- الاثنين ديسمبر 17, 2012 12:58 pm
#57715
كان سكان تركيا الأقدمون من بين الزراع الأول في العالم، فلقد ازدهرت في تركيا الآسيوية (آسيا الصغرى) حضارات الحيتيين والفريجيانيين والليديانيين وتزامنت مع الحضارة اليونانية القديمة (الإغريقية).
وفي القرن الأول قبل الميلاد أصبحت آسيا الصغرى جزءًا من الإمبراطورية الرومانية، وبعد ذلك انتقلت ملكيتها إلى الإمبراطورية البيزنطية (التي خلفت الإمبراطورية الرومانية).
وفي القرن السادس الميلادي انتشر التركيك من منغوليا (في وسط آسيا) إلى تركستان، وهناك اعتنقوا الدين الإسلامي.
في عام 1055 استولى الأتراك السلاجقة على بغداد (عاصمة العراق الآن)، واتخذ زعيمهم (طوغرول) لنفسه لقب السلطان. وفي عام 1071 وقعت معركة منزيكرت، حيث هزم الأتراك السلاجقة البيزنطيين، واستولوا على آسيا الصغرى.
أما الأتراك العثمانيون فقد ظهروا لأول مرة في أوائل القرن الثالث عشر في الأناضول وكانوا ولاة للأتراك السلاجقة، وينسبون إلى جدهم عثمان، الأمير الذي أسس الأسرة العثمانية الحاكمة في عام 1299 على رأس مملكة عثمانية صغيرة سرعان ما أزاحت السلاجقة لتضم كل آسيا الصغرى، وفي عام 1354 استولى الأتراك العثمانيون على شبه جزيرة جاليبولي (تقع في تركيا الأوروبية بين بحر إيجه في الشمال ومضيق الدردنيل في الجنوب)، وبدأوا فتوحاتهم في أوروبا، وفي عام 1389 وقعت معركة كوسوفو، حيث هزم الأتراك جيوش الصرب وسيطروا على معظم شبه جزيرة البلقان، وفي عام 1453 سقطت القسطنطينية، عاصمة الإمبراطورية البيزنطية في يد الأتراك، وأصبحت عاصمة للإمبراطورية العثمانية، وتسمت اسطنبول.
في القرن السادس عشر بلغت الإمبراطورية العثمانية ذروة مجدها تحت حكم السلطان سليمان الفاتح (1520-66)، إذ فتح الأتراك مصر، سوريا، شبه الجزيرة العربية، بلاد ما بين النهرين، طرابلس، قبرص، ومعظم المجر، واقتحموا أبواب فيينا، لكن حصارهم لها لم يكلل بالنجاح، وكان نذيرًا باضمحلال القوة التركية. وفي 1699 عقدت معاهدة كارلو ويتز، وفيها أرغم النمسويون الأتراك على الخروج من المجر، وبحلول القرن الثامن عشر سعت روسيا لأن تجعل من نفسها حامية حمى المسيحيين في إقليم البلقان التركية، وفي عام 1774 طردت روسيا الأتراك من شبه جزيرة القرم.
وفي القرن التاسع عشر ظهرت «المسألة الشرقية»، إذ أدى ضعف الإمبراطورية العثمانية إلى قيام منافسة حادة بين القوى الكبرى حول تشكيل مستقبل الشرق الأدنى.
واندلعت حرب الاستقلال اليونانية من 1821 – 29 حيث هزم اليونانيون الأتراك بمساعدة روسيا وبريطانيا وفرنسا، ووقعت حرب القرم من 1854 إلى 1856 وفيها حاربت بريطانيا وفرنسا لتحولا دون تعرض الإمبراطورية العثمانية للمزيد من الضغوط الروسية.
واندلعت الحرب الروسية التركية في 1877 وانتهت بمعاهدة برلين (1878) وانسحاب الأتراك من بلغاريا.
وفي 1908 كانت ثورة تركيا الفتاة (وهو التنظيم الذي ضم الشباب الأحرار في تركيا) التي أرغمت السلطان على منح دستور للبلاد، وبدأت عملية التحديث السياسي.
وفي 1911 كانت الحرب الإيطالية التركية، وفيها ضاعت طرابلس (ليبيا) من تركيا، وفي حرب البلقان (1912–13) قامت اليونان وصربيا وبلغاريا بطرد الأتراك من مقدونيا وألبانيا، وفي عام 1914 دخلت الإمبراطورية العثمانية الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا، وبعد هزيمة تركيا في الحرب في 1919 (كانت شريكًا لألمانيا والنمسا) وتجرعت ذل احتلال القوات اليونانية وغيرها من قوات الحلفاء لبعض أراضيها. وقامت في البلاد حركة بزعامة مصطفى كمال (كمال أتاتورك فيما بعد) لمقاومة احتلال قوات الحلفاء للأراضي التركية. وفي عام 1920 انتخبته الجمعية الوطنية التركية رئيسًا للجمعية وللحكومة، وأمكن تحت زعامته طرد القوات اليونانية من الأراضي التي كانت تحتلها، وتم انسحاب باقي قوات الحلفاء من تركيا وتم الاعتراف باستقلال تركيا في معاهدة لوزان (1923).
وفي 29 أكتوبر 1923 أعلنت الجمهورية في تركيا، وعين أتاتورك رئيسًا للجمهورية، وبدأ برنامجًا هائلاً لتأسيس دولة علمانية ديمقراطية وفق النموذج الأوروبي الذي فرضه أتاتورك، وفي عام 1924 ألغيت الخلافة الإسلامية (وهي الزعامة الروحية للمسلمين)، ومات أتاتورك في 1938، وخلفه الجنرال عصمت إينونو، الذي ظل يعاد انتخابه رئيسًا للبلاد إلى أن هزم في 1950 في أول انتخابات حرة تجرى في البلاد، وفاز جلال بايار برئاسة الجمهورية، وأصبح عدنان مندريس رئيسًا للوزراء.
كانت تركيا قد عقدت معاهدة المساعدة المتبادلة في عام 1939 مع بريطانيا وفرنسا، والتزمت تركيا الحياد معظم سني الحرب العالمية الثانية، لكنها أعلنت الحرب في 23 فبراير 1945 على ألمانيا واليابان، وإن لم تقم بدور نشط في القتال، وفي عام 1952 أصبحت تركيا عضوًا كامل العضوية في حلف شمال الأطلنطي. وفي عام 1960 وقع انقلاب عسكري بقيادة جمال جورسيل أطاح بمندريس الذي أعدم في 1961، وفي نفس العام عاد إينونو إلى الحكم كرئيس للوزراء وسيطرت مسألة قبرص على الأجواء السياسية في البلاد. وفي 1965 تولى حكم البلاد حزب العدالة برئاسة سليمان ديميريل، وفي المدة من 1971 إلى 1973 فرض الجيش على البلاد حكمًا عسكريًّا، وحفزه إلى ذلك الإضرابات الطلابية.
وفي 20 يوليو 1974 قامت تركيا بغزو جزيرة قبرص (بحرًا وجوًّا) التي تقع قبالة سواحلها، وذلك في أعقاب فشل الجهود الدبلوماسية لتسوية الأزمة الناشئة عن إخراج الأسقف مكاريوس من الحكم، واستيلاء الضباط القبارصة اليونانيين على الحكم كخطوة نحو توحيد البلاد مع اليونان، وفي منتصف أغسطس انهارت المحادثات التي كانت تجري في جنيف وشارك فيها اليونان وتركيا وبريطانيا وزعماء القبارصة اليونانيين،وزعماء القبارصة الأتراك. وفي 16 أغسطس أعلنت تركيا وقف إطلاق النار من جانب واحد، وذلك بعد أن سيطرت على 40% من أراضي الجزيرة، وأقام القبارصة الأتراك دولتهم الخاصة بهم في شمال الجزيرة في 13 فبراير 1975.
وكرد فعل على الإجراءات التركية، قامت الولايات المتحدة بقطع مساعدتها العسكرية عن تركيا التي ردت بالاستيلاء على جميع المحطات الأمريكية هناك باستثناء القاعدة الدفاعية المشتركة في إنكرليك التي أبقت عليها لعمليات حلف الأطلنطي لكن المساعدات الأمريكية أعيدت في 1978.
