منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By فيصل التميمي9
#57053
التنمية اهدافها وابعادها

يعد مفهوم التنمية من أهم المفاهيم العالمية في القرن العشرين، حيث أطلق على عملية تأسيس نظم اقتصادية وسياسية متماسكة فيما يسمى ب " عملية التنمية "،وتبرز أهمية مفهوم التنمية في تعدد أبعاده ومستوياته، وتشابكه مع العديد منالمفاهيم الأخرى مثل التخطيط والإنتاج والتقدم.
وقد برز مفهوم " التنميةDevelopment " بصورة أساسية منذ الحرب العالمية الثانية، حيث لم يستعمل هذا المفهوم منذ ظهوره في عصر الاقتصادي البريطاني البارز " آدم سميث " في الربع الأخير من القرن الثامن عشر وحتى الحرب العالمية الثانية إلا على سبيلالاستثناء، فالمصطلحان اللذان استخدما للدلالة عل حدوث التطور المشار إليه في المجتمع كانا التقدم المادي " MaterialProgress "،أوالتقدم الاقتصادي " Economic Progress "..ولأهمية الموضوع حاولنا طرح الإشكال التالي:ما مفهوم التنمية وما هي أبعادها على تطور المجتمع؟
قد برز مفهوم التنميةDevelopmentبداية في علم الاقتصادحيث استخدم للدلالة على عملية إحداث مجموعة من التغيرات الجذرية في مجتمع معين؛بهدف إكساب ذلك المجتمع القدرة على التطور الذاتي المستمر بمعدل يضمن التحسن المتزايد في نوعية الحياة لكل أفراده، بمعنى زيادة قدرة المجتمع على الاستجابةللحاجات الأساسية والحاجات المتزايدة لأعضائه؛ بالصورة التي تكفل زيادة درجات إشباع تلك الحاجات؛ عن طريق الترشيد المستمر لاستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة، وحسن توزيع عائد ذلك الاستغلال.
ثم انتقل مفهوم التنمية إلى حقل السياسة منذ ستينات القرن العشرين؛ حيث ظهر كحقل منفرد يهتم بتطوير البلدان غير الأوروبية تجاه الديمقراطية. وتعرف التنميةالسياسية بأنها عملية تغيير اجتماعي متعدد الجوانب، غايته الوصول إلى مستوى الدولالصناعية، ويقصد بمستوى الدول الصناعية إيجاد نظم تعددية على شاكلة النظم الأوروبيةتحقق النمو الاقتصادي والمشاركة الانتخابية والمنافسة السياسية، وترسخ مفاهيم الوطنية والسيادة والولاء للدولة القومية.
ولاحقاً تطور مفهوم التنمية ليرتبط بالعديد من الحقول المعرفية. فأصبح هناك التنمية الثقافية التي تسعى لرفع مستوى الثقافة في المجتمع وترقية الإنسان،وكذلك التنمية الاجتماعية التي تهدف إلى تطوير التفاعلات المجتمعية بين أطرافالمجتمع: الفرد، الجماعة، المؤسسات الاجتماعية المختلفة، المنظماتالأهلية.
1. تعريف التنمية :
تعريف المجلس الاقتصادي والاجتماعي في هيئة الأممالمتحدة:
" تنمية المجتمع من الإجراءات الشاملة التي تستخدم لرفع مستوى المعيشة وتركيز اهتمامها – أساساًعلى المناطق الريفية ".
تعريف هيئة الأمم المتحدة عام 1955م:
هي " العملية المرسومة لتقدم المجتمع جميعه اجتماعياً واقتصادياً،وتعتمد بقدر الإمكان على مبادرة المجتمع المحلي وإشراكه ".
