منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By حمد اليحيى 81
#54567
قرر غيفارا المغامرة إلى أفريقيا في عام 1965 ليقدم علمه وخبرته بوصفه خبير في حرب العصابات إلى الصراع الجاري في الكونغو. وفقا للرئيس الجزائرى أحمد بن بلة، كان غيفارا يعتقد أن أفريقيا هي الحلقة الضعيفة للإمبريالية، وبالتالي قد تنطوي على إمكانات هائلة للثورة. الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي كانت تجمعه علاقات أخوية مع تشي التي يعود تاريخها إلى عام 1959 خلال زيارة إلى مصر، كان يرى خطط غيفارا للقتال في الكونغو بأنها "غير حكيمة" وحذر من انه سيصبح مثل "طرزان" هناك وهي تجربة محكوم عليها بالفشل. على الرغم من التحذير قاد غيفارا عملية الدعم الكوبي للحركة الماركسية سيمبا التي انبثقت بعد استمرار أزمة الكونغو. وصل غيفارا ورجله الثاني في القيادة فيكتور دريكى و 12 أخرون من الحملة الكوبية إلى الكونغو في 24 أبريل 1965 ليكونوا وحدة قوامها نحو 100 من المنحدرين من أصل كوبي انضمت إليهم بعد ذلك بقليل. كما تعاون لفترة مع زعيم المتمردين لوران ديزيريه كابيلا الذي سبق له ان ساعد مؤيدي باتريس لومومبا الذي تم اغتياله من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الذي قاد حركة تمرد من قبل وكتب عليها الفشل. لقد كان غيفارا معجباً بالراحل لومومبا وأعلن ان "قتله يجب أن يكون درسا لنا جميعا." ولكن سرعان ما خاب أمله في انضباط قوات كابيلا وقال عنه "لا شيء يدفعني إلى الاعتقاد بانه هو رجل الساعة".
عمل مرتزقة جنوب أفريقيا بقيادة مايك هور بالتنسيق مع المنفيين الكوبيين ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية وكذلك جيش الكونغو الوطني لاحباط غيفارا. كانوا قادرين على رصد رسائله، وحتى استباق هجماته وقطع خطوط الامداد. على الرغم من أن غيفارا سعى إلى اخفاء وجوده في الكونغو إلا أن حكومة الولايات المتحدة كانت على علم بماكنه والأنشطة التي يقوم بها: وكالة الأمن القومي كانت تعترض جميع الاتصالات الواردة والصادرة عبر معدات على متن السفينة "يو اس ان اس الجندي خوسيه واو فالديز"، وكانت تجوب عائمة لهذا الغرض للاستماع بشكل مستمر في المحيط الهندي قبالة دار السلام.

كان هدف غيفارا هو تصدير الثورة عن طريق إيعاز القوى المحلية المعادية لموبوتو المقاتلين سيمبا عن الفكر الماركسي واستراتيجيات نظرية فوكو عن حرب العصابات. في يوميات الكونغو التي كتبها يذكر عدم الكفاءة والتعنت والصراع الداخلي بين القوات الكونغولية المحلية من ضمن الأسباب الرئيسية لفشل الثورة. ثم غادر غيفارا الكونغو من نفس العام بسبب مرضة بالزحار وكان أيضا يعاني من الربو الحاد وسبعة أشهر من خيبة الأمل والإحباط وذلك بصحبة الناجيين الكوبيين (ستة أعضاء من فرقتة كانوا قد ماتوا). كان غيفارا يفكر في إرسال الجرحى إلى كوبا، والقتال في الكونغو وحده حتى الممات، على سبيل تقديم المثل الأعلى للثوار والثورة، ولكن بعد أن حثه رفاقه وضغطوا عليه من قبل اثنين من المبعوثين التي بعث بهم كاسترو وافق في آخر لحظة على مضض أن يتراجع عن خطته. في الحديث عن الكونغو، خلص غيفارا إلى أن "العنصر البشري فشل. لا توجد إرادة للقتال، والقادة فاسدون، باختصار لم يكن هناك شيء يمكننى القيام به. بعد أسابيع قليلة، عند كتابة مقدمة لمذكراته عن مشروع الكونغو، بدأ كتابته : "هذا هو تاريخ الفشل."
كان غيفارا مترددا بشأن العودة إلى كوبا، وذلك لأن كاسترو نشر رسالته للجمهور والتي كانت "رسالة وداع" والتي كان يجب نشرها فقط في حالة وفاته حيث قال انه قطع كل العلاقات من أجل تكريس نفسه للثورة في جميع أنحاء العالم نتيجةً لهذه الرسالة، أمضى غيفارا الأشهر الستة المقبلة في الخفاء في دار السلام وبراغ. خلال هذا الوقت أعد مذكراته عن تجربة الكونغو، وكتب مسودات لكتابين آخرين واحد عن الفلسفة والآخر عن الاقتصاد. ثم زار عدة بلدان في أوروبا الغربية لاختبار أوراق هويتة المزيفة، التي زورها في الاستخبارات الكوبية لسفره إلى اميركا الجنوبية لاحقاً. عندما كان غيفارا يستعد للذهاب إلى بوليفيا كتب رسالة إلى أطفاله الخمسة لتقرأ عند وفاته، والتي انتهت بوصيه: