منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمشكلات السياسية الدولية
By طلال الخليفي 333
#60502
صداي عدالت ( صوت العدالة ) 10، 11 / 9 / 2002
منذ أوائل القرن الـ19 ولمدة 150 عامًا كانت بريطانيا القوة المسيطرة على منطقة الخليج ( الفارسي ) وذلك بحجة القضاء على ( قراصنة البحر )، وكانت إيران قد أعلنت أن البحرين والجزر الثلاث تابعين لها، وبعد ما تركت القوات البريطانية المنطقة عام 1971 سيطرت إيران على هذه الجزر مما أدى إلى نشوب خلافات بينها وبين العرب وأصبح هناك ( جو عدائي ) ضد إيران، لذلك وجدت إيران أنه لابد من التخلي عن البحرين وذلك بعدما تدخلت الولايات المتحدة في القضية وأدى ذلك إلى استقلال البحرين واحتفظت إيران بالجزر الثلاث كتعويض.
وحتى عام 1992 كان هناك أجانب من خارج دول الخليج يعملون كجنود بالجيش، وبعد ذلك أصبحوا يعملون في قوات الشرطة فقط، إلى جنب ذلك تعتبر حكومات هذه الدول غير ديمقراطية, يقوم الحكم فيها على أساس القبلية ولهذا تصبح المناصب الحكومية مقتصرة على الأسرة الحاكمة, ويكون دور الشعب منحصرًا جدًا. كما تواجه هذه الدول قلاقل داخلية كبيرة, وكان هذا سببًا في وجود القوات الأمريكية بالمنطقة بالإضافة إلى خوف هذه الدول من الجارتين الشماليتين ( إيران والعراق ), واذا كان الوضع الحالي في الشرق الأوسط يفرض نبذ الخلافات وتقليص حدة التوتر ودعم مجالات التعاون بين دول المنطقة إلا أن شيئًا من هذا لم يحدث, وكان الجزء الأكبر من علاقات التعاون يتم مع دول من خارج المنطقة وذلك من أجل تحقيق توازن قوى مع إيران. وفي أحد اجتماعات مجلس التعاون الخليجي تم الاتفاق على حل النزاعات والخلافات الحدودية التي بينهم وإقامة ( تعاون عسكري ) بين دول المجلس في مقابل إيران.
وكانت جريدة القدس ( طبعة أبو ظبي ) قد أعلنت في فبراير 2001 أن الإمكانات العسكرية للدول أعضاء مجلس التعاون الخليجي أقل بكثير من الإمكانات والقدرات العسكرية لدولتي إيران والعراق، وعلى الرغم من الجهود التي تمت خلال الـ20 عامًا الماضية ومنذ بداية تأسيس مجلس التعاون فإن هناك فجوة في هذا المجال، وهناك قلق شديد في الأوساط الرسمية والقومية في الدول الأعضاء تجاه هذه المسألة. ويعتبر بعض الخبراء في الشئون الدفاعية في الغرب أن إيران والعراق يمثلان مصدر تهديد حقيقي لدول الخليج ( الفارسي ). أما خبراء الشئون الدفاعية العرب فيضيفون اسم ( إسرائيل ) إلى هاتين الدولتين. وتنفق الدول أعضاء مجلس التعاون الخليجي سنويًا 60 مليار دولار كميزانية دفاعية، وطبقًا للإحصاءات فخلال الـ10 سنوات الأخيرة أنفقت هذه الدول 200 مليار دولار في هذا المجال.
وطبقًا لأقوال الخبراء العسكريين لدول الخليج فإنه مع زيادة دخول النفط أضيف 30 مليار دولار إلى النفقات السابقة.
وخلال عقد التسعينيات تزايدت أعداد القوات المسلحة في هذه الدول من 174 ألف جندي إلى 300 ألف جندي وكان هذا الرقم يمثل 44% من القوات الإيرانية ونصف القوات العسكرية العراقية، بالإضافة إلى أن دول الخليج لديها 684 طائرة حربية في حين أن عدد الطائرات الحربية لإيران 291 والعراق 130 طائرة, وكان عدد الدبابات بالنسبة لدول الخليج يساوي كل عدد الدبابات التي تمتلكها إيران، كما يساوي نصف الدبابات التي لدى العراق.
