعاة الثقافة والتنوير, ينأوون بأنفسهم عن المعتزلة, لأن هؤلاء قد انهزموا في التاريخ الاسلامي, والهزيمة ليس لها أب يتبناها, ومن الأفضل الدفاع عن العقل تحت أسماء أخري, وشعارات جديدة مبتكرة, وهذا ما يفعله فعلا أنصار العقل في مصر.