- السبت إبريل 28, 2012 7:24 pm
#49267
الطبقة الوسطى في المملكة تكونت في الثمانينيات كنتيجة لأموال النفط التي جاءت على غير ميعاد، والتي صُرف غالبها على رواتب الوظائف الحكومية في صورة مُقنعة للضمان الاجتماعي. وما أصبح الناس يشعرون به اليوم من تناقص الطبقة الوسطى عندنا، ما هو إلا لعجز البترول عن المواصلة في تقديم الأموال لكافة السعوديين من أجل استئجار نفس المساحة المكانية للطبقة الوسطى في المجتمع. وكون الطبقة الوسطى عندنا مستأجرة بأموال النفط لا مملوكة حقيقة دليل قوي على أننا ما زلنا نراوح في مكاننا اقتصادياً حيث كنا قبل البترول ولم نتطور ولم ننمو حقيقة.
ظهور الطبقة الوسطى كالشريحة الأغلب في المجتمعات المتطورة هو ظاهرة حديثة نسبياً لا تتعدى تاريخياً عقود ما بعد الثورة الصناعية وعلى الأخص في البلاد الديمقراطية. فتاريخياً، عبر الأزمان والأماكن والأيدولوجيات، كان أغلب أفراد المجتمع طبقة كادحة، تعمل لتأكل. وما الحضارات الإغريقية والفرعونية والفارسية والصينية والهندية والأندلسية وغيرها إلا شواهد على سفك دماء كثير من أفراد المجتمع في حروب على السلطة من أجل تسخير بقية أفراد المجتمع لبناء القصور الفارهة والأسوار العظيمة والأهرامات والحدائق للقياصرة، ومن أجل تقديم مما لا يمكن تحصيله اليوم بسبب ندرته وصعوبة صناعته من أرق الثياب وأجمل المفروشات وأطيب الطعام لهذه القلة القليلة المتمكنة.
الآلة ثم التكنولوجيا، مقترنة بالعدالة النسبية في الأنظمة الديمقراطية وفَّرت مناخاً مناسباً لنمو اقتصادي في هذه الدول مع عدالة في توزيع الثروات مما جعل الطبقة الوسطى تنمو فيها إلى أن أصبحت هي الطبقة الغالبة الوسط بين الأغنياء والفقراء.
وحد الطبقة الوسطى المتفق عليه هو كون أفرادها قادرين على استهلاك البضائع والخدمات غير الضرورية (أي الكمالية لا المترفة)، كالسيارات واختلاف أنواع الطعام (ليس رز أو تمر أو حنطة فقط) والقدرة على التمتع بالإجازات وتوفر الخدمات الصحية في غير الطوارئ. والمسكن من الضروريات لذا فلا يُدخل امتلاك فئة لمنازلها في حد الطبقة الوسطى. ففي فيتنام مثلاً، نسبة امتلاك المنازل تزيد عن 100%، فالفيتناميون يمتلكون عادة أكثر من منزل، وأكثرهم مصنف من الطبقة الفقيرة. وفي أمريكا في أخر إحصاء متشائم ومتشدد، كانت الطبقة الوسطى تشكل 45% من السكان رغم أن نسبة تملك المنازل عندهم أكثر من 70%.
الطبقة الوسطى لكي تكون حقيقية ومستمرة يجب أن تُوجد نفسها بنفسها، لا أن تُنفخ بتوصيلات خارجية. ومعنى توجد نفسها بنفسها أي أن يكون إنتاجها الذاتي هو الذي يخلق الوظائف وهو الذي ينتج ثمن ما تستهلكه من البضائع والخدمات غير الضرورية. وعلى هذا فمكانة الطبقة الوسطى عندنا في الواقع هي مستأجرة بأموال النفط. فنحن لا ننتج غالباً ما نستهلكه من غير الضروريات ولا ننتج بأيدينا ما يمكن أن نشتريه من العالم من هذه البضائع، إنما هي أموال النفط ننفقها لاستئجار هذه المكانة، تماماً كما يستأجر غالب الناس منازلهم.
هناك نوعان من تبلد الإحساس بالمصائب القادمة. الأول عندما تكون المصيبة حتمية، كمصيبة الموت فهو واقع لا محالة فالإنسان يعيش يومه. وأما تبلد الإحساس الثاني فهو عندما تعميه السكرة وبهجة اللحظة عن المصيبة القادمة مثل اندفاع الناس وراء كل فقاعة حتى تنفجر فيهم رغم علمهم بحتمية انفجارها، كفقاعات الأسهم وموضة أفغانستان والصيرفة الإسلامية وغيرها، والمسكوت عنه أن وضع الطبقة الوسطى عندنا ما زال في الإمكان أن نجعله ملكية حقيقية لا استئجاراً، رغم قصر المدة المتوقعة لتحمل البترول على دفع تكاليف استئجار مكانة الطبقة الوسطى، فالدول الناشئة في جنوب آسيا استطاعت أن تخلق طبقة وسطى وتنموا سريعاً في مدة زمنية قصيرة نسبياً مقارنة بتكون الطبقة الوسطى ونموها في أوربا الغربية وأمريكا. وهذا لا يكون إلا بالاعتراف بواقعنا ثم إدراكنا لمسبباته الحقيقية ثم العمل على تجنيب أبنائنا وأحفادنا مصيبة اختفاء الطبقة الوسطى السعودية، وترك التسويف فالزمن لم يعد كما كان فقد أصبحت الحوادث سريعة كغيرها من مظاهر الحياة.