وعلى الرغم من توقيع اتفاقية الدفاع المشترك بين دول الخليج في البحرين العام الماضي, فإن بعض الخبراء يعتقدون بأن معدل شراء هذه الدول للسلاح يتزايد. وكما قلنا من قبل فإن التعاون والانسجام قد قل بين دول المنطقة بسبب الخلافات والصراعات. على سبيل المثال فإن حجم التبادل التجاري بين إيران ودول الخليج بلغ 8% فقط، بينما وصل حجم التبادل التجاري مع دول من خارج المنطقة إلى 92%؛ لأنه كلما زاد الاستقرار في المنطقة زادت مجالات التعاون بين دول المنطقة، ولا ننسى أن هناك قضية مشتركة بين دول هذه المنطقة وإيران وهي قضية فلسطين وخروج القوة الأجنبية من منطقة الشرق الأوسط والخليج وأعتقد أن التعاون بين إيران والكويت, وإيران والسعودية هو تجربة طيبة وخطوة نحو تحسين العلاقات بين إيران والإمارات. ولإيران علاقات طيبة مع دول مجلس التعاون الخليجي الكويت، قطر، عمان، والسعودية، بالإضافة إلى أن العلاقات الإيرانية البحرينية قد تحسنت ولكن تظل قضية الجزر الثلاث هي نقطة الخلاف وتوتر العلاقات الدبلوماسية مع دولة الإمارات العربية المتحدة على الرغم من أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين علاقات طيبة للغاية. وطبقًا لآخر التقارير التي نشرها مركز إيران للإحصاءات، ففي شهر أكتوبر 2001 كانت نسبة واردات إيران من الإمارات 8% من كل الواردات الإيرانية وكان نصيب الإمارت 1.8% من كل الصادارت الإيرانية للخارج. وتعد الإمارات ثاني دولة مصدرة للسلع إلى إيران بعد ألمانيا وأول مستورد للسلع الإيرانية، وقد وصلت قيمة الصادرات الإماراتية إلى إيران عام 2001 إلى مليون دولار وتأتي إيران في المرتبة الخامسة بين المستوردين للمنتجات الإماراتية. ومن ناحية أخرى، وبالنظر لما سبق، فإن تعميق العلاقات الإيرانية ـ العربية من الممكن أن يترك تأثيرًا على علاقات إيران ـ الإمارات.
على سبيل المثال، عندما كان يأتي السيد "حسني مبارك" رئيس جمهورية مصر العربية في زيارة لدول المنطقة كان دومًا يطرح قضية الجزر الثلاث في وسائل الإعلام, ولكن منذ وضع العلاقات المصرية ـ الإيرانية على طريق التطبيع لم يطرح هذا الموضوع كثيرًا. وقضية الخلاف حول الجزر ترتبط بتهديد السلام والأمن العالمي وهي القضية المندرجة في ميثاق الأمم المتحدة ومن ثم يجب تشجيع الطرفين على مواصلة الجهود لحل الأزمة بالطرق السلمية.
