منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#51993
تعتبر الأحزاب السياسية من بين أهم وسائل وأساليب المشاركة في الشؤون العامة ذات الطبيعية الجماعية والتي أضحت تكتسي أهمية لا غنى عنها في مجتمعات العالم الثالث لمالها من قوه مؤثرة في التحكم بتوجيه وضبط قواعد اللعبة السياسية ، والحكم في الغالبية العظمى من أنظمة الدول ألراهنه .
وطالما إن العلاقة بين الإفراد والنظام السياسي تتسم دائماً بالتشابك والتعقيد فقد أضحى من المسلم به أن الأفراد ، عندما يتحدون ، تكون مشاركتهم في الشؤون العامة أكثر تأثيرا وفعالية ، ونتائجها اكبر حجماً وأكثر مردودية ، حيث تتاح لهم وسائل أقوى لغرض فرض طلباتهم وفرص اكبر لتحقيق أهدافهم ، عن طريق توظيف إمكانياتهم المالية ومقدراتهم الشخصية في قوه واحدة جماعية .
وبذلك كان من المنطقي عدم تجاهل النشاطات التي تقوم بها مثل هذه التنظيمات والتكتلات والتي ما انفكت تحاول جاهدتاً بما لديها من وسائل مؤثره وفعاله في توعية الشعوب بحقهم في المشاركة بالشؤون العامة وزرع الثقة في نفوس المواطنين ، في تمكينهم من توظيف إمكانياتهم البسيطة ، وتعبئة جهودهم المتواضعة ، في قوة سياسية ذات فعالية وتأثير قوي على السلطات الحاكمة في الدولة . فالناس يتحدون لأنهم يدركون أن المواقف الجماعية تلفت نظر الحكومات وتثير اهتمامها ، بصورة أيسر من المواقف الفردية ، فإذا قام أحد الفلاحين بالنضال بمفرده للمطالبة بحقه كالحصول على اجر أكثر سخاء ، ربما لا يحقق شيئاً يذكر ، بالرغم من جهده الكبير والعناء الطويل الذي يبذله ، ألا انه يستطيع دون شك ، بجهد أقل ووقت أقصر ، من خلال التكتلات والتنظيمات أن يحقق نتيجة اكبر وفي فترة زمنية اقل.
فالفرد وهو منفرد لا يكون له أي نفوذ حقيقي في تكوين الإرادة العامة ، بينما الانتقال من الحوار الفردي إلى الحوار الجماعي هو الذي يجعل المواطن قوه في المطالبة بحقه وقوة مؤثرة وفعالة لخدمة الوطن المواطنين ويذكر في الصدد الفقيه السياسي المعروف أدموند بورك ( Burk ) (( أن الرجال ، عندما تربطهم صلات منظمة ، يتنادون بسهوله وسرعه لملاقاة الخطر وإحباط المؤامرات ، ويستطيعون ان يستقصوا أمرها بالشورى العامة ، ويقاوموها بقوة متحدة ، بينما إذا كانوا متفرقين بدون اتفاق او نظام ، فالتنادي عسير والشورى صعبه ، والمقاومة متعذرة )).
وهذه الكيانات وان كانت تضطلع بمثل هذا الدور الهام والحساس في حياة الأمم ألا أنها في نفس الوقت تكون في مرحلة اختبار من قبل المواطنين والمعيار الذي يعطي الأولية والأفضلية لحزب ما ، هو مدى الصراحة والجراءة في إيصال معاناة المواطنين والمحاولة الجادة منه على علاج ما يمكن علاجه ،وتدراك ما يمكن تداركه ، وبما العراق قد تحول من نظام مسيطر عليه الحزب الواحد الذي ( اذا قال نعم قال العراق نعم ) إلى نظام يسمح بتعدد الأحزاب والتداول السلمي للسلطة من خلال الانتخابات التي تجري بين فترة وأخرى كان من الواجب ان يتفهم الكثيرين من المواطنين للدور الهام لمثل هذه الكيانات وعدم النظر أليها بنظرة الريبة او الشك او التخوف طالما أنها تختبر وتوضع على المحك في كل فترة انتخابية.