منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
By نايف السبعان 101
#57340
لا استغراب ولا تعجب في سياسة واشنطن، فمثلما كان غيابها عن المشهد السوري محل تساؤل، كان حضورها ايضا محل تساؤل، عجيب أمر هذه القوة إن غابت استنكرنا عليها الغياب، وان حضرت أدنَّا حضورها، فكأنها تتعمد أن ترانا متناقضين في الحكم على مواقفها من قضايانا المصيرية، مربكة ومزعجة ومدانة، ولكنها قدرنا الذي يسلب منا العقل والإرادة، ونطلب منها بعد هذه الاستباحة أن تمنحنا شيئاً من الفكر الذي فقدناه لنحكم على سياستها حكما ترضاه ولا نرضاه.

حضرت واشنطن في المشهد السوري مؤخرا لتدرج جماعة أو حركة نصرة على قائمة الإرهاب الدولي، فقالت: ان نصرة الشام مرتبطة بقاعدة العراق، وقتلت الأبرياء في سوريا وكانت وراء 600 عملية ارهابية على طول مدن الشام وعرضها،... فقاعدة العراق علم ما خفي من أمرها ربعها حقيقة وثلاثة أرباعها يقسم على طهران وحزب الدعوة، وواشنطن، فأي قسم تتبع له حركة نصرة في سوريا!!

واشنطن التي تقول: إنها تساند المطالب الشعبية في التغيير وتدعم اختيار الجماهير لمستقبلها، لمَ لمْ تستمع لصوت الشعب في سوريا عندما ادانت جماعة نصرة، فقد أجمع الشعب السوري في الداخل على سلامة مسلك "نصرة " المقاوم وعلى نبل أهدافها، أم أن واشنطن ترى إن كل من يقاوم نظام الأسد عضو في تنظيم القاعدة، كانت المعلومات التي تزعم بوجود جماعات ارهابية في سوريا تخرج من نظام الأسد وبعض الأنظمة المؤيدة له مثل طهران وحكومة المالكي في العراق، فهل حكومة المالكي هي من سرب تلك المعلومات للبيت الأبيض؟ واعطاها احصائيات بعدد الهجمات التي نفذتها، أم أن نصرة الشام جاءت عن طريق الجسر الجوي الذي اقامته طهران عبر العراق لدعم حليفها بسوريا؟

يبدو أن أوراق تنظيم القاعدة التي بيد واشنطن كثيرة، ومن ضمن هذه الأوراق تنظيم القاعدة في ليبيا التي دعمته في حربه مع نظام القذافي، فما هو الشيء الذي اختلف بين قاعدة سوريا وقاعدة ليبيا؟ لا استغراب في السياسة فكل نظام له حقيقته الخاصه به، فواشنطن عملت وفقا لحقيقتها السياسية، التي ليس بالضرورة أن تكون مطابقة للحقيقة على أرض الواقع، فدائما الحقائق السياسية هي التي تعمل على تشكيل الواقع، ولكن هذه المرة الحقيقة السياسية التي رمتها واشنطن على رأس الشعب السوري في الداخل، لن تكون بداية لواقع تريده واشنطن، ولكنها ورقه وحيدة وأخيرة بيد واشنطن وخرجت من يدها، بعد إدراج حركة نصرة السورية على قائمة الإرهاب، فالشعب السوري لا يدين للموقف الأمريكي بأي شيء سواء كان عسكريا أو سياسيا، وعلى هذا المبدأ لا يستطيع أن يتقبل موضوع الإدراج هذا، الذي يريد أن يعاقب جماعة قدمت حياتها في سبيل كرامة الشعب السوري، وتتبعت التدخل العسكري الإيراني وفضحت وجوده، ذلك الوجود المسكوت عنه امريكيا، قد يكون تناقض واشنطن مقبولا في العراق حيث حليفها موجود على سدة الحكم يثبت لها إدانتها بواقع يتشكل ويتغير وفق ارادتها، أما في سوريا فالواقع مأساة بكل جوانبه، فالنظام حليف للشيطان، والمعارضة حليفة للمأساة، وإن سعت واشنطن للوصول الى حليف محتمل سوف تفاجأ بأن ماتسعى اليه يبقى احتمالا إن صدق مسعاها لن يكون الا مع مأساته، وإن كذب لن يخون واقعه، فهل ارتد تناقض واشنطن عليها هذه المرة؟ الله أعلم.