تعريف إدارة التعاون الدوليةالتابعة للأمم المتحدة:
عملية للعمل الاجتماعي تساعد أفراد المجتمع على تنظيم أنفسهم للتخطيط والتنفيذ عن طريق تحديد مشاكلهم واحتياجاتهم الأساسية، والتكامل بين الخطط الفرديةوالجماعية لمقابلة احتياجاتهم، والقضاء على مشاكلهم، والعمل على تنفيذ هذه الخطط بالاعتماد على الموارد الذاتية للمجتمع، واستكمال هذه الموارد بالخدمات والمساعدات الفنية والمادية من جانب المؤسسات الحكومية والأهلية من خارج المجتمع المحلي.
وحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يتسع مفهوم التنمية لأبعاد ثلاثةهي:
1.تكوين القدرات البشرية، مثل تحسين الصحة وتطوير المعرفةوالمهارات؛
2. استخدام البشر لهذه القدرات في الاستمتاع، أو الإنتاج – سلعاً وخدمات، أو المساهمة الفاعلة في النشاطات الثقافية والاجتماعية والسياسية؛
3. مستوى الرفاه البشري المحقق، في إطار ثراء المفهوم المبين.
فالتنمية حركة تستهدف تحقيق حياة أحسن للمجتمع المحلي نفسه من خلال المشاركةالإيجابية للأهالي. أو من خلال مبادرة المجتمع المحلي نفسه، وإذا لم تتيسر هذه المبادرة فإن هذه الحركة تستخدم الأساليب التي توقظ وتثير هذه المبادرة ضماناً للحصول على استجابة جماعية وفعالة للحركة.
ومنه نقدم تعريف إجرائي للتنمية:
هي العملية التي يتم عن طريقها إحداث تغيير متكامل مقصود للمجتمعات المحلية عن طريق إقامة المشاريع التنموية المختلفة بالمناطق الريفية، وإيجادالتعاون في مجال تنفيذ هذه المشاريع بين الاجتماعي والطبيب والزراعي والمعلم والمهندس ورجل الدين بالإضافة إلى جهود المواطنين المحليين، وذلك من أجل نقل هذه المجتمعات إلى وضع آخر أفضل مع العمل على التحكم المستمر في التغيرات التلقائية التي تحدث في كل مجتمع من تلك المجتمعات، وبلورة وتطوير أساليب ضبطها مع الالتزام في تلك العملية كلها بالإطار العام لخطة الدولة.
2. المفاهيم ذات الصلة بالتنمية:
1) النمو :
هناك عدة تعاريف للنمو الاقتصادي، وعلى العموم يمكن أن نعرف النمو بالزيادة المستمرة في كمية السلع و الخدمات المنتجة من طرف الفرد في محيط اقتصادي معين؛ غير أنه هناك من يعرف النمو الاقتصادي بالزيادةالكمية لكل من الدخل القومي والناتج القومي؛ أما الاقتصادي" S.Kuznets " في كتابه " النمو والهيكل الاقتصادي" يعرف النمو الاقتصادي كـما يلي " النمو الاقتصادي هوأساساً ظاهرة كمية؛ وبالتالي يمكن تعريف النمو الاقتصادي لبلد ما، بالزيادة المستمرة للسكان و الناتج الفردي".
ويعرفه " جون ريفوار" بـ التحول التدريجي للاقتصاد عن طريق الزيادة في الإنتاج أو الرفاهية بحيث الوضعية التي يصل إليها الاقتصاد هي في اتجاه واحد نحو الزيادة لهذه الأخيرة؛ وبصفة أكثر دقة يمكن تعريف النمو، بالزيادةفي إجمالي الدخل الداخلي للبلد مع كل ما يحققه من زيادة في نصيب الفرد من الدخل الحقيقي، وبالتالي من هذه التعاريف يمكن أن نستخرج الخصائص التالية:
1- يجب على الزيادة في الدخل الداخلي للبلد أن يترتب عنها الزيادة في دخل الفرد الحقيقي،أي أن معدل النمو الاقتصادي هو عبارة عن معدل نمو الدخل الوطني مطروح من معدل النموالسكاني .
