منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
#60132
شبكة البصرة

علي الجابري*

لم يكن الدكتور عبد اللطيف المياح رئيس مركز دراسات الوطن العربي في الجامعة المستنصرية اول اساتذة الجامعات العراقية الذين تغتالهم ايادي الجهل والامية لتطفئ جذوة العلم والمعرفة في الوطن المثخن بالجراح والغدر؟ مثلما انه لن يكون اخرهم على ما يبدو ، اذ تشهد الجامعات العراقية حملة منظمة لتصفية العشرات من العلماء والاساتذة وتهجير اعداد مماثلة منهم الى خارج البلاد ؟ والغريب في الموضوع ان انباء الاغتيالات هذه تمر مرور الكرام على العراقيين وعلى السادة اعضاء مجلس الحكم الانتقالي بعد ان انشغل كل منهم بتوفير الحماية لنفسه دون الاكتراث بالاخرين مهما بلغت درجة حاجة البلد اليه؟؟

عرفت الدكتور المياح مفكرا كبيرا واستاذأ جليلا وعقلا راجحأ وانسانأ عراقيا مخلصا لا ينبض قلبه الا بحب العراق وحدة وليس سواة . وافنى سنوات عمرة من اجل العلم والمعرفة واغدق على المئات ممن تتلمذوا على يدية بالعلم والمعرفة والحب . ظنأ منه انه سوف يجني ما زرع في اخر المطاف ، دون ان يفكر للحظة واحدة بهذه النهاية البشعة التي يندى لها الجبين؟

رحل المياح بصمت مذهل دون ان ينتفض له زملاؤة ويصرخوا مطالبين بالثار اليه ، ولم تغلق قاعات الدرس ابوابها حزنا لفراقه ، ولم تبكي المستنصرية الدمع دما لانها ودعت عالما كبيرأ من خيرة علمائها ، ولم ينتفض طلبته الذين غرس الحب في ضمائرهم لاغتيال المعادلة التي قضت علية وستقضي على العشرات غيره ان بقينا مكتوفي الايدي لا نحرك ساكنا على ما فقدنا وسنفقد في قادم الايام.

خمسة وثلاثون اطلاقة اخترقت جسدة الطاهر رمت بها ايادي الجهل والظلام ، ونحن الذين كنا نظن ان العلم هو الذي يقتل الجهل ويبدد الظلام ،الا ان المعادلة انقلبت في زمن اصبح البقاء فية لمن يحمل السلاح وليس للذين يحملون مشاعل العلم والمعرفة؟؟

والسؤال هنا : الى متى نستمر بصمتنا المطبق دون ان نحرك ساكنا ونبقى في غيبوبة لا نصحو منها بعد ان ايقنا ان الطبيب المداوي ما عاد قادرأ على انتشالنا مما نحن فيه ، اذ انشغل في توفير الحماية لنفسة دون سواه من ابناء البلد ؟ وهل نترك العلماء والاساتذة الذين يزخر بهم البلد يواجهون مصيرهم بانفسهم ونطلب منهم ان يرموا بكتبهم واقلامهم الى البحر ويحمل كل منهم السلاح من اجل ان يدافع عن نفسه ؟

لقد ان الاوان ان نرفع اصواتنا عاليا بوجه الجهل والامية . وعلى اساتذة الجامعات العراقية وعلمائها ومفكريها ان لا يصمتوا على المصير المؤلم الذي لحق بزملائهم ويمكن ان يلحق بهم في اية لحظة ، طالما بقي رجال الظلام يعيثون فسادأ واجراما في هذا البلد المبتلى؟ وعلى القائمين بالحكم في العراق ( قوات احتلال ومجلس حكم ) ان يبرهنوا للعراقيين ان الانسان قيمة عليا ، وحياة اي عراقي لا تقل شأنا عن حياة المتربعين على كرسي الحكم في عراق اليوم ، مثلما على العراقيين جميعا ان ينبذوا كل الاصوات الداعية الى القتل والتصفيات الجسدية تحت اية ذريعة كانت ؟ فنحن من علم البشرية سن الشرائع والقوانين منذ فجر التاريخ ، وليس من المعقول ان نعود الى شريعة الغاب في القرن الحادي والعشرين ؟؟

كاتب وصحفي عراقي*