وكان أحد مقترحات الإمارات هو عرض هذه القضية على محكمة العدل الدولية ولكن إيران بقبولها لهذا الأمر سوف تضع ملكيتها لهذه الجزر موضع شك وتردد. والجزر الثلاث ( طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى ) تبعد عن الإمارات حوالي 23 ميلاً تقريبًا بينما تبعد عن إيران 43 ميلاً, وقد استقرت القوات الإيرانية في هذه الجزر بعد خروج القوات البريطانية في عام 1971 وجزر طنب الكبرى والصغرى تقريبًا غير مسكونة. وتقع هذه الجزر في طريق عبور السفن العالمية وكانت موضعًا لادعاءات ( أمير رأس الخيمة ) أما جزيرة ( أبو موسى ) فكانت ذات موقع استراتيجي إذ من خلالها يمكن التحكم في مضيق هرمز وكانت أيضًا موضع ادعاءات ( أمير الشارقة ), ويقال أنه في هذه الجزيرة تعيش 300 أسرة إماراتية كانوا يرغبون في العودة إلى بلادهم ولكن كانت دولة الإمارات تمنحهم معاش شهري بأمر من الشيخ زايد بن سلطان وذلك لتشجيع هذه الأسر على البقاء فيها. وكانت إيران قد رفضت اقتراح الإمارات بعرض القضية على محكمة العدل الدولية, وعقدت مباحثات ثنائية مع الإمارات في يونيو 1999 طبقًا لاتفاقية 1971, وشكل مجلس التعاون الخليجي لجنة ثلاثية بهدف الوساطة بين الطرفين ولكن إيران رفضت هذه اللجنة، وبعد تحسن العلاقات الإيرانية ـ السعودية بدأت الرياض مساعيها بهدف عمل توازن للعلاقات بين إيران ودول مجلس التعاون وأصبح دعم السعودية لتحسين العلاقات بين إيران ودول مجلس التعاون سببًا لظهور الخلاف بين السعودية والإمارات.
وقد ادعت ( أبو ظبي ) أن الرياض تضحي بمصالحها من أجل التقارب مع إيران، وكان هذا الاتهام سببًا لانتقاد ولي العهد ووزير الدفاع السعودي للإمارات. وقد أعلنت الخارجية الأمريكية على لسان نائب وزير الخارجية ( مارتين أنديك ) تأييدها لموقف الإمارات، وكان هذا الموقف قد طرح تساؤلات عديدة حول الموقف الأمريكي تجاه التقارب السعودي ـ الإيراني. وزادت هذه الخلافات في حدتها حيث فشل اجتماع مجلس وزراء خارجية دول مجلس التعاون في جلسة 3 يونيو 1999 على أثر خلاف بين السعودية والإمارات وتأجلت الجلسة (71) لوزراء خارجية مجلس التعاون أيضًا بسبب موقف الإمارات مع كل دول المجلس, وخاصة السعودية بسبب تجاهلهم, للخلاف الإيراني الإماراتي حول الجزر الثلاث. وساهمت مبادرة ووساطة أمير قطر في عودة العلاقات بين السعودية والإمارات إلى سابق عهدها ومهدت الطريق لمبادرة جديدة للمجلس، وبالفعل تشكلت لجنة ثلاثية من المجلس ضمت مسئولين من ( عمان ـ قطر ـ والسعودية ) إلى جانب أمين عام المجلس لعقد مباحثات مباشرة بين الإمارات وإيران. ولكن رفضت إيران هذه اللجنة وطالبت بعقد مباحثات ثنائية مباشرة مع الإمارات. وما زالت الإمارات ترفض مسألة التقارب الإيراني ـ السعودي؛ لأن أبو ظبي تريد أن يتم أي تعاون بين إيران ومجلس التعاون على أساس حل الخلاف حول الحزر الثلاث.
وفي الوقت الذي لم تستطع فيه الإمارات أن تنال دعم دول مجلس التعاون بدأت على الفور حرب ( التصريحات والادعاءات ) بين الرياض وأبو ظبي، وحتى تنجح الإمارات في هذه الأمر هددت بتعليق عضويتها في مجلس التعاون وانتقد وزير خارجية الإمارات في حديث تليفزيوني في شبكة ( الجزيرة ) القطرية سياسية الرياض بشدة.
وفي المقابل، قال الأمير سلطان في حديث صحفي أنه يتعجب كثيرًا من أن يعتبر التقارب الإيراني ـ السعودي موضع انتقاد للآخرين, فالإمارات نفسها لها علاقات اقتصادية مع إيران، فرغم وجود خلافات ( أرضية ) فإن نصف المعاملات التجارية تقريبًا تتم مع طهران كما أن الإمارات نفسها يقطنها عدد كبير من الإيرانيين.
وكان الملك فهد قد أعلن في الجلسة الافتتاحية لمجلس الشورى في 5/6/1999 أن موقف الرياض من تحسين العلاقات مع إيران لصالح الطرفين وكل المنطقة والعالم العربي والإسلامي، وسواء تدخلت الولايات المتحدة أو لم تتدخل فإنها سوف تدافع دائمًا عن مسيرة المصالحة مع إيران، أضف إلى ما سبق أن الجناح المؤيد للولايات المتحدة في الأسرة السعودية يدعم هذا التقارب أيضًا. وخلال عام 1999 انخفض مستوى التوتر مع الإمارات، ففي أواخر ديسمبر 1999 انتشرت شائعات حول اتفاق إيران والإمارات على بدء مباحثات ثناية مباشرة بخصوص وضع الجزر، وأعلنت الصحف العربية في تقاريرها أن إيران من الممكن أن تصل إلى حل مع الإمارات بإعادة جزيرة طنب الصغرى إليها، وبعدها أكدت الحكومات العربية على ضرورة عرض موضوع الجزر الثلاث على محكمة العدل الدولية, ولكن كانت وجهة نظر إيران في هذا الأمر هو أن هذا الخلاف يجب أن يحل بالحوار دون وساطة أو تدخلات؛ لأن تدخل أي طرف ثالث في القضية من الممكن أن يزيد المشكلة تعقيدًا ومن الممكن أن يتأثر في حكمه بالمصالح وقراءته المتعلقة بالتاريخ والشعور القومي والتعصب...الخ. وقرار محكمة العدل الدولية يجب أن يكون ملزم التنفيذ لطرفي الخلاف, ولكن محكمة العدل نفسها لا تستطيع اتخاذ القرار؛ لأن هذا العمل متعلق بمجلس الأمن. وهذا الأمر حدث من قبل مع روسيا التي توترت علاقاتها مع اليابان بسبب الجزر وكذلك الصين وفرنسا. ويجب القول بأن شائعة إعادة جزيرة طنب الصغرى إلى الإمارات لا تعني أن موقف الإمارات أقوى ولكن يجب أن يعتبر نوعًا من الدعاية السياسية أي بمعنى (جزيرة مقابل السلام ). إن التخلي عن أي جزيرة إلى الإمارات العربية المتحدة لن يكون في صالح علاقات إيران الخارجية, ولا يجب أن ننسى أن الإمارات هي إحدى حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية, وقبل حرب الخليج كانت إمارة رأس الخيمة حليفًا للعراق من بين الإمارات الأخرى, واستمرت هذه العلاقة هكذا بسبب عدائهم لإيران.
وأتمنى أن تكون الشائعة المتعلقة بالتخلي عن جزيرة طنب الصغرى هي فقط مجرد شائعة لا أساس لها ومع هذا فحتى لو تم أي نوع من التباحث يمكن إعداد سيناريو كما سيفسر عنه كالتالي:
1- تخلي إيران عن ادعائها بخصوص جزيرة أبو موسى.
2- في إطار مذكرة التفاهم الثنائية بين إيران والشارقة في سنة 1971 يتم تعديل المادة الأولى من المذكرة والتي بموجبها:
أ‌- سيتم صرف النظر عن أحقية إيران في جزيرة أبو موسى.
ب‌- اعتراف إيران رسميًا بهيمنة الإمارات ( الشارقة ) على أبو موسى.
3- رفض أي وجود عسكري لأي طرف ثالث في أبو موسى.
اتفقت الدولتان على أن أمن الجزيرة هو مسئولية مشتركة للدولتان بالإضافة إلى عدم تواجد أي قوة عسكرية لطرف ثالث بحرًا أو برًا دون موافقة مشتركة ومسبقة من البلدين (إيران والشارقة ).
4- اعتراف الإمارات رسميًا بأحقية وسلطة إيران على جزر طنب الكبرى والصغرى.
