منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
#50837
مفارقات بين الشيوعية والعلمانية





أ.د. صلاح الدين سلطان


الشيوعية تنفي وجود الله، فليس له الخلق ولا الأمر، أما العلمانية فتقول لسنا كفارا بهذا القدر من الإلحاد، بل نحن كفار من نوع آخر، نؤمن أن الله له الخلق لكن لنا الأمر، فنتصرف في أموالنا ونسائنا كما نشاء، الشيوعية جعلت الدين أفيون الشعوب، والعلمانية حاصرت الدين في المساجد أو الكنائس أو الأديرة ساعات من الأسبوع وفصلت الدين عن الدولة، الشيوعية شيوعية المال والنساء، فكل أحد في الجمهوريات الشيوعية صحاب حق "نظري" في كل مال وفي كل امرأة، أما العلمانية فكل فرد حر في ماله الخاص وفي عشيقته، الشيوعية جعلت النساء مسافحات، العلمانية جعلت النساء ذوات أخدان، العلمانية جعلت واجب الدولة امتلاك كل عناصر الإنتاج والتوزيع، والعلمانية جعلت للأفراد والقطاع الخاص امتلاك أكثر عناصر الإنتاج والتوزيع.



الشوعية غزت ديار الإسلام لبسط نفوذها ونشر أيدولوجياتها وفكرها، والعلمانية غزت ديار الإسلام أولا لتمتص خيراتها وتبسط سلطانها وتجر الدنيا وراءها، الشيوعية فتنت العمال الكادحين وحرضتهم ضد الرأسمالين والبرجوازيين، وقتلت في الاتحاد السوفييتي وحده عشرين مليون، وأشاعت الديكتاتورية والإلحاد والفسوق في أماكن شتى من العالم، والعلمانية قتلت مئات الملايين إما بالحروب أو عن طريق البنك الدولي والشركات عابرة القارات واتفاقية الجات؛ لتلتهم اللقمة من أفواه الفقراء، وتليِّن الطعمة وتوسع النعمة للرأسماليين الجشعين الأغنياء، فعلى حين يموت تحت أعينهم كل ست ثوان طفل من الفقراء تنهمر آلاف الدولارات في نفس اللحظات إلى رصيد هؤلاء الأغنياء الأغبياء.

الشيوعية انهارت سلطة ونظاما وبقيت فكرا وسلوكا مع انهيار الاتحاد السوفيتي في 26/12/1992م، وانهارت العلمانية اقتصادا وثقة مع هذه الأزمة العالمية التي ذهب ضحيتها البلايين من الدولارات، والملايين من البشر وستسقط بعد حين، (ولِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (الأعراف:34).



أما الحل الأبدي السرمدي فهو في هذا الإسلام العظيم قرآنا وسنة، المؤَسس على أن الله تعالى له الخلق والأمر، وعلى تكامل الملكية الفردية والجماعية، وعلى الضوابط في التعامل بين الرجل والمرأة، بين تعامل عام دون خلوة، أو زواج فيه المتعة مع المسؤولية عن بعضهما وأولادهما، والإسلام محرك لكل شيء وفي كل لحظة، وهو محفوظ بحفظ الله (إِنَّا نَحْنُ نَـزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (الحجر:9)، وهو وحده الذي يقدم العقيدة والأخلاق والشريعة في ثوب واحد متوازن لإسعاد الإنسان في الدنيا والآخرة معا.

حقًا وصدقًا، عقلاً وقلبًا، لا شرقية ولا غربية، ولا شيوعية ولا علمانية، بل "الإسلام هو الحل".