ظهور الطبقة الوسطى كالشريحة الأغلب في المجتمعات المتطورة هو ظاهرة حديثة نسبياً لا تتعدى تاريخياً عقود ما بعد الثورة الصناعية وعلى الأخص في البلاد الديمقراطية. فتاريخياً، عبر الأزمان والأماكن والأيدولوجيات، كان أغلب أفراد المجتمع طبقة كادحة، تعمل لتأكل. وما الحضارات الإغريقية والفرعونية والفارسية والصينية والهندية والأندلسية وغيرها إلا شواهد على سفك دماء كثير من أفراد المجتمع في حروب على السلطة من أجل تسخير بقية أفراد المجتمع لبناء القصور الفارهة والأسوار العظيمة والأهرامات والحدائق للقياصرة، ومن أجل تقديم مما لا يمكن تحصيله اليوم بسبب ندرته وصعوبة صناعته من أرق الثياب وأجمل المفروشات وأطيب الطعام لهذه القلة القليلة المتمكنة.
الآلة ثم التكنولوجيا، مقترنة بالعدالة النسبية في الأنظمة الديمقراطية وفَّرت مناخاً مناسباً لنمو اقتصادي في هذه الدول مع عدالة في توزيع الثروات مما جعل الطبقة الوسطى تنمو فيها إلى أن أصبحت هي الطبقة الغالبة الوسط بين الأغنياء والفقراء.
وحد الطبقة الوسطى المتفق عليه هو كون أفرادها قادرين على استهلاك البضائع والخدمات غير الضرورية (أي الكمالية لا المترفة)، كالسيارات واختلاف أنواع الطعام (ليس رز أو تمر أو حنطة فقط) والقدرة على التمتع بالإجازات وتوفر الخدمات الصحية في غير الطوارئ. والمسكن من الضروريات لذا فلا يُدخل امتلاك فئة لمنازلها في حد الطبقة الوسطى. ففي فيتنام مثلاً، نسبة امتلاك المنازل تزيد عن 100%، فالفيتناميون يمتلكون عادة أكثر من منزل، وأكثرهم مصنف من الطبقة الفقيرة. وفي أمريكا في أخر إحصاء متشائم ومتشدد، كانت الطبقة الوسطى تشكل 45% من السكان رغم أن نسبة تملك المنازل عندهم أكثر من 70%.
الطبقة الوسطى لكي تكون حقيقية ومستمرة يجب أن تُوجد نفسها بنفسها، لا أن تُنفخ بتوصيلات خارجية. ومعنى توجد نفسها بنفسها أي أن يكون إنتاجها الذاتي هو الذي يخلق الوظائف وهو الذي ينتج ثمن ما تستهلكه من البضائع والخدمات غير الضرورية. وعلى هذا فمكانة الطبقة الوسطى عندنا في الواقع هي مستأجرة بأموال النفط. فنحن لا ننتج غالباً ما نستهلكه من غير الضروريات ولا ننتج بأيدينا ما يمكن أن نشتريه من العالم من هذه البضائع، إنما هي أموال النفط ننفقها لاستئجار هذه المكانة، تماماً كما يستأجر غالب الناس منازلهم.
هناك نوعان من تبلد الإحساس بالمصائب القادمة. الأول عندما تكون المصيبة حتمية، كمصيبة الموت فهو واقع لا محالة فالإنسان يعيش يومه. وأما تبلد الإحساس الثاني فهو عندما تعميه السكرة وبهجة اللحظة عن المصيبة القادمة مثل اندفاع الناس وراء كل فقاعة حتى تنفجر فيهم رغم علمهم بحتمية انفجارها، كفقاعات الأسهم وموضة أفغانستان والصيرفة الإسلامية وغيرها، والمسكوت عنه أن وضع الطبقة الوسطى عندنا ما زال في الإمكان أن نجعله ملكية حقيقية لا استئجاراً، رغم قصر المدة المتوقعة لتحمل البترول على دفع تكاليف استئجار مكانة الطبقة الوسطى، فالدول الناشئة في جنوب آسيا استطاعت أن تخلق طبقة وسطى وتنموا سريعاً في مدة زمنية قصيرة نسبياً مقارنة بتكون الطبقة الوسطى ونموها في أوربا الغربية وأمريكا. وهذا لا يكون إلا بالاعتراف بواقعنا ثم إدراكنا لمسبباته الحقيقية ثم العمل على تجنيب أبنائنا وأحفادنا مصيبة اختفاء الطبقة الوسطى السعودية، وترك التسويف فالزمن لم يعد كما كان فقد أصبحت الحوادث سريعة كغيرها من مظاهر الحياة.