- الثلاثاء إبريل 30, 2013 9:25 pm
#61454
هل كان من المبرر أن يرسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطاً أحمر على الملأ لا يتعداه البرنامج النووي الإيراني؟ فالخطوط الحمراء تشمل مزايا وعيوب. فهناك ميزة تتمثل في احتمالية إيجاد رادع يوقف تقدم خصمك في طريقه للوصول إلى هدف يشكل خطراً عليك. أما العيب فيكمن في أن الخط الأحمر قد يحوي "موافقة" ضمنية للخصم بأن يتقدم إلى تلك النقطة ويأخذ هو زمام المبادرة والقرار بشأن مواصلة السير إلى ما بعدها. فإذا تجاوز الخط الأحمر الذي وضعْتَه فعليك أن توقفه أو أن تخاطر بتقويض قوتك الرادعة.
لذا هناك مجموعة من الشروط يلزم توفرها لنجاح مثل هذه السياسة، فلا بد أن تشير الخطوط إلى تحد إستراتيجي حقيقي وأن يكون هذا الشخص الذي يرسم هذه الخطوط عازماً على متابعة السير نحوه حتى ولو اضطر إلى دفع ثمن الدخول في مواجهة عسكرية. وعلى الجانب الآخر أن يعي ويدرك بل ويوقن أنه إذا تم تجاوز هذه الخطوط فإنه سوف يقع في خطر مواجهة من هذا النوع. ولابد على كافة الأطراف الأخرى المعنية - وهي في موضوعنا الولايات المتحدة والمجتمع الدولي - أن ترى الأمور بنفس هذه الطريقة.
فهل تنطبق هذا الحالة الآن بشأن إيران؟ أشك في ذلك! وعلى الرغم من أنني شهدت عن قرب كيف يزدري صناع القرار وضع خطوط حمراء بينما يصابون بعمى الألوان في لحظة الحقيقة، إلا أنه من الواضح أن أمامنا تهديداً خطيراً يبرر وضع خطوط حمراء مثل هذه، وأربأ بنفسي أن أحط من قدر إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إحباط هذا التهديد. بيد أنه من غير المحتمل أن يكون هناك وجود للشروط المطلوب تنفيذها من الإيرانيين والأطراف الباقية. إن محاولة نتنياهو تبسيط الخط الأحمر من خلال توضيح بسيط مستوحى من عالم التسويق قد خلق بعض اللبس، حيث لم يتبين إن كان يقصد تحقيق 90 في المائة على طريق الوصول إلى صنع قنبلة كما ظن كثير من الناس خطأ، أم تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 90 في المائة (وهو التخصيب الذي يتيح صنع أسلحة نووية).
ولكن حتى على افتراض أن الإيرانيين قد فهموا قصده، إلا أنه لم يتضح بعد ما إذا كان التهديد الإسرائيلي تهديداً صادقاً وأنه يعمل كرادع من وجهة نظرهم أم لا؛ وبخاصة من ناحية الفجوات العامة بين إسرائيل والولايات المتحدة فيما يتعلق بالخطوط الحمراء.
وعلاوة على ذلك فقد قللت إسرائيل من فرص نجاح هذه الخطوط الحمراء من خلال التلويح بها علانية. فمطالبة الرئيس الأمريكي باراك أوباما علناً بأن يضع خطوطاً حمراء حاذياً حذو الموقف الإسرائيلي أجبرته على أن يرفض ذلك علناً، ومن ثم اتسعت هوة الاختلاف مع إسرائيل. كذلك فإن توجيه تهديد لإيران علانية لا يلزم بالضرورة أن يشجعها على قبوله، حتى لا ينحط قدرها في عيون العالم بأسره.
