- الأحد مايو 06, 2012 11:42 pm
#50616
فصلٌ لم يُختتم بعد
خلّفت الحرب الإيرانية-العراقية بين عامي 1980 و1988 إرثاً صعباً لعشرات الآلاف من العائلات التي لا تزال تنتظر الحصول على أخبار عن أحبائها المفقودين, وفي صفوفهم أعداد كبيرة من المحاربين الذين اختفوا أثناء القتال وأشخاص كانوا في السابق أسرى حرب ولا يزال مصيرهم مجهولاً.
وخلال الحرب التي دامت ثمانية أعوام, زار مندوبو اللجنة الدولية وسجلوا 40.000 أسير حرب إيراني وأكثر من 67.000 أسير حرب عراقي. وتمت, في وقت لاحق, إعادة العديد من هؤلاء الأسرى طوعياً إلى بلادهم, بدعمٍ من اللجنة الدولية. كما أكدت اللجنة الدولية مكان تواجد أسرى آخرين بعد إطلاق سراحهم. غير أنّ عشرات الآلاف من أفراد القوات المسلحة العراقية والإيرانية, من بينهم بعض أسرى الحرب, لا يزالون مجهولي المصير حتى اليوم. وإنّ سجلات شاملة بأسماء أولئك المفقودين بسبب الحرب- من المحاربين والمدنيين- غير موجودة بكل بساطة.
غيضٌ من فيض
لا يمثل أسرى الحرب المفقودين أثناء القتال إلا نسبة مئوية صغيرة من مئات الآلاف من الذين فُقدوا خلال الحرب الإيرانية-العراقية وفي النـزاعات المتتالية التي شهدها العراق خلال العقود الماضية.
ولا زال عدد لا يحصى من العائلات في كلا البلدين يسعى إلى الحصول على أية معلومات تكشف عن مصير أقربائها- من خلال القيام بجولات في المستشفيات ومخافر الشرطة ومستودعات الجثث ومعاهد الطب العدلي والمنظمات الإنسانية. ونظراً إلى انعدام الأمن السائد في العراق, فإنّ هذه الجهود غالباً ما تنطوي على مخاطر جمة.
إنّ الن ساء اللواتي فقدن أزواجهنّ أو إخوانهنّ أو أباءهنّ يكافحن في حياتهنّ اليومية, لاسيما إذا كنّ قد فقدن المعيل الرئيسي لهنّ ولا يعرفن ما إذا كنّ سيستطعن تجاوز محنتهنّ أو كيف السبيل إلى ذلك.
ويتذكر أحد مندوبي اللجنة الدولية الذي ساعد في عملية التسليم قائلاً: " عندما أعيدت الرفات البشرية من العراق إلى إيران عام 2003, اجتمعت أمهات وأخوات الجنود الإيرانيين المفقودين في مدينة " غازري شرين " الحدودية حاملات صور أحبائهنّ, ويحذونهنّ الأمل بأن يكونوا من بينهم. "
ويروي حسين قصة والديه اللذين انتظرا أحمد وهو جندي عراقي حتى آخر يوم من حياتهما ويقول: " كانت أمي تنتظر في الشارع كل موكب يحمل العائدين من إيران. وفي أحد الأيام, طلبت مني أمي أن أكتب اسم أخي على لافتة ورقية كبيرة حتى يتسنى لأحمد رؤيتها فوراً من داخل الحافلة, عندما تكون أمي واقفة على الرصيف. وعندما كانت تدرك أنّ أحمد ليس على متن الحافلة, كانت تزور جميع العائدين الذين يمكن أن تلجأ إليهم للاستفسار عنه. لكنّ أخي لم يعد قط. توفي أبي من كثرة الأسى واحتفظت أمي باللافتة بالقرب من سريرها حتى آخر رمق من حياتها. "
مهمة معقدة
قامت اللجنة الدولية, منذ نهاية الحرب, بدعم كلتا الحكومتين في محاولتهما لتحديد مصير جميع الأشخاص الذين لا زالوا مفقودين.