في عام 1980 وقعت أعمال عنف، فقد نشأت توترات دينية وعرقية ونشط المتطرفون من اليمين ومن اليسار، مما أدى إلى استيلاء العسكر على الحكم في 12 سبتمبر 1980. وكانت الأحكام العرفية قد فرضت في عام 1978، وقامت جمعية تأسيسية تكونت من أعضاء مجلس الأمن القومي الستة ومن أعضاء آخرين عينهم المجلس، قامت بوضع دستور جديد للبلاد، أقرّه الناخبون بأغلبية كاسحة في استفتاء أُجري في 6 نوفمبر 1982. وفي الانتخابات البرلمانية التي أُجريت في أواخر عام 1983 فاز حزب الوطن الأم بزعامة تورجوت أوزال الذي أُعيد انتخابه في نوفمبر 1987.
وأدت الوفاة المفاجئة لأوزال في أبريل 1993 إلى اضطلاع ديميرل بمنصب رئاسة الجمهورية في شهر مايو، وفي شهر يونيو اختار حزب الطريق الصحيح تانسو شيللر زعيمة له لتصبح أول امرأة تتولى رئاسة الوزارة في تركيا.
كانت تركيا من ضمن دول التحالف التي أخرجت العراق من الكويت في عام 1991. وفي أعقاب الحرب العراقية الكويتية هذه، فرّ ملايين من اللاجئين الأكراد إلى الحدود التركية هربًا من القوات العراقية، وكان الأكراد قد بدأوا في عام 1984 حرب عصابات سعيًا للحصول على المزيد من الاستقلال الذاتي، وقامت الحكومة التركية بشن هجمات متقطعة ضد الأكراد الداعين إلى الانفصال في منطقة الحدود مع العراق مما تسبب في وقوع خسائر جسيمة في الأرواح بين المدنيين ورجال العصابات، وقام الثوار الأكراد بشن غارات على البعثات الدبلوماسية التركية في 25 مدينة في أوروبا الغربية. وفي مارس 1995 تحركت قوات تركية قوامها 25 ألف جندي إلى شمال العراق؛ لاجتثاث جذور الثوار الأكراد الذين استخدموا العراق كقاعدة لهم، واستمرت هذه العملية ستة أسابيع، لكن تبعتها غارة أخرى في شهر يوليو.
وطوال التسعينيات كان حزب الرفاه (الرفاهية)، وهو تجمع إسلامي، يستقطب الأتباع ويزداد قوة على قوة، وحصل في الانتخابات العامة التي أجريت في 1995 على أكبر عدد من مقاعد البرلمان، لكنه لم يتمكن من تشكيل الحكومة إلا في يونيو 1996 بالائتلاف مع حزب الطريق الصحيح، لكن الحكومة الموالية للإسلام اضطرت للاستقالة تحت ضغوط العسكر العلمانيين، وكان ذلك في 18 يونيو 1997، وبعد ذلك اتخذت إجراءات حكومية لكبح نمو الأصولية الإسلامية.
وفي 12 ديسمبر 1997 رفض الاتحاد الأوروبي بشدة محاولة تركيا للانضمام إلى عضوية الاتحاد، وزاد العسكر من حملتهم المناهضة للأصولية الإسلامية في عام 1998، وفرض الحظر على حزب الرفاه الإسلامي.
وفي 15 فبراير 1999 تم أسر عبد الله أوجلان، زعيم الثوار الأكراد، وفي 29 يوينو أُدين بالإرهاب وحكمت عليه محكمة أمن تركية بالموت، وفي 5 أغسطس أعلن حزبه، حزب العمال الكردي، تخليه عن تمرده المسلح الذي دام أربعة عشر عامًا.
في 1998 اندلعت أعمال العنف في قبرص. على أن أفدح حدث في هذا العام بالنسبة لتركيا كان رفض الاتحاد الأوروبي طلب انضمامها إليه.
في 1999 انتزعت تركيا بعد لَأْيٍ موافقة من سوريا على ألا تساعد ثوار الأكراد (مع وجود عشرة آلاف جندي تركي على الحدود مع سوريا). لكن حكومة يلمظ خسرت تصويت الثقة بها بسبب اتهامات بالفساد وجهت إليها. وطلب الرئيس ديميرل من بولنت إيجيفت تشكيل حكومة أقلية مؤقتة.
أدى زلزال أغسطس 1999 الذي راح ضحيته آلاف الأرواح إلى مجيء المساعدات من الاتحاد الأوروبي ومن اليونان، وردّت تركيا المعروف بالمثل لليونان عندما وقع الزلزال فيها في سبتمبر ـ وأدى الحدثان إلى بدء تحسين العلاقات بين البلدين.
