منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمشكلات السياسية الدولية
#47834
تعيش دول الخليج العربي في الوقت الراهن لحظات حاسمة بشأن أمنها وكيفية المحافظة عليه, والخطط المستقبلية التي تكفل لها ردع المحاولات الهادفة لاختراقها أمنيا من الدول الإقليمية أو الخارجية, ومن أهم الهواجس التي تسيطر على هذه الدول المحاولات الإيرانية المستمرة لتنمية قدراتها العسكرية والتهديد بشن حروب للمحافظة على سلاحها النووي وإصرارها على استمرار احتلال الجزر الإماراتية والتدخل في شؤون العديد من الدول الخليجية عن طريق دعم المواطنين الشيعة في هذه الدول بشكل مباشر أو غير مباشر.
أهمية المنطقة:
ولعل من الأمور التي تثير لعاب القوى الإقليمية والخارجية لمحاولة النيل من منطقة الخليج والسيطرة عليها بشكل أو آخر, هو أهمية هذه المنطقة، نظرا لما تمتلكه دول المنطقة من ثروات نفطية هائلة، وهي المحرك الأساسي للنهضة الصناعية التي تعيشها أوروبا وتسببت في رفاهيتها في العقود الأخيرة, وتريد الحفاظ عليها, وكانت السبب في مجيء جيوشها للمنطقة بدعوى ردع صدام... وعند الحديث عن أمن الخليج لا يمكن استبعاد الولايات المتحدة الأمريكية من المعادلة ولكنها في الفترة الأخيرة بدأت في الدخول في صفقات مع إيران لتوزيع الأدوار كما يحدث في العراق وهو الأمر الذي يزيد من خطورة الدور الإيراني, حيث أن الدور الأمريكي يتركز على تأمين مصالحه مع أي طرف في المنطقة.
مخاوف خليجية:
ظهرت هذه المخاوف بشكل كبير منذ سنوات وازدادت مؤخرا مع الإعلان المستمر لطهران عن تطور في برنامجها النووي وتمكنها من صنع صواريخ جديدة طويلة المدى وإجرائها العديد المناورات في الخليج كان آخرها المناورة التي بدأت الأاربعاء الماضي, وتستمر 8 أيام وهي المناورة الثانية خلال أقل من أسبوع, حيث يجري تجريب العديد من الأسلحة المتطورة من قوارب وصواريخ وغواصات في مياه الخليج الذي تصر إيران على تسميته بالفارسي في تحد سافر لمشاعر دول الخليج وفي رسالة لا تخلو من تهديد, أضف إلى ذلك التأكيد من حين لآخر على الاعتزاز بالإمبراطورية الفارسية التي أزالها العرب المسلمون؛ الأمر الذي يؤكد المخاوف الخليجية ويشير إلى أن هذه القوة لا توجه لأمريكا بقدر من توجيهها لدول الجوار.
الأمن الداخلي:
من الأمور التي أصبحت مثار اهتمام من دول الخليج هو حماية الأمن الداخلي وارتباطه الوثيق بالأمن الخارجي وذلك بعد ضبط عدد من الخلايا التجسسية في المنطقة تعمل لصالح لإيران كما حصل مؤخرا في الكويت, وهي إحدى الطرق التي تستخدمها طهران لزعزعة استقرار هذه الدول, وقد بحث وزراء الداخلية في دول مجلس التعاون الخليجي خلال اللقاء التشاوري الذي عقد في الرياض مؤخرا، مقترحا كويتيا بشأن تعديل الاتفاقية الأمنية المشتركة لمواجهة التحديات الطارئة. وقد أبدى الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية السعودي ترحيبه بالمقترح. وتم التباحث خلال اللقاء في المخاطر الجديدة التي تهدد أمن الخليج على الصعيد الداخلي وكيفية مواجهتها كما تم التباحث في قضية التخابر مع إيران التي كشفتها الكويت مؤخرا, وصاحبها الكثير من ردود الأفعال الغاضبة تمثلت في المطالبة بطرد السفير الإيراني من البلاد, وعدم التهاون مع المتهمين وعدم ترك المجال لإيران لتحجيم القضية بالطرق الدبلوماسية؛ حتى يتم فضح مخططاتها بشكل واضح أمام بعض الجماهير العربية المخدوعة في شعاراتها.
