منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
#50502
الاثنين, 21 مارس 2011 14:33





انقضت العشرية الأولي من القرن الحادي والعشرون بمتغيرات واسعة، كان في مقدمتها أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية واعتبرها المراقبون بأنها بلا شك تقود لمرحلة تاريخية جديدة سيشهدها العام عنوانها الرئيسي في تلك الساعة الحرب ضد الإرهاب وبداية لواقع جديد في النسق الدولي. وكانت من النتائج المباشرة لتلك الأحداث احتلال أفغانستان والعراق من قبل قوات النيتو أو التحالف الغربي وعلي رأسه الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة الوجع التي جرحت في كرامتها وكبريائها في تلك الأحداث.كانت مرحلة التسعينات من القرن الماضي قد شهدت جملة من الحروب في البلقان والصومال والفلبين وإثيوبيا وجنوب السودان، شكلت مخاضا عسيرا للدخول إلي القرن الجديد الذي بدأت طلائعه بمتغيرات في النسق الدولي بدخول دول جديدة في المنظومة المجتمعية كمؤشر إلي ما سربته بعض مراكز الدراسات الاستشراقية في الغرب حول ضرورة استعداد المجتمع الدولي لقبول ما يربو علي العشرين من الدول كأعضاء في المنظمة الدولية، في إطار مفاهيم وقيم جديدة تشكل المنهج الذي سيتبعه النظام العالمي الجديد وفي مقدمتها الحريات وحقوق الأقليات والشفافية والحكم الرشيد بجانب حقوق الإنسان كأساس للحكم، وهذه القيم تقتضي للراغبين في امتثالها ضرورة التنازل عن الفهم القديم للسيادة الوطنية لصالح هذه القيم الجديدة. كذلك شهد العقد الأول من هذا القرن تغيرات مناخية شكلت تحديا كبيرا لهذا الكوكب الذي نعيش فيه وأسهمت في زيادة مشكلات العالم تعقيدا، تبع ذلك الأزمة المالية والاقتصادية التي اجتاحت الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية ومنطقة الشرق الوسط في إشارة رمزية لاختبار النظام الرأسمالي الذي ظل مهيمنا وممسكا بتلابيب الاقتصاد العالمي منذ الربع الأخير من القرن الماضي، بعد انهيار المنظومة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية. ذاد الطين بله تلك الكوارث الطبيعية من زلازل وفيضانات توسنامي ضربت مناطق واسعة من العالم كان أخرها زلزال اليابان الذي بلغت درجة قوته 8.9 درجة من مقياس ريختر وما تزال الإحصاءات بشان الخسائر جارية و انعكاساته و آثاره علي الاقتصاد والبيئة بلا شك كبيران. ولما كانت منطقة الشرق الأوسط تمثل محور العالم ومهد الحضارات الإنسانية ومركز الأحداث ذات الأثر المباشر علي المنظومة الدولية، فان المقدمات التي أطلقها الغرب من خلال الوثائق التي سربها موقع ويكي ليكس ما هي إلا إشارة رمزية لمرحلة جديدة في المنطقة الحيوية عنوانها فك الارتباط بين الغرب والنظام الرسمي في دول العالم الثالث، من خلال اعتماد آليات جديدة أكثر فاعلية في مقدمتها الإعلام الذي أصبح يشكل المتغير الرئيسي في الأحداث التي يشهدها الإقليم. بجانب شبكة التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر وغيرهما. إن ما يجري حاليا في منطقة شمال أفريقيا علي الضفة الجنوبية للبحر المتوسط ربما يشكل في القريب العاجل مادة التغير الرئيسة علي مستوي النسق الدولي، اذ بدأت نذر ذلك تظهر من خلال التصويت