وتقول السيدة " جميله حمامي " , وهي مندوبة في اللجنة الدولية مسؤولة عن ملف الأشخاص المفقودين بالنسبة إلى العراق: " باتت مسألة المفقودين اليوم معقدة للغاية, فهناك الكثير من الصعوبات التي نواجهها, ومنها عدد المفقودين المرتفع والظروف الأمنية الحرجة التي لا تسمح بالمتابعة اللازمة في الميدان. "
إنّ وزارة حقوق الإنسان في العراق هي المسؤولة عن متابعة حالات جميع الأشخاص المفقودين جراء مختلف النـزاعات التي حدثت خلال العقود المنصرمة. وحسب مصادر عراقية حكومية, يتراوح عدد الأشخاص المفقودين منذ الحرب العراقية-الإيرانية بين 357.000 ومليون شخص.
وقد تسنى, بفضل جهود الوزارة واللجنة الدولية, الت أكد من مكان وجود أكثر من 200 أسير حرب عراقي منذ عام 2003. وقد عاد بعضهم إلى العراق وطلبوا من اللجنة الدولية أو من الوزارة شهادات احتجاز من أجل تسهيل المطالبة بالتعويض أو بالحصول على معاشات.
وفي حزيران/يونيو 2008, وقعت اللجنة الدولية مذكرة تفاهم مع الحكومة العراقية من أجل تعزيز الجهود الرامية إلى تحديد مصير الأشخاص الذين سبق لمندوبي اللجنة الدولية أن سجلوهم كأسرى حرب عراقيين أو إيرانيين, والذين لا يزالون مجهولي المصير.
كما تم توقيع وثيقة مماثلة مع الحكومة الإيرانية في شباط/فبراير 2004 واضعة الأساس لنهج مشترك لهذه المسألة.
وتعمل منظمات عديدة في إيران بالتوازي على نواحٍ مختلفة من الموضوع, وتقوم اللجنة المعنية بأسرى الحرب والمفقودين التابعة لهيئة أركان الجيش المشتركة بتنسيق الجهود التي تبذلها هذه المنظمات. وفي حين تتلقى جمعية الهلال الأحمر الإيراني أساساً من العائلات طلبات البحث عن المفقودين, تقوم الجمعية المعنية بشؤون الشهداء والمحاربين القدماء بتوفير الخدمات والمساعدة من جهة, وتقوم لجنة البحث عن المفقودين واستعادتهم, بمساعدة منظمات أخرى, بالتعرف على هوية الرفات البشرية من جهة أخرى.
آمال متجددة
قد تفضّل عائلات كثيرة الحصول على تأكيد من أنّ أي قريب مفقود هو في عداد الموتى بدلاً من البقاء في جهل تام عما آل إليه هذا الشخص. وتقول " أشواق " , وهي امرأة عراقية فقدت شقيقها: " أظنّ أنه من الأسهل رؤية جثمان شخص يجري البحث عنه. لقد بحثنا في كل مكان. ولا أعرف ماذا يمكننا أن نفعل سوى أن ننتظر. "
لا تزال معاناة عائلات المفقودين في العراق وإيران على حد سواء تزداد حدة حتى بعد مرور ثلاثة عقود. وتقول " أم بسام " التي لا يزال ابنها في عداد المفقودين منذ عام 1985: " غادر ابني المنـزل منذ ثلاثة وعشرين عاماً. لقد انتظرته طويلاً وسوف أستمر في الانتظار. بالنسبة لي, لا يزال في التاسعة عشرة من عمره. "
لابد للوثيقة التي وقعها كلٌ من العراق وإيران واللجنة الدولية في 16 تشرين الأول/أكتوبر أن تجدد آمال العائلات على إيجاد حل سريع لمعرفة ماذا حلّ بأ حبائها.