يتم اعتراف الإمارات العربية المتحدة ( إمارة رأس الخيمة ) رسميًا دون قيد أو شرط بهيمنة وأحقية إيران في جزر طنب الكبرى والصغرى وذلك وفقًا للتالي:
أ‌- تقسيم الدخل النفطي في جزر طنب:
في حالة كشف مصادر نفطية أو غازية في جزر طنب أو فيما يحيطها بواسطة إيران أو الإمارات فإنها ستقسم طبقًا لقاعدة اتفاق المصالح للبلدينظ, وسوف يصدر قرار استخراج المصادر الموجودة في جزء طنب من جانب إيران دون قيد أو شرط.
وتتفق الدولتان على أن جزر طنب الكبرى والصغرى لها نفس الاعتبارات القانونية والتي منحت عام 1969 في إطار الاتفاقية الإيرانية، السعودية حول جزيرة ( خارك ).
ب-حرية الملاحة:
يتفق الطرفان ( إيران والإمارات ) على أنه ليس من حق أي منهم منع عبور السفن التابعة للطرف الآخر ولا يتدخل فيها، وعلى سبيل المثال لا يجوز للإمارات منع سفن إيران المتجهة إلى سيري وأبو موسى عبر المياه الإقليمية التابعة للإمارات.
ج- التنسيق فيما بين الطرفين:
فيما يختص بالنفظ والغاز أو سائر المصادر المعدنية البحرية الموجودة لدى الطرفين في الحدود البرية أو البحرية أو المياه الإقليمية يتم استخراجها عن طريق حفارات وذلك من خلال التنسيق بين الطرفين بشكل لا يخل بمصالح طرف عن آخر.
د- التزام جميع الإمارات المشكّلة لدولة الإمارات العربية المتحدة:
على خلاف إيران فإن دولة الإمارات العربية المتحدة دائمًا لها رؤى مختلفة ودائمًا يتحدث رئيس دولة الإمارات باسم كل الإمارات في حين أن الإمارات السبع لها وجهات نظر مختلفة بخصوص موضوع الجزر ( الشارقة ورأس الخيمة ).
ولهذا فإن الاتفاق بين إيران والإمارات بخصوص الجزر يجب أن يكون بتأييد كتابي وبدون قيد أو شرط من جانب الإمارات المشكلة لدولة الإمارات العربية, وخاصة إمارتي الشارقة ورأس الخيمة.
هـ- ضمان الطرف الثالث:
من المهم أن يضمن مجلس التعاون الخليجي ومنظمة الأمم المتحدة اتفاقية إيران والإمارات بخصوص الجزر؛ لأن القيام بهذا العمل يضمن عدم إخلال أحد الطرفين ببنود الاتفاق حول الجزر، وتشير تجربة إيران في منطقة الخليج ( الفارسي ) إلى أن التباحث دائمًا لن يؤدي إلى حل، وخير مثال على ذلك الاتفاق بين العراق وإيران عام 1975 والذي كان بعد عشرات السنين من الخلاف، وهناك مثال آخر وهو مذكرة التفاهم بين إيران والشارقة في عام 1971 بخصوص جزيرة أبو موسى، وكانت هذه المذكرة موضع تأييد وترحيب أمير الشارقة ونائبه الذي رحب شخصيًا بدخول القوات الإيرانية إلى الجزيرة في 30 نوفمبر 1971, ووقتها اتهم أمير الشارقة "بأنه باع نفسه لإيران".
وبشكل عام، يمكن أن نشير إلى السيناريوهات الأخرى المحتملة لحل الخلاف حو الجزر وأهمها:
1- الصمت تجاه القضية والاكتفاء برفض البيانات الختامية التي تصدر عن مجلس التعاون الخليجي, وذلك مثلما حدث لإيران في بحر قزوين وانتهى الموضوع إلى إحالته إلى المراجع الدولية مثل منظمة الأمم المتحدة.
2- إحالة الموضوع إلى الوساطة أو التحكيم والذي لن يكون حلاً مرغوبًا؛ لأنه من الممكن أن تكون مصالح الطرف الثالث ( تصب ) وتتوافق مع مصلحة الإمارات وهذا لن يكون موضوع رضا إيران، ومثال ذلك رفض إيران اللجنة الثلاثية لمجلس التعاون الخليجي، ومن ناحية أخرى، فإن عرض الخلاف القائم بخصوص الجزر على محكمة العدل الدولية يمكن أن يلزم إيران بقرارات لن تستطيع رفضها أو التقاعس عن تنفيذها.