في فبراير 2000 أعلن زعماء الأكراد تخليهم عن كل أعمال العنف. وفي مايو انتخب البرلمان كبير القضاة أحمد سيزار رئيسًا للجمهورية خلفًا للرئيس ديميرل الذي خرج من المنصب، حيث يمنع الدستور التجديد للرئيس فترة ثانية.
كان تولي سيزار بشيرًا بعهد جديد من الانتصار لمبدأ الحرية الشخصية، فنادى بتخفيف القوانين المعارضة للغة الكردية، ودعا إلى حرية التعبير لتشمل أحزاب الأصوليين الإسلاميين، ودعا البرلمان إلى تقنين الإصلاحات الديمقراطية، واستخدم حقه في الاعتراض (الفيتو) على تشريع ـ أوحى به العسكر ـ يسمح للحكومة بفصل آلاف من الموظفين المدنيين المتعاطفين مع الشريعة الإسلامية أو مع الأكراد، وعارض قوانين تسمح للحكومة بفرض الرقابة على عروض التليفزيون أو على مواقع شبكة الإنترنت.
في ديسمبر 2000 واجه الرئيس سيزار إضراب المعتقلين السياسيين عن الطعام، فأعلن مشروعًا للعفو يشمل إطلاق سراح 72 ألف.
في 2001 وقع جدال بين سيزار ورئيس الوزراء إيجيفت مما أثار مخاوف زعزعة الحكومة، وأدى هذا إلى أزمة اقتصادية حادة، حيث انسحب المستثمرون الأجانب من تركيا وفقدت العملة التركية ثلث قيمتها. وأبدى صندوق النقد الدولي موافقته على الإصلاحات الاقتصادية التي قدمتها حكومة إيجيفت بتقديم سلسلة من القروض إليها.
في 3 أغسطس 2002 ألغت الحكومة عقوبة الإعدام، وفي أكتوبر خفف حكم الإعدام على أوجلان، الزعيم الكردي الثائر، إلى السجن مدى الحياة.
وفي نوفمبر صوَّت البرلمان على إجراء انتخابات جديدة في نوفمبر 2002 قبل موعدها بثمانية عشر شهرًا. وفي الانتخابات حصل حزب العدالة والتنمية (وهو فرع خرج من تحت عباءة حزب الرفاه الإسلامي) على 363 مقعدًا من مقاعد البرلمان البالغ عددها 550، وهي أول مرة تشكل فيها حكومة أغلبية في تركيا منذ 15 عامًا. وقام عبد الله غول، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، بتشكيل الحكومة (حيث كان رئيس الحزب رجب أردوغان في السجن). ولم يكن لأي من أعضاء هذه الحكومة ارتباط علني بالإسلام.
في ديسمبر 2002 وقع الرئيس سيزار تعديلاً دستوريًّا يسمح لزعيم الحزب رجب طيب أردوغان بالترشح للبرلمان. وفاز في انتخابات فرعية أجريت في مارس 2003 بـ85% من أصوات الناخبين ونودي به رئيسًا للوزراء.
أثناء قيام قوات التحالف بزعامة الولايات المتحدة بغزو العراق في المدة مارس – أبريل 2003 رفض البرلمان التركي السماح لقوات أمريكا بشن هجماتها على شمال العراق من أراضٍ تركية.
في يونيو 2003، وفي محاولة منه لترضية الاتحاد الأوروبي، وافق البرلمان التركي على منح الأكراد بعض الحقوق المدنية واستاء العسكر من ذلك، لكنهم اختاروا عدم التدخل.
في نوفمبر 2003 قام إسلاميون متشددون بتفجيرات انتحارية نجم عنها مقتل 58 شخصًا وجرح 750 في اسطنبول في معبدين يهوديين، وفي القنصلية البريطانية ومكاتب أحد البنوك الذي يقع مقره الرئيسي في لندن.
وفي أواخر 2003 تم إخضاع الميزانية العسكرية للرقابة البرلمانية. ومنح العفو لأعضاء حزب العمال الكردستاني، إلا أن هذا الحزب أنهى في يونيو 2004 وقفًا للقتال كان قائمًا كأمر واقع وبدأ هجمات متقطعة ضد القوات الحكومية، لكن التأييد الشعبي لحزب العمال الكردستاني (PKK) أخذ يقل ويضعف، حيث تتحسن أحوال الأكراد في كل من تركيا والعراق.
