منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
By مشاري الجنيدل 5 0
#50348
وهو يشتغل في إطار فكري يعتمد التاريخ الدعوي, وأسس العمل الإسلامي التي وضعها المرجع محمد باقر الصدر, لكنه كبقية قيادات الحزب لم يكن معروفا لقطاعات واسعة من الشعب العراقي قبل العام 2003.

وكان المواطنون في العراق لا يعرفون من حزب الدعوة الإسلامية سوى العبارة الشهيرة( حزب الدعوة العميل) التي روج لها النظام السابق عبر وسائل إعلامه, ومن خلال الخلايا البعثية الحاكمة في المجموعات البشرية القاطنة في مدن وأرياف العراق, ولم يكن الناس يرغبون بالمزيد من المعلومات خشية البطش, ولأن كثيرين من الشيعة في الوسط والجنوب كانوا على صلة بأعضاء أعدموا, وكانوا ناشطين ضمن صفوف الحزب, فقد حاولوا أن يبعدوا عنهم تلك الشبهة خشية الإعدام الذي كان من أسرع الأحكام التي تصدرها المحاكم الثورية المتصلة بمجلس قيادة الثورة الذي إشتهر عنه قرار (إعدام الدعاة ) الذي يحكم بالإعدام حتى على الذين تركوا حزب الدعوة, وكانوا يجلبون ليعدموا بوحشية, بعد وجبات من الوحشية في تعذيب سري بزنازين مغلقة.

عندما حصل الحزب على السبق في تشكيل الحكومة العراقية ,والخلاف الذي تلا وأدى الى إقصاء الدكتور الجعفري, كان وجود رئيس الوزراء الحالي السيد نوري المالكي غير واضح المعالم لكنه كان يحتفظ بقدرات منها (الشراسة, والقدرة على المناورة, والإيقاع بالخصوم).

كان المالكي بالفعل على العكس من الجعفري يمتلك الحظ, ففي ظروف غاية في التعقيد توافقت عليه قوى دولية وإقليمية .. إستطاع الرجل أن يمسك بخيوط اللعبة وكان يلاحق تلك الخيوط أينما وجدت, في النجف, أو في طهران, أو في دمشق, وصولا الى واشنطن, وعواصم عربية أخرى, وما حدث خلال السنوات الماضية كانت الأحداث تضعف خصومه, وتقويه, وكان الحظ يلعب الى جانبه, وكانت الأخطاء كذلك تعود عليه بالنفع, ونتيجة وعيه بتلك الأحداث, وإدراكه للإرادة الأمريكية, والإقليمية, فقد تمكن من عمله, حتى صار الحديث عن المالكي يعني الحديث عن حزب الدعوة, بينما لم يعد الحديث عن الدعوة يعني الحديث عن المالكي, وصار أكبر من وجود حزبه.

لا أعرف من الذي سرب خبر عزم المالكي الخروج من حزب الدعوة الإسلامية, وتشكيل كيان مرتبط به شخصيا كما نقلت صحيفة البيان الإماراتية في عددها الصادر يوم الثاني عشر من إبريل, في خطوة شبيهة بالتي بدأها الجعفري الذي خرج مغضبا لاراضيا كما هو الحال مع المالكي الآن.

وفي واحدة من الإستفتاءات التي عرضت على السيد مقتدى الصدر, حول إمكانية تشكيل الحكومة المقبلة أوضح أن ذلك يعود لإرادة الناس والأنصار, وهو القول الذي فسره البعض بأنه قبول مبدئي بهذه الفكرة, فهل إن المالكي صار يؤمن اكثر بقدراته الذاتية, أو صار يشعر بان التحزب في مرحلة التململ العراقية الحالية لا يجدي لتحقيق الغلبة في التنافس السياسي والصراع مع الآخر المناوئ؟

وأنه يجب أن يدخل بإسم (نوري المالكي) في الإنتخابات المقبلة وليتبعه من شاء أو يبتعد من شاء دون أن يمنح الفرصة لأحد أن يستند إليه ويفوز ويحصل على كرسي وزارة أو برلمان.

المالكي حقق نجاحات هائلة على الصعيد الشخصي تفوق ما حققه على الصعيد الوطني, وهو في كل الأحوال معرض لمواجهة تحديات حتى أكبر من التي واجهها في السابق, وعلينا الإنتظار أكثر لنتعرف على الصورة كيف تكون.