منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#51572
الأخوان المسلمين في مصر

بينما كان المسلمون يتخبطون في الجهل والظلام، حينما انزوى مفهوم الإسلام الشامل وانحصر في المسجد فقط، ولم يتعدى له مكان في توجيه الحياة، وبينما كان المسلمون يترنحون من جراء السقوط المذوي للخلافة الإسلامية، والذي أدى إلى ضياع هوية الأمة، وفقدانها لمصدر عزتها، ووسط هذا الظلام الدامس يأتي شاب في الحادية والعشرين من عمره وقد ارتوى من الإسلام هديا ونبراسا، ومن القرآن شرعة ومنهاجا فيخاطب قومه: <<يا قومنا إننا نناديكم والقرآن في يميننا والسنة في شمالنا وعمل السلف الصالحين من أبناء هذه الأمة قدوتنا، نناديكم إلى الإسلام وهدي الإسلام>>..<< الإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعا فهو دولة، ووطن أو حكومة وأمة، وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء، وهو جهاد ودعوة، أو جيش وفكرة، كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة سواء بسواء>>
إنه الشيخ "حسن البنا" مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وقبل أن يؤسس الجماعة شارك حسن البنا في عدد من الجمعيات التي تدعو إلى الفضيلة والأخلاق وتحارب المنكرات إلى أن أسس جمعية الشبان المسلمين عام 1927، وخلص منها إلى تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في مدينة الإسماعيلية في مارس 1928، والإخوان هي جماعة إسلامية تدعوا وتطالب بتحكيم شرع الله والعيش في ضلال القرآن والإسلام كما نزل على رسول الله ﷺ وكما دعا إليه السلف الصالح وتشدد على ضرورة رجوع الأنظمة الحاكمة في الدول الإسلامية إلى الكتاب والسنة في الحكم، وتنتشر الجماعة في أكثر من 72 دولة تضم كل الدول العربية ودولا إسلامية وغير إسلامية في جميع قارات العالم.
وقد التزمت أسلوبها في الدعوة بقول الله عز وجل:" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة " - النحل: 125-
فالحوار عندهم أسلوب حضاري وسبيل الإقناع والاقتناع الذي يعتمد الحجة والمنطق والبينة والدليل.
أما مرجعيتها فمن الإسلام حددت أهدافها، ومن الإسلام عينت وسائلها ومناهجها ، وإلى الإسلام ردت مرجعيتها، أما شعارها فهو: الله غايتنا والرسول ﷺ قدوتنا والقرآن شرعتنا، والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا.
أما عن خصائص الدعوة، فالإخوان المسلمين كما يقولون أنهم: دعوة سلفية، طريقة سنية، حقيقة صوفية، هيئة سياسية، جماعة رياضية، رابطة علمية وثقافية، شركة اقتصادية وفكرة اجتماعية.
وقد بين الإمام الشهيد حسن البنا حقيقة دعوة الإخوان في كلمات موجزة، ولكنها قوية فقال: ( يا أيها الإخوان لستم جمعية خيرية ولا حزبا سياسيا، ولا هيئة موضعية الأغراض، محدودة المقاصد، ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة يجيب بالقرآن، ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله، وصوت داو يعلوا مرددا دعوة رسول الله ﷺ ومن الحق الذي لا غلو فيه: أن تشعروا أنكم تحملون هذا العبء، بعد أن تخلف عنه الناس، إذ قيل لكم إلى ماذا تدعون؟ فقولوا ندعوا إلى الإسلام الذي جاء به محمد ﷺ والحكومة جزء منه، والحرية فريضة من فرائضه، فإن قيل لكم: هذه سياسة فقولوا هذا هو الإسلام، ونحن لا نعرف هذه الأقسام، وإذا قيل لكم أنتم دعاة ثورة فقولوا نحن دعاة حق وسلام، نعتقده ونعتز به، فإن ثرتم علينا، ووقفتم في طريق دعوتنا فقد أذن الله أن ندافع عن أنفسنا، وكنتم الثائرين الظالمين، وإذا قيل لكم: إنكم تستعينون بالأشخاص والهيئات فقولوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنتم به مشركين، فإن بقوا في عدوانهم فقولوا ﴿سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين﴾(القصص55). )
وتقوم الحركة على ثلاثة ركائز حيث يعتقد الإخوان أن:
1 -أحكام وتعاليم الإسلام شاملة تنظم شؤون الناس في الدنيا والآخرة، فالإسلام عقيدة وعبادة ووطن وجنسية، ودين ودولة، وروحانية وعمل، مصحف وسيف فيجب أن يهيمن على كل شؤون الحياة وأن تنزل الأمة على حكمه وأن تساير قواعده وتعاليمه إذا أرادت أن تكون مسلمة إسلاما صحيحا.