وتركيا تسعى منذ وقت طويل لأن تصبح عضوًا كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي، لكن هذا الاتحاد أخر محادثات انضمامها إلى عضويته إلى أن تتم تسوية المسائل المتعلقة بالاقتصاد وحقوق الإنسان والهجرة.
وفي القرن الأول قبل الميلاد أصبحت آسيا الصغرى جزءًا من الإمبراطورية الرومانية، وبعد ذلك انتقلت ملكيتها إلى الإمبراطورية البيزنطية (التي خلفت الإمبراطورية الرومانية).
وفي القرن السادس الميلادي انتشر التركيك من منغوليا (في وسط آسيا) إلى تركستان، وهناك اعتنقوا الدين الإسلامي.
في عام 1055 استولى الأتراك السلاجقة على بغداد (عاصمة العراق الآن)، واتخذ زعيمهم (طوغرول) لنفسه لقب السلطان. وفي عام 1071 وقعت معركة منزيكرت، حيث هزم الأتراك السلاجقة البيزنطيين، واستولوا على آسيا الصغرى.
أما الأتراك العثمانيون فقد ظهروا لأول مرة في أوائل القرن الثالث عشر في الأناضول وكانوا ولاة للأتراك السلاجقة، وينسبون إلى جدهم عثمان، الأمير الذي أسس الأسرة العثمانية الحاكمة في عام 1299 على رأس مملكة عثمانية صغيرة سرعان ما أزاحت السلاجقة لتضم كل آسيا الصغرى، وفي عام 1354 استولى الأتراك العثمانيون على شبه جزيرة جاليبولي (تقع في تركيا الأوروبية بين بحر إيجه في الشمال ومضيق الدردنيل في الجنوب)، وبدأوا فتوحاتهم في أوروبا، وفي عام 1389 وقعت معركة كوسوفو، حيث هزم الأتراك جيوش الصرب وسيطروا على معظم شبه جزيرة البلقان، وفي عام 1453 سقطت القسطنطينية، عاصمة الإمبراطورية البيزنطية في يد الأتراك، وأصبحت عاصمة للإمبراطورية العثمانية، وتسمت اسطنبول.
في القرن السادس عشر بلغت الإمبراطورية العثمانية ذروة مجدها تحت حكم السلطان سليمان الفاتح (1520-66)، إذ فتح الأتراك مصر، سوريا، شبه الجزيرة العربية، بلاد ما بين النهرين، طرابلس، قبرص، ومعظم المجر، واقتحموا أبواب فيينا، لكن حصارهم لها لم يكلل بالنجاح، وكان نذيرًا باضمحلال القوة التركية. وفي 1699 عقدت معاهدة كارلو ويتز، وفيها أرغم النمسويون الأتراك على الخروج من المجر، وبحلول القرن الثامن عشر سعت روسيا لأن تجعل من نفسها حامية حمى المسيحيين في إقليم البلقان التركية، وفي عام 1774 طردت روسيا الأتراك من شبه جزيرة القرم.
وفي القرن التاسع عشر ظهرت «المسألة الشرقية»، إذ أدى ضعف الإمبراطورية العثمانية إلى قيام منافسة حادة بين القوى الكبرى حول تشكيل مستقبل الشرق الأدنى.
واندلعت حرب الاستقلال اليونانية من 1821 – 29 حيث هزم اليونانيون الأتراك بمساعدة روسيا وبريطانيا وفرنسا، ووقعت حرب القرم من 1854 إلى 1856 وفيها حاربت بريطانيا وفرنسا لتحولا دون تعرض الإمبراطورية العثمانية للمزيد من الضغوط الروسية.
واندلعت الحرب الروسية التركية في 1877 وانتهت بمعاهدة برلين (1878) وانسحاب الأتراك من بلغاريا.
وفي 1908 كانت ثورة تركيا الفتاة (وهو التنظيم الذي ضم الشباب الأحرار في تركيا) التي أرغمت السلطان على منح دستور للبلاد، وبدأت عملية التحديث السياسي.