يشير الخط الأحمر الذي وضعه نتنياهو إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة وهي كمية كافية لصنع قنبلة واحدة على الأقل أو التخصيب إلى نسبة أعلى من 20 في المائة (لأن الإيرانيين قد أعلنوا بالفعل أن هدفهم هو 60 في المائة، من أجل تسيير السفن والغواصات). والسبب المنطقي وراء ذلك هو أن تخصيب اليورانيوم حتى 20 في المائة أو مستوى أعلى من ذلك ينطوي على مخاطر كبيرة لأنه يُمكن حينها التقدم بسرعة نحو تصنيع قنبلة، ومع ذلك يمكن تنفيذ ذلك حتى في ظل التفتيش الدولي في المواقع المعروفة.
ويكمن جوهر الأمر هنا في أنه في حالة تعامل الإيرانيين مع هذا الخط على محمل الجد فإنه يرجح أن يشعروا بالحصانة ضد أي هجوم (وظاهرياً، لن يكون هناك مبرر للقيام بهجوم كهذا) حتى لو استمروا في تطوير قدرات عتبية خطيرة أخرى. ويشمل ذلك تخصيب اليورانيوم الى مستوى 3.5 في المائة، وبناء مواقع إضافية، وتحصين مواقع ضد الهجمات، وتشغيل جيل جديد من أجهزة الطرد المركزي، وتحقيق تقدم في مجال وقود البلوتونيوم النووي (الذي تقدم بالفعل إلى حد مثير للقلق)، وتطوير البنية التحتية للأسلحة. وعلى كل حال، ألم تكن إسرائيل هي التي أبلغت الولايات المتحدة - عن وجه حق - بأنه لا ينبغي السماح للسلطات الإيرانية بالاستمرار في تطوير العديد من القدرات العتبية مع بقائها محصنة ضد الهجوم ولا السماح لها باختيار الشروط لتحقيق انطلاقة نحو تصنيع أسلحة نووية؟
إذا لم يتم إيقاف البرنامج النووي الإيراني من خلال العقوبات أوالتهديدات العسكرية أو وسائل ضغط أخرى أو الدبلوماسية، فسوف تعود إسرائيل إلى النقطة التي يتعين عندها اتخاذ القرار بدءاً من الربيع القادم - يصحبها الالتزام الذي قطعه نتنياهو على الملأ. وينعقد الأمل على أن تنجح إسرائيل بحلول ذلك الوقت في صياغة تفاهمات شاملة مع الولايات المتحدة حول الخطوط الحمراء متعددة الأبعاد غير المعلنة على الملأ، جنباً إلى جنب مع التوصل إلى تفاهمات حول استراتيجية تجاه إيران بشكل عام.
العميد (احتياط) مايكل هيرتسوغ هو زميل دولي في معهد واشنطن.
لذا هناك مجموعة من الشروط يلزم توفرها لنجاح مثل هذه السياسة، فلا بد أن تشير الخطوط إلى تحد إستراتيجي حقيقي وأن يكون هذا الشخص الذي يرسم هذه الخطوط عازماً على متابعة السير نحوه حتى ولو اضطر إلى دفع ثمن الدخول في مواجهة عسكرية. وعلى الجانب الآخر أن يعي ويدرك بل ويوقن أنه إذا تم تجاوز هذه الخطوط فإنه سوف يقع في خطر مواجهة من هذا النوع. ولابد على كافة الأطراف الأخرى المعنية - وهي في موضوعنا الولايات المتحدة والمجتمع الدولي - أن ترى الأمور بنفس هذه الطريقة.
فهل تنطبق هذا الحالة الآن بشأن إيران؟ أشك في ذلك! وعلى الرغم من أنني شهدت عن قرب كيف يزدري صناع القرار وضع خطوط حمراء بينما يصابون بعمى الألوان في لحظة الحقيقة، إلا أنه من الواضح أن أمامنا تهديداً خطيراً يبرر وضع خطوط حمراء مثل هذه، وأربأ بنفسي أن أحط من قدر إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إحباط هذا التهديد. بيد أنه من غير المحتمل أن يكون هناك وجود للشروط المطلوب تنفيذها من الإيرانيين والأطراف الباقية. إن محاولة نتنياهو تبسيط الخط الأحمر من خلال توضيح بسيط مستوحى من عالم التسويق قد خلق بعض اللبس، حيث لم يتبين إن كان يقصد تحقيق 90 في المائة على طريق الوصول إلى صنع قنبلة كما ظن كثير من الناس خطأ، أم تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 90 في المائة (وهو التخصيب الذي يتيح صنع أسلحة نووية).
