- الاثنين مايو 14, 2012 2:19 am
#51540
بعد أيام قليلة من وقوع الهجمات المدمرة في الحادي عشر من سبتمبر، أعلن بول وولفوتيز، نائب وزير الدفاع الأمريكي حينذاك، أن ' القضاء علي الدول الراعية للإرهاب' أصبح هدفا رئيسيا للسياسة الخارجية الأمريكية.
في ذلك الحين، تم تصنيف العراق ك- 'دولة راعية للإرهاب' وبالتالي أصبحت هدفا يجب القضاء عليه، ثم أعلن الرئيس بوش العراق كجبهة رئيسية للحرب الدولية علي الإرهاب. عمليا، تضمنت مهمة القضاء علي الدولة العراقية: تفكيك النظام السياسي الاستبدادي، وإعادة تشكيل النظام الاقتصادي، وفقا للقواعد الليبرالية.
لقد جرت مناقشات واسعة حول تداعيات هذه الإجراءات سياسيا واقتصاديا، ولكن هناك بعدا آخر لعملية 'إنهاء الدولة' في العراق، لم يأخذ نصيبه من الاهتمام، ألا وهو عملية 'التطهير الثقافي' التي وقعت. تضمنت هذه العملية نهب المتاحف، وحرق المكتبات، واغتيال الأكاديميين والعلماء، بهدف حرمان العراقيين من ثقافتهم الوطنية التي تضمهم وتجمع بينهم. يهدف هذا المقال إلي تصحيح هذا الخطأ، وإلقاء الضوء علي عملية التطهير الثقافي التي وقعت علي نطاق غير مسبوق والتي كانت جزءا لا يتجزأ من السياسة المعلنة للقضاء علي الدولة العراقية.
ليس هناك اتفاق، لدي التيار السائد في مجال العلوم الاجتماعية، علي تعريف واضح وكامل لمصطلح 'القضاء علي الدولة' كهدف سياسي، و'التطهير الثقافي' كإحدي تبعاته الأكثر تدميرا، فقد ركزت العلوم الاجتماعية، بعد الحرب العالمية الثانية، في مرحلة التحرر من الاستعمار، علي دراسة قضايا بناء الدولة والتنمية. وكان مصدر الخلاف الرئيسي بين المتهمين بهذه القضايا من الأكاديميين وصناع القرار يدور حول الاختيار بين نموذج السوق ونموذج التنمية المدفوعة من الدولة. لم تهتم هذه المدارس بفكرة 'القضاء علي الدولة'، أو بعمليات 'تفكيك' التنمية (de-development)، وتبعاتهم الثقافية.
ولكن الدراسات النقدية عارضت النظرة التي اعتبرت عملية تدمير الدولة وما يصاحبها مجرد تداعيات للحروب والنزاعات الأهلية، وأكدت أن كل ذلك يقع ضمن أهداف متعمدة للسياسات المتبعة. ألقت هذه الدراسات النقدية الضوء علي عمليات الاغتيار الموجهة، و'فرق الموت'، والعمليات الاستخبارية لقلب نظم الحكم، والتطهير العرقي، وإعادة تشكيل الثقافة التي كان للقوة العظمي، الولايات المتحدة، وشريكها الأصغر، إسرائيل أياد فيها منذ عقود. ولكن هذه العمليات كانت تسجل كمجرد تجاوزات وقع فيها جهاز وكالة المخابرات المركزية الامريكية ' سي آي إيه' وجهاز المخابرات الإسرائيلي 'الموساد'، نتيجة لعملهما في مناطق 'صعبة' تعاني صراعات طويلة الأمد، بالإضافة إلي التطرف الديني. ولكن في ضوء ما جري في العراق وما كان من تبعات غزوه، أصبح من الضروري إدراك أن هناك سوابق لعمليات استهدفت تدمير بعض الدول، والثقافات التي تعزز وجودها...
د. رايموند ويليام بيكر .. مجله السياسه الدوليه
في ذلك الحين، تم تصنيف العراق ك- 'دولة راعية للإرهاب' وبالتالي أصبحت هدفا يجب القضاء عليه، ثم أعلن الرئيس بوش العراق كجبهة رئيسية للحرب الدولية علي الإرهاب. عمليا، تضمنت مهمة القضاء علي الدولة العراقية: تفكيك النظام السياسي الاستبدادي، وإعادة تشكيل النظام الاقتصادي، وفقا للقواعد الليبرالية.
لقد جرت مناقشات واسعة حول تداعيات هذه الإجراءات سياسيا واقتصاديا، ولكن هناك بعدا آخر لعملية 'إنهاء الدولة' في العراق، لم يأخذ نصيبه من الاهتمام، ألا وهو عملية 'التطهير الثقافي' التي وقعت. تضمنت هذه العملية نهب المتاحف، وحرق المكتبات، واغتيال الأكاديميين والعلماء، بهدف حرمان العراقيين من ثقافتهم الوطنية التي تضمهم وتجمع بينهم. يهدف هذا المقال إلي تصحيح هذا الخطأ، وإلقاء الضوء علي عملية التطهير الثقافي التي وقعت علي نطاق غير مسبوق والتي كانت جزءا لا يتجزأ من السياسة المعلنة للقضاء علي الدولة العراقية.
ليس هناك اتفاق، لدي التيار السائد في مجال العلوم الاجتماعية، علي تعريف واضح وكامل لمصطلح 'القضاء علي الدولة' كهدف سياسي، و'التطهير الثقافي' كإحدي تبعاته الأكثر تدميرا، فقد ركزت العلوم الاجتماعية، بعد الحرب العالمية الثانية، في مرحلة التحرر من الاستعمار، علي دراسة قضايا بناء الدولة والتنمية. وكان مصدر الخلاف الرئيسي بين المتهمين بهذه القضايا من الأكاديميين وصناع القرار يدور حول الاختيار بين نموذج السوق ونموذج التنمية المدفوعة من الدولة. لم تهتم هذه المدارس بفكرة 'القضاء علي الدولة'، أو بعمليات 'تفكيك' التنمية (de-development)، وتبعاتهم الثقافية.
ولكن الدراسات النقدية عارضت النظرة التي اعتبرت عملية تدمير الدولة وما يصاحبها مجرد تداعيات للحروب والنزاعات الأهلية، وأكدت أن كل ذلك يقع ضمن أهداف متعمدة للسياسات المتبعة. ألقت هذه الدراسات النقدية الضوء علي عمليات الاغتيار الموجهة، و'فرق الموت'، والعمليات الاستخبارية لقلب نظم الحكم، والتطهير العرقي، وإعادة تشكيل الثقافة التي كان للقوة العظمي، الولايات المتحدة، وشريكها الأصغر، إسرائيل أياد فيها منذ عقود. ولكن هذه العمليات كانت تسجل كمجرد تجاوزات وقع فيها جهاز وكالة المخابرات المركزية الامريكية ' سي آي إيه' وجهاز المخابرات الإسرائيلي 'الموساد'، نتيجة لعملهما في مناطق 'صعبة' تعاني صراعات طويلة الأمد، بالإضافة إلي التطرف الديني. ولكن في ضوء ما جري في العراق وما كان من تبعات غزوه، أصبح من الضروري إدراك أن هناك سوابق لعمليات استهدفت تدمير بعض الدول، والثقافات التي تعزز وجودها...
د. رايموند ويليام بيكر .. مجله السياسه الدوليه