وفي 1911 كانت الحرب الإيطالية التركية، وفيها ضاعت طرابلس (ليبيا) من تركيا، وفي حرب البلقان (1912–13) قامت اليونان وصربيا وبلغاريا بطرد الأتراك من مقدونيا وألبانيا، وفي عام 1914 دخلت الإمبراطورية العثمانية الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا، وبعد هزيمة تركيا في الحرب في 1919 (كانت شريكًا لألمانيا والنمسا) وتجرعت ذل احتلال القوات اليونانية وغيرها من قوات الحلفاء لبعض أراضيها. وقامت في البلاد حركة بزعامة مصطفى كمال (كمال أتاتورك فيما بعد) لمقاومة احتلال قوات الحلفاء للأراضي التركية. وفي عام 1920 انتخبته الجمعية الوطنية التركية رئيسًا للجمعية وللحكومة، وأمكن تحت زعامته طرد القوات اليونانية من الأراضي التي كانت تحتلها، وتم انسحاب باقي قوات الحلفاء من تركيا وتم الاعتراف باستقلال تركيا في معاهدة لوزان (1923).
وفي 29 أكتوبر 1923 أعلنت الجمهورية في تركيا، وعين أتاتورك رئيسًا للجمهورية، وبدأ برنامجًا هائلاً لتأسيس دولة علمانية ديمقراطية وفق النموذج الأوروبي الذي فرضه أتاتورك، وفي عام 1924 ألغيت الخلافة الإسلامية (وهي الزعامة الروحية للمسلمين)، ومات أتاتورك في 1938، وخلفه الجنرال عصمت إينونو، الذي ظل يعاد انتخابه رئيسًا للبلاد إلى أن هزم في 1950 في أول انتخابات حرة تجرى في البلاد، وفاز جلال بايار برئاسة الجمهورية، وأصبح عدنان مندريس رئيسًا للوزراء.
كانت تركيا قد عقدت معاهدة المساعدة المتبادلة في عام 1939 مع بريطانيا وفرنسا، والتزمت تركيا الحياد معظم سني الحرب العالمية الثانية، لكنها أعلنت الحرب في 23 فبراير 1945 على ألمانيا واليابان، وإن لم تقم بدور نشط في القتال، وفي عام 1952 أصبحت تركيا عضوًا كامل العضوية في حلف شمال الأطلنطي. وفي عام 1960 وقع انقلاب عسكري بقيادة جمال جورسيل أطاح بمندريس الذي أعدم في 1961، وفي نفس العام عاد إينونو إلى الحكم كرئيس للوزراء وسيطرت مسألة قبرص على الأجواء السياسية في البلاد. وفي 1965 تولى حكم البلاد حزب العدالة برئاسة سليمان ديميريل، وفي المدة من 1971 إلى 1973 فرض الجيش على البلاد حكمًا عسكريًّا، وحفزه إلى ذلك الإضرابات الطلابية.
وفي 20 يوليو 1974 قامت تركيا بغزو جزيرة قبرص (بحرًا وجوًّا) التي تقع قبالة سواحلها، وذلك في أعقاب فشل الجهود الدبلوماسية لتسوية الأزمة الناشئة عن إخراج الأسقف مكاريوس من الحكم، واستيلاء الضباط القبارصة اليونانيين على الحكم كخطوة نحو توحيد البلاد مع اليونان، وفي منتصف أغسطس انهارت المحادثات التي كانت تجري في جنيف وشارك فيها اليونان وتركيا وبريطانيا وزعماء القبارصة اليونانيين،وزعماء القبارصة الأتراك. وفي 16 أغسطس أعلنت تركيا وقف إطلاق النار من جانب واحد، وذلك بعد أن سيطرت على 40% من أراضي الجزيرة، وأقام القبارصة الأتراك دولتهم الخاصة بهم في شمال الجزيرة في 13 فبراير 1975.
وكرد فعل على الإجراءات التركية، قامت الولايات المتحدة بقطع مساعدتها العسكرية عن تركيا التي ردت بالاستيلاء على جميع المحطات الأمريكية هناك باستثناء القاعدة الدفاعية المشتركة في إنكرليك التي أبقت عليها لعمليات حلف الأطلنطي لكن المساعدات الأمريكية أعيدت في 1978.
في عام 1980 وقعت أعمال عنف، فقد نشأت توترات دينية وعرقية ونشط المتطرفون من اليمين ومن اليسار، مما أدى إلى استيلاء العسكر على الحكم في 12 سبتمبر 1980. وكانت الأحكام العرفية قد فرضت في عام 1978، وقامت جمعية تأسيسية تكونت من أعضاء مجلس الأمن القومي الستة ومن أعضاء آخرين عينهم المجلس، قامت بوضع دستور جديد للبلاد، أقرّه الناخبون بأغلبية كاسحة في استفتاء أُجري في 6 نوفمبر 1982. وفي الانتخابات البرلمانية التي أُجريت في أواخر عام 1983 فاز حزب الوطن الأم بزعامة تورجوت أوزال الذي أُعيد انتخابه في نوفمبر 1987.