2- أن تكون الزيادة في دخل الفرد حقيقية، أي أن الزيادة النقدية فيدخل الفرد مع عزل أثر معدل التضخم.
3- يجب أن تكون الزيادة في الدخل على المدى الطويل، أي أنها لا تختفي بمجرد أن تختفي الأسباب.
ومنه يقصد بالنمو الاقتصادي تلك الزيادة في الإنتاج المحلي والتي يعبر عنه بPIB (الناتج الداخلي) PNB (الناتج الوطني الخام) والتي ينبثق عنها زيادة في متوسط نصيب كل فرد من الإنتاج حيث الناتج المحلي الإجمالي يساوي:مجموعة القيم المضافة لمختلف القطاعات الاقتصادية:
Pib =مجموع القيم المضافة لمختلف القطاعات الاقتصادية.
مع العلم أن القيمة المضافة=قيمة المنتجات المباعة-قيمة السلع الوسطية.
ويصبح متوسط نصيب الفرد من الإنتاج =الناتج الوطني/عدد السكان.
2) التغير:
التغير هو التحول الذي يقع في التركيب السكاني للمجتمع،او في انماط علاقاته او في قيمه ومعاييره التي تؤثر في افراده،والتغير لا يؤدي بالضرورة والحتمية الى التقدم والازدهار.
3. اهداف التنمية:
إن أهداف التنمية العامة هو رفع المستوى الاجتماعي، الثقافي، الاقتصادي، والصحي،وحل المشكلات الناجمة عن التخلف وتهيئة فرص جديدة للعمل للأفراد والمجتمع،والانتفاع الكامل بكافة الإمكانات والموارد وتهيئة طاقات أفراد المجتمع لاستغل الموارد بيئتهم وتنظيم علاقاتهم بعضهم ببعض أثناء العمل الجماعي الموجه لإحداث التغيير.
كما تسعى التنمية إلى جانب هذا كله إلى تحقيق هدف رئيسي هو تنمية طاقات الأفراد لكي يتحمل كل منهم مسؤولياته تجاه خطة التنمية له خاصة ومجتمعه عامة. وقد تعددتآراء الباحثين الاجتماعيين في تحديد أهداف التنمية، حيث إن البعض يرى أن أهداف التنمية تركز أساسا على أهمية التقدم الاجتماعي والاقتصادي، واعتبار ذلك من أهمأهداف التنمية على أساس أن برامج ومشاريع التنمية تهدف إلى تحقيق مستويات أفضل للمعيشة. ويرى البعض الآخر أنه يجب التركيز على عملية تنمية قدرات أفراد المجتمع للعمل والتفكير والابتكار والتجديد والإبداع باعتبارها جميعا قدرات ضرورية لتحقيق أهداف التنمية الشاملة، وعلى أساس أنهم لا يعتبرون التغيير المادي الهدف النهائي للتنمية. وكذلك يرى آخرون أن التنمية تهدف إلى إيجاد الطريقة التي يرتبط بها أفرادالمجتمع بعملية التنمية، لكن هذه الآراء مع اختلافها مع آراء أخرى توضح لنا أن التنمية تسعى إلى تحقيق أهداف عامة تتلخص في إشباع الحاجات الأساسية لغالبية أفرادالمجتمع مع تحقيق التجانس، بمعنى تذويب الفوارق بين طبقات المجتمع بهدف القضاء علىالصراع والتنازع بينها عن طريق تهيئة الفرص المتكافئة لتحقيق تماسك المجتمع وتقوية العلاقات الاجتماعية بين الأفراد والجماعات، وكذلك الاهتمام بتحقيق التكامل بينالجوانب الاجتماعية، الاقتصادية، والثقافية الصحيحة للمجتمع حتى لا يطغى جانب على آخر أثناء تنفيذ مشاريع التنمية، مع العلم أن تنمية المجتمع كوسيلة لتحقيق التنمية على المستوى المحلي تهدف أساسا إلى البحث عما يمكن عمله لتحسن ظروف المعيشة في حدودإمكانيات وموارد المجتمع المحلي المتاحة، وغايتها كسب رضا أفراد المجتمع بمساعدتهم على مقابلة احتياجاتهم واكتساب مهارات جديدة تساعدهم على زيادة إنتاجهم ودخلهم مع التأكيد على التعاون بين الحكومة والهيئات الأهلية لمنع تكرار الخدمات وازدواجيتها لتحقيق التكامل في مختلف المجالات وتنسيق العمل بين الهيئات العاملة في مجال التنمية، سواء كانت أهلية أو حكومية، كما تهدف إلى رفع مستوى الخدمات القائمةبالفعل وتدعيم الهيئات القائمة بها بالمساعدات الفنية والمالية حتى يمكن تحقيق أهدافها.