مخططات خطيرة:
من الأمور التي تم الكشف عنها كذلك وأصابت المطلعين على الشأن الخليجي بالصدمة من خطورة محتوياتها المخطط الذي كشفت عنه "المنظمة الإسلامية السنية الأحوازية" بشأن مخطط إيراني سري للحرب في منطقة الخليج والذي يعتمد على ضرب أهداف عسكرية وصناعية ومدنية دقيقة في الكويت, واحتلال محافظات في جنوب العراق تمهيداً للدفع بنحو 400 ألف عسكري إلى منطقة الخفجي باتجاه المملكة العربية السعودية, بالإضافة إلى شن هجمات بحرية وجوية على كل من الإمارات والبحرين وقطر. وقال التقرير الذي نشرته المنظمة نقلاً عن ضابط رفيع "متعاون معها" من استخبارات "الحرس الثوري": إن "طهران حشدت قوات ضخمة من الحرس والجيش والبحرية في الأحواز المحتلة وعلى طول الساحل الايراني والجزر الإماراتية المحتلة, استعداداً لشن حرب مباغتة, بإشراف شخصي من المرشد الأعلى علي خامنئي". وأضاف التقرير: "في غضون 18 شهرًا ستعلن إيران نفسها قوة نووية من خلال الكشف عن صنع مابين قنبلتين وأربع قنابل نووية, أو ستعلن الحرب للخروج من الأزمات التي تمر بها تطهير الجيش والحرس من القيادات غير الموالية للولي الفقيه خشية حدوث تمرد". وكشف التقرير عن "مخطط احتلال محافظات ميسان وذي قار والمثنى جنوب العراق بغية فصل البصرة عن بغداد والانطلاق باتجاه المملكة العربية السعودية فضلاً عن استهداف أهداف دقيقة عسكرية وصناعية ومدنية في شمال دولة الكويت والخفجي (محافظة سعودية تقع في شمال المنطقة الشرقية بالقرب من الحدود الكويتية) والجبيل (وهي مدينة سعودية تقع في المنطقة الشرقية من أكبر المدن الصناعية في المملكة)". وتابع التقرير أنه وبالإضافة إلى تجهيز وحدات من "آلاف الانتحاريين" وتحضير كميات هائلة من الغازات السامة, فقد حولت القيادة العسكرية الإيرانية طائرات من طراز "ميج 21" الصينية السريعة إلى طائرات انتحارية مفخخة بمواد شديدة الانفجار ومواد أخرى كيماوية وبيولوجية لاستهداف البنية الدفاعية والصناعية والاقتصادية في الإمارات وقطر والبحرين, كما أعدت قواعد بحرية لمهاجمة أهداف في قطر والبحرين عبر استخدام الزوارق والطرادات الهجومية السريعة".
كيف تحمي دول الخليج نفسها؟
من الخيارات التي طرحها عدد من الخبراء لحماية دول الخليج من الأخطار المحدقة رفع قدرات وتدعيم قوة درع الجزيرة، ودرع الجزيرة قوة تكونت من ما مجموعه حوالي ست كتائب من دول مجلس التعاون الخليجي لتقوم بمهمة دعم أي دولة من هذه الدول يقع ضدها أي اعتداء بري، وقد قدّرت الأمانة العسكرية أخطر اتجاهات التهديد من بداية الأمر على أنه في اتجاه محور العراق/ الكويت، وذلك في عهد صدام حسين؛ لذلك فقد تمركزت هذه القوة في منطقة حفر الباطن شمال شرق السعودية في اتجاه الكويت، ومن المهم أن يستمر الاحتفاظ بهذه القوة وتنمية قدراتها وإمكانياتها وعددها، لكن مع تعديل مهامها لتعمل كقوة تدخل سريع لتأمين الأهداف الحيوية في دول مجلس التعاون الخليجي, كما أن من الأهمية بمكان تطوير القدرات العسكرية الخليجية وتزويد الجيوش الخليجية بأحدث أنواع الأسلحة وتطوير التنسيق بينها وإعداد عدد من الاتفاقات الأمنية الحديثة التي تغطي الثغرات التي يمكن أن تعيق أي تحرك مشترك.
مزاعم إيرانية:
تسعى إيران للالتفاف على المخاوف الخليجية بزعم أن أمن الخليج يخص أهله وأنه يجب أن يتعاون الجميع في هذا الأمن بما فيها طهران ناسية أو متناسية الاختراقات الإيرانية المستمرة للأمن الخليجي والخلافات الحادة بسبب احتلال الجزر الإماراتية والتصعيد الطائفي الذي تتولى كبره في اليمن والبحرين والآن في الكويت.. إن طهران تسعى لتطمين دول الخليج من الذئب القريب بإخافتها من الثعلب البعيد والمتمثل بالولايات المتحدة حتى تستخدم هذه الدول في صراعها مع واشنطن رغم أن دول الخليج قد تستفيد من هذا النزاع لتقوية جبهتها قبل أن يتحالف الذئب والثعلب عليها.