وتقول السيدة " بياتريس ميجيفان-روغو " , رئيسة قسم العمليات للشرق الأوسط وشمال أفريقيا: " لن نتوقف عن متابعة الموضوع إلى أن تكشف كل عائلة عن مصير ذويها. ومعظم العائلات من الجانبين في انتظار منذ سنوات, ولن نألوَ جهداً في تأييد حقها في معرفة ما ألمَّ بأحبائها. "
خلّفت الحرب الإيرانية-العراقية بين عامي 1980 و1988 إرثاً صعباً لعشرات الآلاف من العائلات التي لا تزال تنتظر الحصول على أخبار عن أحبائها المفقودين, وفي صفوفهم أعداد كبيرة من المحاربين الذين اختفوا أثناء القتال وأشخاص كانوا في السابق أسرى حرب ولا يزال مصيرهم مجهولاً.
وخلال الحرب التي دامت ثمانية أعوام, زار مندوبو اللجنة الدولية وسجلوا 40.000 أسير حرب إيراني وأكثر من 67.000 أسير حرب عراقي. وتمت, في وقت لاحق, إعادة العديد من هؤلاء الأسرى طوعياً إلى بلادهم, بدعمٍ من اللجنة الدولية. كما أكدت اللجنة الدولية مكان تواجد أسرى آخرين بعد إطلاق سراحهم. غير أنّ عشرات الآلاف من أفراد القوات المسلحة العراقية والإيرانية, من بينهم بعض أسرى الحرب, لا يزالون مجهولي المصير حتى اليوم. وإنّ سجلات شاملة بأسماء أولئك المفقودين بسبب الحرب- من المحاربين والمدنيين- غير موجودة بكل بساطة.
غيضٌ من فيض
لا يمثل أسرى الحرب المفقودين أثناء القتال إلا نسبة مئوية صغيرة من مئات الآلاف من الذين فُقدوا خلال الحرب الإيرانية-العراقية وفي النـزاعات المتتالية التي شهدها العراق خلال العقود الماضية.
ولا زال عدد لا يحصى من العائلات في كلا البلدين يسعى إلى الحصول على أية معلومات تكشف عن مصير أقربائها- من خلال القيام بجولات في المستشفيات ومخافر الشرطة ومستودعات الجثث ومعاهد الطب العدلي والمنظمات الإنسانية. ونظراً إلى انعدام الأمن السائد في العراق, فإنّ هذه الجهود غالباً ما تنطوي على مخاطر جمة.
إنّ الن ساء اللواتي فقدن أزواجهنّ أو إخوانهنّ أو أباءهنّ يكافحن في حياتهنّ اليومية, لاسيما إذا كنّ قد فقدن المعيل الرئيسي لهنّ ولا يعرفن ما إذا كنّ سيستطعن تجاوز محنتهنّ أو كيف السبيل إلى ذلك.
ويتذكر أحد مندوبي اللجنة الدولية الذي ساعد في عملية التسليم قائلاً: " عندما أعيدت الرفات البشرية من العراق إلى إيران عام 2003, اجتمعت أمهات وأخوات الجنود الإيرانيين المفقودين في مدينة " غازري شرين " الحدودية حاملات صور أحبائهنّ, ويحذونهنّ الأمل بأن يكونوا من بينهم. "
ويروي حسين قصة والديه اللذين انتظرا أحمد وهو جندي عراقي حتى آخر يوم من حياتهما ويقول: " كانت أمي تنتظر في الشارع كل موكب يحمل العائدين من إيران. وفي أحد الأيام, طلبت مني أمي أن أكتب اسم أخي على لافتة ورقية كبيرة حتى يتسنى لأحمد رؤيتها فوراً من داخل الحافلة, عندما تكون أمي واقفة على الرصيف. وعندما كانت تدرك أنّ أحمد ليس على متن الحافلة, كانت تزور جميع العائدين الذين يمكن أن تلجأ إليهم للاستفسار عنه. لكنّ أخي لم يعد قط. توفي أبي من كثرة الأسى واحتفظت أمي باللافتة بالقرب من سريرها حتى آخر رمق من حياتها. "
مهمة معقدة
قامت اللجنة الدولية, منذ نهاية الحرب, بدعم كلتا الحكومتين في محاولتهما لتحديد مصير جميع الأشخاص الذين لا زالوا مفقودين.
