منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
By سعد الخثران
#59957
قبيلة الذئب الأعور!
خلف الحربي
قبل أسبوعين تقريبا أرسل لي الدكتور وجدي نصير، وهو طبيب متخصص في جراحة القدم والكاحل مبتعث إلى فلوريدا في الولايات المتحدة الأمريكية، قصة زميلته الطبيبة شانون كارينس التي كانت تجري عملية دقيقة في ساق مريض، وكان هو مساعدها وبدأ الحديث بينهما عن عادات وتقاليد الشعوب، وفجأة قالت له إنها تشعر بالأسى لحال قبيلتها التي تواجه خطر الإفلاس!. اعتقد الدكتور وجدي بأن زميلته تهذي، ولكنها أوضحت له بأنها أمريكية أصيلة تنتمي إلى قبيلة شيفوت، ومعناها في لغة الهنود الحمر (الذئب الأعور) وموطنها في ولاية أكلاهوما، ثم بدأت تشرح له عادات قبيلتها في الاحتفالات واهتمامهم باستقبال الضيف وإكرامه، وشرحت له كيف ساعدتها القبيلة في إتمام دراسة الطب ودفع رسوم الكلية ومساعدتها على الزواج، ثم شرحت له أوضاع قبائل الهنود الحمر في الولايات المتحدة الذين يعيشون في مناطق معزولة ويحظون ببعض الامتيازات الخاصة؛ مثل حق إدارة صالات القمار في نيفادا، وفي نهاية الرسالة أرفق لي صورة زميلته التي لا تحمل ملامح الهنود الحمر، وقد برر ذلك بأنها قبيلية ولكن أخوالها من الأمريكان البيض!. ما أراد الوصول له الدكتور وجدي من هذه القصة أنه في كل مكان في العالم يوجد قبائل شهيرة ولها تاريخ طويل، ففي اليابان وباكستان والسويد ينتمي الناس إلى قبائل معروفة وقديمة، ولكن الحروب الشرسة التي واجهتها هذه الأمم كانت سببا في توحد الجميع وابتعادهم عن العنصرية البغيضة، وهو يتمنى أن تكون هذه الحكاية ملهمة لبعض من ينشرون العصبية القبلية في مجتمعنا.ولا يخفى على أحد أن ديننا الحنيف قد نهى عن العصبيات القبلية قبل أن تتنبه كل هذه الأمم إلى خطورة هذا الأمر؛ لذلك فإن الردة التي يعيشها بعض شبابنا اليوم باتجاه التفاخر بالأنساب والجذور القبيلة تكشف عن أزمة عميقة يعيشها الجيل الجديد، فهم لا يشبهون آباءهم الذين تعايشوا مع أناس من مختلف الأصول و تعمقت صداقاتهم وزمالاتهم مع أناس من مختلف الأعراق والجنسيات، وكان المنطق أن يكون أبناؤهم أكثر تطورا وانفتاحا منهم، ولكن المفاجأة كانت في ظهور أبناء أشد تعصبا من أجدادهم الأولين، بل إن هؤلاء الأجداد الأولين كانوا أكثر وعيا بأن الرابط القبلي ليس كل شيء في علاقات البشر، ومن الأدلة على ذلك قول الشاعر مفضي الأحمدي: (يا حمود يظهر لك صديق من القوم.. ويظهر من الربع الموالين عدوان)!. وقد وجدت الوقت مناسبا لعرض رسالة الدكتور وجدي في هذا الوقت بالذات الذي انتشرت فيه النعرات القبلية الفارغة عبر الوسائط الحديثة التي اخترعها أناس ينتمون إلى قبائل أمريكية أو كورية، ولم يتخيلوا أبدا أن بيننا من سوف يستغلها لإذكاء نار العنصرية القبلية، ولكن رغم اتفاقي التام مع الدكتور وجدي في فكرته، يبقى لدي سؤال حيوي وهو: ماذا حدث للمريض الذي كانا يقومان بجراحة في ساقة خلال حديثهما عن القبائل الأمريكية؟، هل هو على ما يرام الآن، أم انضم إلى قبيلة (الذئب الأعرج)؟!.