3- وفي حالة حل الخلاف عن طريق المباحثات الثنائية مع الإمارات فإيران بهذا ستواجه خيارين:
الأول: عقد سلسلة من الاتفاقيات مع الإمارات السبع منفصلة كما ذكر من قبل حول إحدى الجزر وهذا الأسلوب أيضًا لن يكون في صالح إيران.
الثاني: وهو الأمر الأكثر أهمية ويتعلق بالعمل على تدعيم العلاقات الاقتصادية والثقافية وزيادة الاستثمارات المشتركة, وإيجاد مناطق للتجارة الحرة في الجزء موضع الخلاف في مجال التربية والتعليم مثل إنشاء اتحاد لجامعات الخليج ( الفارسي ), وتبادل البعثات التعليمية والطلاب اللاعبين والمدربين مع الإمارات.
وكان أحد النماذج البارزة في هذا الأمر هو إقامة المعرض التجاري للإمارات في إيران من 10-13/6/2002.
ومن الممكن أن تكون إيران ( كوبري ) اتصال بين الإمارات ودول آسيا الوسطى لتصدير منتجاتها لها وخصوصًا عن طريق شبكة السكك الحديدة التي تغطي كل إيران، كما أن مسلمي الإمارات ينتهجون المذهب الشافعي أحد مذاهب السنة الأربعة وهو أقرب مذاهب السنة للشيعة. كما أن لإيران مسجد في ( دبي ) باسم الإمام الحسين ويؤذن فيه آذان الشيعة وهذا الأمر لا يحدث في الدول العربية الإسلامية، ولابد أن نشير إلى أن هناك حوالي 600 مليار دولار رءوس أموال إيرانية تستثمر في دولة الإمارات. وتحاول إيران جذب الاستثمارات ورءوس الأموال الإماراتية للاستثمار في إيران.
ولعل كل ما سبق من الممكن أن يفتح الباب أما علاقات طبيعية ومن خلالها نستطيع أن نتوصل إلى حل بخصوص موضوع الجزر الثلاث.
وبرؤية شخصية أقول أن أهمية علاقات إيران والإمارات والتي لنا خلاف معها لا تقل عن أهمية علاقتنا بدولة مثل السعودية التي تعتبر زعيمة العالم العربي، وأعتقد أن الساسة في إيران قد فطنوا إلى أنه يمكن الاستفادة من تحسين علاقتهم بالسعودية والاستفادة من نفوذها بين دول الخليج ومجلس التعاون من أجل تحسن العلاقات مع الإمارات. وبعد انتصار الثورة الإسلامية كانت العلاقات قد تحسنت وانخفض التوتر وقام سفير إيران آنذاك بعمل طيب في هذا المضمار، ولكن بعد تحسن العلاقات مع أبو ظبي تم إرسال هذا السفير إلى الرياض وللأسف لم يستطع السفراء الذين أرسلوا إلى الإمارات القيام بأي عمل يستهدف تحسين العلاقة مع تلك الأخيرة.
وفي الأيام الأخيرة تمت عدة زيارات من الممكن أن تصبح بارقة أمل لتحسين العلاقات؛ حيث قام أبناء الشيخ زايد بن سلطان بتقديم التهنئة للسيد خاتمي لفوزه في الانتخابات الأخيرة، وفي المقابل قام نائب رئيس الجمهورية الإيراني بتقديم تهنيئة السيد خاتمي إلى الشيخ زايد بمناسبة الذكرى الـ31 لقيام دولته، وسافر السيد ابطحي للتعزية في وفاة ابن الشيخ مكتوم بن راشد حاكم دبي وخليفة الشيخ زايد, وفي المقابل انتقد وزير الخارجية الإماراتي تصريحات الرئيس الأمريكي بوش حول ما أسماه بمحور الشر الذي ضم إيران إلى جانب العراق وكوريا الشمالية.