4. ابعاد التنمية: للتنمية ابعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وبيئية وهي:
1) التنمية الاقتصادية: هي عملية بموجبها تستخدم دولة مواردها المتاحة لتحقيق معدل سريع للتوسع الاقتصادي يؤدي الى زيادة مطردة في دخلها القومي وفي نصيب الفرد من السلع والخدمات.وتتطلب هذه التنمية التغلب تدريجيا على المعوقات الاقتصادية وتوافر رؤوس الاموال والخبرة الفنية والتكنولوجية.
- تهدف التنمية الاقتصادية الى استخدام الموارد الطبيعية لتحقيق الرفاه الاقتصادي للجماعة والفرد، وهذا يتأتى بالسيطرة الكاملة على مختلف موارد الطبيعة واستغلالها أمثليا.
- العدالة الاجتماعية فالهدف النهائي للتنمية إنساني ويكمن في استخدام نتائج التقدم الاقتصادي لنشر العدالة الاجتماعية مشتملة عن القيمالإنسانية الرفيعة في جميع نواحي المعمورة.
2) التنمية الاجتماعية:
التنمية الاجتماعية هي الجهود التي تبذل لإحداث سلسلة من المتغيرات الوظيفية والهيكلية اللازمة لنمو المجتمع،وذلك بزيادة قدرة أفراده على استغلال الطاقات المتاحة إلى أقصى حد ممكن لتحقيق اكبر قدر من الحرية والرفاهية لهؤلاء الأفراد بأسرع من معدل النمو الطبيعي.
فهي التي تجعل الإنسان يحس بالمجتمع كله من حوله وكأنه أسرة واحدة بل كأنه جسد واحد.وأهداف التنمية الاجتماعية هي:
- القضاء على الفقر المطلق أو المدقع بحلول موعد يحدد لكل بلد.
- تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة لإدماجها في عملية التنمية.
- تشجيع التكامل الاجتماعي القائم على تعزيز جميع حقوق الإنسان.
- الإسراع بتنفيذ ووضع خطط للتنمية الاجتماعية للبلدان الأكثر نموا.
- إدراج أهداف التنمية الاجتماعية ضمن برامج التكيف الهيكلي.
- تهيئة بيئة اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية وقانونية تمكن السكان من تحقيق التنمية الاجتماعية.
- تمكين المجتمع على قدم المساواة من الحصول على التعليم والرعاية الصحية الأولية.
- تعزيز التعاون من اجل التنمية الاجتماعية عن طريق الأمم المتحدة.
3) التنمية السياسية:
يعد مفهوم التنمية السياسية من المواضيع الحديثة نسبياً ، برز استخدامه في عقدالخمسينيات والستينيات ، وأقترن بدول العالم الثالث وبتطوير نظمها السياسية ، حيث ظهر موضوع التنمية السياسية كفرع حديث من علم السياسة يهتم بدراسة العلاقة بينالمجتمع والنظام السياسي ، ورافق تطور هذا المفهوم العديد من المصطلحات السياسية فيالعالم ، تلتقي في الكثير من جوانبها بالتنمية السياسية ، مثل الإصلاح والتحديث السياسي ، والتحول الديمقراطي ، والتعددية ، وغير ذلك من المصطلحات المتداخلة في معانيها بالنسبة للباحث غير المتخصص.