وتقول السيدة " جميله حمامي " , وهي مندوبة في اللجنة الدولية مسؤولة عن ملف الأشخاص المفقودين بالنسبة إلى العراق: " باتت مسألة المفقودين اليوم معقدة للغاية, فهناك الكثير من الصعوبات التي نواجهها, ومنها عدد المفقودين المرتفع والظروف الأمنية الحرجة التي لا تسمح بالمتابعة اللازمة في الميدان. "
إنّ وزارة حقوق الإنسان في العراق هي المسؤولة عن متابعة حالات جميع الأشخاص المفقودين جراء مختلف النـزاعات التي حدثت خلال العقود المنصرمة. وحسب مصادر عراقية حكومية, يتراوح عدد الأشخاص المفقودين منذ الحرب العراقية-الإيرانية بين 357.000 ومليون شخص.
وقد تسنى, بفضل جهود الوزارة واللجنة الدولية, الت أكد من مكان وجود أكثر من 200 أسير حرب عراقي منذ عام 2003. وقد عاد بعضهم إلى العراق وطلبوا من اللجنة الدولية أو من الوزارة شهادات احتجاز من أجل تسهيل المطالبة بالتعويض أو بالحصول على معاشات.
وفي حزيران/يونيو 2008, وقعت اللجنة الدولية مذكرة تفاهم مع الحكومة العراقية من أجل تعزيز الجهود الرامية إلى تحديد مصير الأشخاص الذين سبق لمندوبي اللجنة الدولية أن سجلوهم كأسرى حرب عراقيين أو إيرانيين, والذين لا يزالون مجهولي المصير.
كما تم توقيع وثيقة مماثلة مع الحكومة الإيرانية في شباط/فبراير 2004 واضعة الأساس لنهج مشترك لهذه المسألة.
وتعمل منظمات عديدة في إيران بالتوازي على نواحٍ مختلفة من الموضوع, وتقوم اللجنة المعنية بأسرى الحرب والمفقودين التابعة لهيئة أركان الجيش المشتركة بتنسيق الجهود التي تبذلها هذه المنظمات. وفي حين تتلقى جمعية الهلال الأحمر الإيراني أساساً من العائلات طلبات البحث عن المفقودين, تقوم الجمعية المعنية بشؤون الشهداء والمحاربين القدماء بتوفير الخدمات والمساعدة من جهة, وتقوم لجنة البحث عن المفقودين واستعادتهم, بمساعدة منظمات أخرى, بالتعرف على هوية الرفات البشرية من جهة أخرى.
آمال متجددة
قد تفضّل عائلات كثيرة الحصول على تأكيد من أنّ أي قريب مفقود هو في عداد الموتى بدلاً من البقاء في جهل تام عما آل إليه هذا الشخص. وتقول " أشواق " , وهي امرأة عراقية فقدت شقيقها: " أظنّ أنه من الأسهل رؤية جثمان شخص يجري البحث عنه. لقد بحثنا في كل مكان. ولا أعرف ماذا يمكننا أن نفعل سوى أن ننتظر. "
لا تزال معاناة عائلات المفقودين في العراق وإيران على حد سواء تزداد حدة حتى بعد مرور ثلاثة عقود. وتقول " أم بسام " التي لا يزال ابنها في عداد المفقودين منذ عام 1985: " غادر ابني المنـزل منذ ثلاثة وعشرين عاماً. لقد انتظرته طويلاً وسوف أستمر في الانتظار. بالنسبة لي, لا يزال في التاسعة عشرة من عمره. "
لابد للوثيقة التي وقعها كلٌ من العراق وإيران واللجنة الدولية في 16 تشرين الأول/أكتوبر أن تجدد آمال العائلات على إيجاد حل سريع لمعرفة ماذا حلّ بأ حبائها.
وتقول السيدة " بياتريس ميجيفان-روغو " , رئيسة قسم العمليات للشرق الأوسط وشمال أفريقيا: " لن نتوقف عن متابعة الموضوع إلى أن تكشف كل عائلة عن مصير ذويها. ومعظم العائلات من الجانبين في انتظار منذ سنوات, ولن نألوَ جهداً في تأييد حقها في معرفة ما ألمَّ بأحبائها. "