ولكن حتى على افتراض أن الإيرانيين قد فهموا قصده، إلا أنه لم يتضح بعد ما إذا كان التهديد الإسرائيلي تهديداً صادقاً وأنه يعمل كرادع من وجهة نظرهم أم لا؛ وبخاصة من ناحية الفجوات العامة بين إسرائيل والولايات المتحدة فيما يتعلق بالخطوط الحمراء.
وعلاوة على ذلك فقد قللت إسرائيل من فرص نجاح هذه الخطوط الحمراء من خلال التلويح بها علانية. فمطالبة الرئيس الأمريكي باراك أوباما علناً بأن يضع خطوطاً حمراء حاذياً حذو الموقف الإسرائيلي أجبرته على أن يرفض ذلك علناً، ومن ثم اتسعت هوة الاختلاف مع إسرائيل. كذلك فإن توجيه تهديد لإيران علانية لا يلزم بالضرورة أن يشجعها على قبوله، حتى لا ينحط قدرها في عيون العالم بأسره.
يشير الخط الأحمر الذي وضعه نتنياهو إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة وهي كمية كافية لصنع قنبلة واحدة على الأقل أو التخصيب إلى نسبة أعلى من 20 في المائة (لأن الإيرانيين قد أعلنوا بالفعل أن هدفهم هو 60 في المائة، من أجل تسيير السفن والغواصات). والسبب المنطقي وراء ذلك هو أن تخصيب اليورانيوم حتى 20 في المائة أو مستوى أعلى من ذلك ينطوي على مخاطر كبيرة لأنه يُمكن حينها التقدم بسرعة نحو تصنيع قنبلة، ومع ذلك يمكن تنفيذ ذلك حتى في ظل التفتيش الدولي في المواقع المعروفة.
ويكمن جوهر الأمر هنا في أنه في حالة تعامل الإيرانيين مع هذا الخط على محمل الجد فإنه يرجح أن يشعروا بالحصانة ضد أي هجوم (وظاهرياً، لن يكون هناك مبرر للقيام بهجوم كهذا) حتى لو استمروا في تطوير قدرات عتبية خطيرة أخرى. ويشمل ذلك تخصيب اليورانيوم الى مستوى 3.5 في المائة، وبناء مواقع إضافية، وتحصين مواقع ضد الهجمات، وتشغيل جيل جديد من أجهزة الطرد المركزي، وتحقيق تقدم في مجال وقود البلوتونيوم النووي (الذي تقدم بالفعل إلى حد مثير للقلق)، وتطوير البنية التحتية للأسلحة. وعلى كل حال، ألم تكن إسرائيل هي التي أبلغت الولايات المتحدة - عن وجه حق - بأنه لا ينبغي السماح للسلطات الإيرانية بالاستمرار في تطوير العديد من القدرات العتبية مع بقائها محصنة ضد الهجوم ولا السماح لها باختيار الشروط لتحقيق انطلاقة نحو تصنيع أسلحة نووية؟
إذا لم يتم إيقاف البرنامج النووي الإيراني من خلال العقوبات أوالتهديدات العسكرية أو وسائل ضغط أخرى أو الدبلوماسية، فسوف تعود إسرائيل إلى النقطة التي يتعين عندها اتخاذ القرار بدءاً من الربيع القادم - يصحبها الالتزام الذي قطعه نتنياهو على الملأ. وينعقد الأمل على أن تنجح إسرائيل بحلول ذلك الوقت في صياغة تفاهمات شاملة مع الولايات المتحدة حول الخطوط الحمراء متعددة الأبعاد غير المعلنة على الملأ، جنباً إلى جنب مع التوصل إلى تفاهمات حول استراتيجية تجاه إيران بشكل عام.
العميد (احتياط) مايكل هيرتسوغ هو زميل دولي في معهد واشنطن.