يعني مصطلح التنمية السياسية بأنها تحول إلى الديمقراطية ، أو العزوف عن الاتجاه اللاديمقراطي ، كما يشير مفهوم التنمية السياسية إلى ما يسمى بعملية التحديث السياسي ، وتشترط الدكتورة نداء الشريفي عناصر أساسية لمفهوم التنمية السياسية منهاشرعية النظام السياسي ، ووجود مجتمع يرغب في النمو ، بالإضافة إلى مؤسسات ديمقراطيةمبنية على التعددية والمساواة والحرية.
وضع لوسيان باي عشرة تعريفات مختلفة لمفهوم التنمية السياسية ، فاعتبر التنميةالسياسية هي التحديث السياسي ولا تنفصم عنه ، وهي أيضاً بناء الديمقراطية ، وقال أنالتنمية السياسية تتضمن ( الاتجاه نحو مزيد من المساواة بين الأفراد في علاقاتهم بالنظام السياسي ، وتزايد قدرة النظام السياسي في علاقته بالبيئة المحيطة ، وتعزيز تمايز وتخصص المؤسسات والبنى داخل النظام السياسي) ، أما هانتنجتون فقد أشار إلى التنمية السياسية بوصفها (عملية نمو في كفاءة المؤسسات) ، فنظر إلى التنمية السياسية من زاوية أحادية هي مأسسة النظام السياسي ليصبح قادراً على التعامل مع مقتضيات التعبئة الاجتماعية والمشاركة السياسية.
4) التنمية البشرية:
فرض مصطلح التنمية البشرية نفسه في الخطاب الاقتصادي والسياسي على مستوى العالم بأسره وخاصة منذ التسعينات، كما لعب البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة وتقاريره السنوية عن التنمية البشرية دورا بارزا في نشر وترسيخ هذا المصطلح.

ومنه فإن مصطلح التنمية البشرية يؤكد على أن الإنسان هو أداة وغاية التنمية حيث تعتبرالتنمية البشرية النمو الاقتصادي وسيلة لضمان الرفاه للسكان، وما التنمية البشرية إلا عملية تنمية وتوسع للخيارات المتاحة أمام الإنسان باعتباره جوهر عملية التنمية ذاتها أي أنها تنمية الناس بالناس وللناس.
إن مفهوم التنمية البشرية هو مفهوم مركب من جملة من المعطيات والأوضاع والديناميات. والتنمية البشرية هي عملية أوعمليات تحدث نتيجة لتفاعل مجموعة من العوامل والمدخلات المتعددة والمتنوعة من أجل الوصول إلى تحقيق تأثيرات وتشكيلات معينة في حياة الإنسان وفي سياقه المجتمعي وهيحركة متصلة تتواصل عبر الأجيال زمانا وعبر المواقع الجغرافية والبيئية على هذا الكوكب.

فالتنمية البشرية المركبة تستدعي النظر إلى الإنسان هدفا في حد ذاته حين تتضمن كينونته والوفاء بحاجته الإنسانية في النمو والنضج والإعداد للحياة .إن الإنسان هو محرك الحياة في مجتمعه ومنظمهاوقائدها ومطورها ومجددها. إن هدف التنمية تعنى تنمية الإنسان في مجتمع ما بكل أبعاده الاقتصادية والسياسية وطبقاته الاجتماعية، واتجاهاته الفكرية والعلمية والثقافية.