2 -أساس التعاليم الإسلامية ومعانيها هو الكتاب والسنة، والأمة يجب أن تستقي النظم الإسلامية التي تعمل بها من هذا المعين الصافي، ويجب أن نفهم الإسلام كما كان يفهمه الصحابة والتابعون من السلف الصالح رضوان الله عليهم، وأن نقف عند هذه الحدود الربانية النبوية حتى لا نقيد أنفسنا بغير ما يقيدنا الله به، ولا نلزم عصرنا لون عصر لا يتفق معنا.
3 -إن الإسلام دين عام ينضم كل شؤون الحياة في كل الشعوب والأمم لكل العصور والأزمان، جاء أكمل وأسمى من أن يعرض لجزئيات هذه الحياة وخصوصا في الأمور الدنيوية البحتة.
أما أهداف الحركة فقد عبّر عنها الإمام البنا في رسالته إلى الشباب إذ يقول: "أن منهاج الإخوان المسلمين محدّد المراحل، واضح الخطوات، فنحن نعلم تماما ماذا نريد، ونعرف الوسيلة إلى تحقيق هذه الإرادة".
أولا: نريد الرجل المسلم في تفكيره وعقيدته وفي خلقة وعاطفته، وفي عمله وتصرفه فهذا هو تكويننا الفردي.
ثانيا: نريد البيت المسلم في تفكيره و سلوكه ونحن لهذا نعني بالمرأة عنايتنا بالرجل، ونعني بالطفولة عنايتنا بالشباب.
ثالثا: نريد بعد ذلك الشعب المسلم في كل ذلك أيضا، ونحن لهذا نعمل على أن تصل دعوتنا إلى كل بيت وتنتشر فكرتنا في كل مكان…
رابعا: ونريد بعد ذلك: الحكومة المسلمة التي تقود هذا الشعب إلى المسجد، وتحمل به الناس على هدى الإسلام من بعد كما حملتهم على ذلك بأصحاب رسول الله ﷺ أبي بكر وعمر من قبل –رضي الله عنهما جميعا- ونحن لهذا لا نعترف بأي نظام حكومي لا يرتكز على أساس الإسلام ولا يستمد منه ولا نعترف بهذه الأحزاب السياسية، ولا بهذه الأشكال التقليدية، التي أرغمت أهل الكفر وأعداء الإسلام على الحكم بها والعمل عليها، وسنعمل على إحياء نظام الحكم الإسلامي بكل مظاهره، وتكون الحكومة الإسلامية على أساس هذا النظام.
خامسا: نريد بعد ذلك أن نضم إليها كل جزء من وطننا الإسلامي، الذي فرقته السياسة الغربية، وأضاعت وحدته المطامع الغربية، ونحن لا نعترف بهذه التقسيمات السياسية، ولا نسلّم بهذه الاتفاقات الدولية التي تجعل من العالم الإسلامي دويلات ضعيفة ممزقة.
سادسا: نريد بعد ذلك أن تعود راية الله خافقة عالية على تلك البقاع التي سعدت بالإسلام حينا من الدهر، ودوى فيها صوت المؤذن بالتكبير والتهليل.
سابعا: نريد بعد ذلك أن نعلن دعوتنا على العالم وأن نبلغ الناس جميعا وأن نعم بها آفاق الأرض، وأن نخضع لها كل جبار، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.