الذي جري في مجلس الأمن مساء الخميس 17/ مارس 2011 و تشير القراءة الأولية لهذا القرار 1973 أن انقساما سيواجهه المجتمع الدولي مستقبلا من خلال التصويت الذي جرى بشان القرار وأدى لامتناع مجموعة مهمة كالصين وروسيا اللذان يملكان حق النقض بجانب الهند والأرجنتين ذات الاقتصاديات الناهضة القوية فضلا عن ألمانيا بتاريخها المقدر وقدراتها الصناعية المعتبرة. السؤال الذي يطرح نفسه هل تقود هذه المواقف نحو تشكيل حلف جديد يسعى للضغط باتجاه إصلاحات واسعة لمجلس الأمن كمرحلة تاريخية جديدة تماثل التطور الذي جاء في أعقاب الحرب العامية وأدى إلى انهيار عصبة الامم و بروز الأمم المتحدة بشكلها الراهن. في تقديرنا أن عملية التغيير والإصلاح داخل المنظمة الدولية هو النتيجة الحتمية التي تأتى في سياق الصراع والمخاضات التي يشهدها العالم. وربما حدث التغيير في المدى المتوسط لإعادة التوازن الي المنظمة الدولية . فان الخاسر الأكبر و الحالة هذه ستكون بلا ريب إسرائيل التي ستفقد الغطاء والمشروعية وربما تذعن فى نهاية الامر لقرارات المنظمة الدولية التى ظلت حبر على ورق بشان اسرائيل . ومهما يكن من أمر فان التفاؤل والأمل والرجاء يظل قائما. أعلل النفس بالآمال ارقبها **** ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل لقد وجدت الجامعة العربية كذلك نفسها في موقف لا تحسد عليه. هذا الموقف قادها لاتخاذ قرار يقضي بتجميد عضوية ليبيا والطلب إلي مجلس الأمن فرض حظر جوي يغرض حماية المدنيين، في ظل عدم المسؤولية والحالة الجنونية التي اعتمدها آل القذافي في مواجهة شعبهم المنتفض، ولعل الحرج الذي تجد الجامعة العربية نفسها فيه هو كيف أنها ستواجه بقية الأزمات المتلاحقة والجارية حاليا في المنطقة العربية والتي أضحت مماثلة لما يجري في ليبيا سيما وان الأحداث تتحرك ككرة الثلج تتزايد باضطراد غريب! ام هل ستقود هذه الاحداث الي تلاشي الجامعة العربية والبحث عن صيغة جديدة للنظام العربي تكون اكثر فاعلية وأثرا علي الأحداث في المنطقة تمكنها من اتخاذ آليات التدخل السريع في الأزمات التي تشهدها دول الإقليم في ظل القدرات والموارد المادية والبشرية التي يتمتع بها العرب. مع ذلك فان تعقيدات الأمور في المنطقة الشرق الاوسط تقودنا للنظر في الدور الإيراني المؤثر في الأحداث والموقف التركي الأكثر عقلانية في تعامله مع التطورات، ولإن كان العالمان العربي والإسلامي يدركان أن عدوهما الأول هو إسرائيل والغرب. إلا أن الخلافات المذهبية والمصالح الضيقة دوما تقف حجر عثرة أمام رؤية جامعة موحدة للعالم العربي والإسلامي تمكنها من تأطير نفسيهما لمواجهة التحديات الدولية المتزايدة وسد الفراغ الذي يعاني منه العالم بفعل الأحادية القطبية. ولابد من إعادة التوازن المفقود في النسق الدولي حتى تستقيم الأمور . المجموعة الأفريقية رغم قوتها التصويتية الكبيرة وسط الجماعة الدولية، إلا أنها لا زالت عاجزة أمام نفسها، تتسول المواقف في بعض الموائد الدولية دون أن يكون لها موقفها الخاص، فقد حانت ساعة الزحف ودقت ساعة الصفر فإلي الأمام من أجل إصلاحات شاملة تعيد التوازن إلي المنظمة الدولية و إعادتها إلي رشدها وعدلها فهي قوام النجاح. والله الموفق