5) التنمية المستدامة:
كثر استخدام مفهوم التنمية المستدامة في الوقت الحاضر، ويعتبر أول من أشار إليه بشكل رسمي هو تقرير" مستقبلنا المشترك " الصادر عن اللجنة العالمية للتنمية والبيئة عام 1987. تشكلت هذه اللجنة بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/ كانون الأول عام 1983 برئاسة "برونتلاند" رئيسة وزراء النرويج وعضوية ( 22 ) شخصية من النخب السياسية والاقتصادية الحاكمة في العالم، وذلك بهدف مواصلة النمو الاقتصادي العالمي دون الحاجة إلى إجراء تغيرات جذرية في بنية النظام الاقتصادي العالمي.
وتم بموجب هذا التقرير دمج الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في تعريف واحد. وعرفت اللجنة التنمية المستدامة: "بالتنمية التي تأخذ بعين الاعتبار حاجات المجتمع الراهنة بدون المساس بحقوق الأجيال القادمة في الوفاء باحتياجاتهم".
وهنالك صنفين من التعاريف:
الصنف الأول: تمثل تعاريف مختصرة سميت بالتعاريف الأحادية للتنمية المستدامة، وهذه التعاريف اقرب للشعارات وتفتقد للعمق العلمي والتحليلي ومنها:
- التنمية المستدامة هي التنمية المتجددة والقابلة للاستمرار.
- التنمية المستدامة هي التنمية التي تتعارض مع البيئة.
- التنمية المستدامة هي التي تضع نهاية لعقلية لا نهائية الموارد الطبيعية.
أما الصنف الثاني: تمثل تعاريف أكثر شمولا ومنها: ـ هي التنمية التي تفي باحتياجات الحاضر دون الأضرار بقدرة أجيال المستقبل على الوفاء باحتياجاتها الخاصة، وهي تفترض حفظ الأصول الطبيعية لأغراض النمو والتنمية في المستقبل. ـ هي تنمية اقتصادية واجتماعية متوازنة ومتناغمة، تعني بتحسين نوعية الحياة، مع حماية النظام الحيوي. ـ هي التنمية التي تقوم أساسا على وضع حوافز تقلل من التلوث وتقلل من حجم النفايات والمخلفات وتقلل من حجم الاستهلاك الراهن للطاقة وتضع ضرائب تحد من الإسراف في استهلاك الماء والموارد الحيوية. وحصر تقرير الموارد العالمية الذي نشر عام 1992 المختص بدراسة موضوع التنمية المستدامة ما يقارب ( 20 ) تعريف للتنمية المستدامة، وتم تصنيف كما يلي:
1 - التعريفات ذات الطابع الاقتصادي:
تمثل التنمية المستدامة لدول الشمال الصناعية، إجراء خفض عميق ومتواصل في استهلاك الطاقة والموارد الطبيعية، وإحداث تحولات جذرية في الأنماط الحياتية السائدة في الاستهلاك والإنتاج، وامتناعها عن تصدير نموذجها الصناعي للعالم.
2 - التعريفات ذات الطابع الاجتماعي والإنساني:
التنمية المستدامة تعني السعي من اجل استقرار النمو السكاني ووقف تدفق الأفراد على المدن من خلال تطوير مستويات الخدمات الصحية والتعليمية في الأرياف وتحقيق اكبر قدر من المشاركة الشعبية في التخطيط للتنمية.
وأكد تقرير "برونتلاند" على الارتباط الوثيق بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع الحفاظ على البيئة، وأشار التقرير إلى عدم إمكانية تطبيق إستراتيجية للتنمية المستدامة دون ملاحظة متطلبات التنمية للجوانب الثلاث " الاقتصادية والاجتماعية والبيئة ".
ما يمكننا قوله بالأخير إن التنمية تنمية أساس نهضة أي دولة بناء من التنمية الاقتصادية والتي تسعى إلى تحسين الدخل القومي والفردي ومنه يؤدي إلى الرخاء وهذا الأخير يؤدي إلى إحداث تنمية بشرية والتي تجعل هناك إمكانية للفرد من المشاركة السياسية ومنه تنشئة