وأدت الوفاة المفاجئة لأوزال في أبريل 1993 إلى اضطلاع ديميرل بمنصب رئاسة الجمهورية في شهر مايو، وفي شهر يونيو اختار حزب الطريق الصحيح تانسو شيللر زعيمة له لتصبح أول امرأة تتولى رئاسة الوزارة في تركيا.
كانت تركيا من ضمن دول التحالف التي أخرجت العراق من الكويت في عام 1991. وفي أعقاب الحرب العراقية الكويتية هذه، فرّ ملايين من اللاجئين الأكراد إلى الحدود التركية هربًا من القوات العراقية، وكان الأكراد قد بدأوا في عام 1984 حرب عصابات سعيًا للحصول على المزيد من الاستقلال الذاتي، وقامت الحكومة التركية بشن هجمات متقطعة ضد الأكراد الداعين إلى الانفصال في منطقة الحدود مع العراق مما تسبب في وقوع خسائر جسيمة في الأرواح بين المدنيين ورجال العصابات، وقام الثوار الأكراد بشن غارات على البعثات الدبلوماسية التركية في 25 مدينة في أوروبا الغربية. وفي مارس 1995 تحركت قوات تركية قوامها 25 ألف جندي إلى شمال العراق؛ لاجتثاث جذور الثوار الأكراد الذين استخدموا العراق كقاعدة لهم، واستمرت هذه العملية ستة أسابيع، لكن تبعتها غارة أخرى في شهر يوليو.
وطوال التسعينيات كان حزب الرفاه (الرفاهية)، وهو تجمع إسلامي، يستقطب الأتباع ويزداد قوة على قوة، وحصل في الانتخابات العامة التي أجريت في 1995 على أكبر عدد من مقاعد البرلمان، لكنه لم يتمكن من تشكيل الحكومة إلا في يونيو 1996 بالائتلاف مع حزب الطريق الصحيح، لكن الحكومة الموالية للإسلام اضطرت للاستقالة تحت ضغوط العسكر العلمانيين، وكان ذلك في 18 يونيو 1997، وبعد ذلك اتخذت إجراءات حكومية لكبح نمو الأصولية الإسلامية.
وفي 12 ديسمبر 1997 رفض الاتحاد الأوروبي بشدة محاولة تركيا للانضمام إلى عضوية الاتحاد، وزاد العسكر من حملتهم المناهضة للأصولية الإسلامية في عام 1998، وفرض الحظر على حزب الرفاه الإسلامي.
وفي 15 فبراير 1999 تم أسر عبد الله أوجلان، زعيم الثوار الأكراد، وفي 29 يوينو أُدين بالإرهاب وحكمت عليه محكمة أمن تركية بالموت، وفي 5 أغسطس أعلن حزبه، حزب العمال الكردي، تخليه عن تمرده المسلح الذي دام أربعة عشر عامًا.
في 1998 اندلعت أعمال العنف في قبرص. على أن أفدح حدث في هذا العام بالنسبة لتركيا كان رفض الاتحاد الأوروبي طلب انضمامها إليه.
في 1999 انتزعت تركيا بعد لَأْيٍ موافقة من سوريا على ألا تساعد ثوار الأكراد (مع وجود عشرة آلاف جندي تركي على الحدود مع سوريا). لكن حكومة يلمظ خسرت تصويت الثقة بها بسبب اتهامات بالفساد وجهت إليها. وطلب الرئيس ديميرل من بولنت إيجيفت تشكيل حكومة أقلية مؤقتة.
أدى زلزال أغسطس 1999 الذي راح ضحيته آلاف الأرواح إلى مجيء المساعدات من الاتحاد الأوروبي ومن اليونان، وردّت تركيا المعروف بالمثل لليونان عندما وقع الزلزال فيها في سبتمبر ـ وأدى الحدثان إلى بدء تحسين العلاقات بين البلدين.
في فبراير 2000 أعلن زعماء الأكراد تخليهم عن كل أعمال العنف. وفي مايو انتخب البرلمان كبير القضاة أحمد سيزار رئيسًا للجمهورية خلفًا للرئيس ديميرل الذي خرج من المنصب، حيث يمنع الدستور التجديد للرئيس فترة ثانية.
كان تولي سيزار بشيرًا بعهد جديد من الانتصار لمبدأ الحرية الشخصية، فنادى بتخفيف القوانين المعارضة للغة الكردية، ودعا إلى حرية التعبير لتشمل أحزاب الأصوليين الإسلاميين، ودعا البرلمان إلى تقنين الإصلاحات الديمقراطية، واستخدم حقه في الاعتراض (الفيتو) على تشريع ـ أوحى به العسكر ـ يسمح للحكومة بفصل آلاف من الموظفين المدنيين المتعاطفين مع الشريعة الإسلامية أو مع الأكراد، وعارض قوانين تسمح للحكومة بفرض الرقابة على عروض التليفزيون أو على مواقع شبكة الإنترنت.
في ديسمبر 2000 واجه الرئيس سيزار إضراب المعتقلين السياسيين عن الطعام، فأعلن مشروعًا للعفو يشمل إطلاق سراح 72 ألف.
في 2001 وقع جدال بين سيزار ورئيس الوزراء إيجيفت مما أثار مخاوف زعزعة الحكومة، وأدى هذا إلى أزمة اقتصادية حادة، حيث انسحب المستثمرون الأجانب من تركيا وفقدت العملة التركية ثلث قيمتها. وأبدى صندوق النقد الدولي موافقته على الإصلاحات الاقتصادية التي قدمتها حكومة إيجيفت بتقديم سلسلة من القروض إليها.
في 3 أغسطس 2002 ألغت الحكومة عقوبة الإعدام، وفي أكتوبر خفف حكم الإعدام على أوجلان، الزعيم الكردي الثائر، إلى السجن مدى الحياة.
وفي نوفمبر صوَّت البرلمان على إجراء انتخابات جديدة في نوفمبر 2002 قبل موعدها بثمانية عشر شهرًا. وفي الانتخابات حصل حزب العدالة والتنمية (وهو فرع خرج من تحت عباءة حزب الرفاه الإسلامي) على 363 مقعدًا من مقاعد البرلمان البالغ عددها 550، وهي أول مرة تشكل فيها حكومة أغلبية في تركيا منذ 15 عامًا. وقام عبد الله غول، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، بتشكيل الحكومة (حيث كان رئيس الحزب رجب أردوغان في السجن). ولم يكن لأي من أعضاء هذه الحكومة ارتباط علني بالإسلام.
في ديسمبر 2002 وقع الرئيس سيزار تعديلاً دستوريًّا يسمح لزعيم الحزب رجب طيب أردوغان بالترشح للبرلمان. وفاز في انتخابات فرعية أجريت في مارس 2003 بـ85% من أصوات الناخبين ونودي به رئيسًا للوزراء.
أثناء قيام قوات التحالف بزعامة الولايات المتحدة بغزو العراق في المدة مارس – أبريل 2003 رفض البرلمان التركي السماح لقوات أمريكا بشن هجماتها على شمال العراق من أراضٍ تركية.
في يونيو 2003، وفي محاولة منه لترضية الاتحاد الأوروبي، وافق البرلمان التركي على منح الأكراد بعض الحقوق المدنية واستاء العسكر من ذلك، لكنهم اختاروا عدم التدخل.
في نوفمبر 2003 قام إسلاميون متشددون بتفجيرات انتحارية نجم عنها مقتل 58 شخصًا وجرح 750 في اسطنبول في معبدين يهوديين، وفي القنصلية البريطانية ومكاتب أحد البنوك الذي يقع مقره الرئيسي في لندن.
وفي أواخر 2003 تم إخضاع الميزانية العسكرية للرقابة البرلمانية. ومنح العفو لأعضاء حزب العمال الكردستاني، إلا أن هذا الحزب أنهى في يونيو 2004 وقفًا للقتال كان قائمًا كأمر واقع وبدأ هجمات متقطعة ضد القوات الحكومية، لكن التأييد الشعبي لحزب العمال الكردستاني (PKK) أخذ يقل ويضعف، حيث تتحسن أحوال الأكراد في كل من تركيا والعراق.
وتركيا تسعى منذ وقت طويل لأن تصبح عضوًا كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي، لكن هذا الاتحاد أخر محادثات انضمامها إلى عضويته إلى أن تتم تسوية المسائل المتعلقة بالاقتصاد وحقوق الإنسان والهجرة.