- الاثنين مايو 06, 2013 6:32 am
#63010
دفعت نتائج الثورات العربية فلسفة بناء الدولة في دول ما بعد الثورات للبحث عن خيارات تناسب البلاد وظروفها الخاصة، غير أن ثمة آثاراً وانعكاسات أساسية على هذه الفلسفة تجمع الكثير من القواسم بين مختلف هذه الدول، وأهمها:
1. نظرية النظام السياسي الجديد
ليكون النظام الجديد ديمقراطياً تعددياً حداثياً يمثل تطلعات المجتمع ويستمد شرعيته منه عبر صناديق الاقتراع، ويحقق المساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية لكل المواطنين، فيما يعرف ببناء دولة المواطنة والقانون، وفق دستور توافقي وقوانين ناظمة تلتزم به نصاً وروحاً.
2. إعادة النظر في العلاقات العربية والإسلامية والدولية للدولة
ويبدو أن أهم اتجاهاتها هو تقديم العلاقات العربية والإسلامية على غيرها، وإعادة بناء مفهوم الأمة، وتشجيع التكامل الاقتصادي والتوافق السياسي والانفتاح الاجتماعي، وتخفيف قيود الحركة على السكان والمال بعيداً عن التعقيدات الأمنية السابقة، والمشاركة في رسم السياسات العالمية تجاه المنطقة.
3. إعادة بناء السياسة العربية وتطويرها في التعامل مع الصراع العربي- الإسرائيلي والقضية الفلسطينية
يميل التوجه العام في الدول نحو الاستناد إلى رؤية الشعوب العربية التي تمثلها الحكومات الجديدة والداعية إلى تبني مشروع تحرير فلسطين، والعمل على تطبيق العودة للشعب الفلسطيني وممارسة حقه في تقرير المصير على كامل أرضه، ودعمه بكافة السبل لمواجهة الاحتلال والانتصار عليه بمقاومته الباسلة وصموده العظيم، وقد شرعت مصر بتطبيق هذه الفلسفة الجديدة في حرب تشرين ثاني/ نوفمبر 2012 على قطاع غزة.
4. العمل على الاكتفاء الذاتي ما أمكن
وذلك يعمل على الاكتفاء ذاتياً (عربياً) بما تملكه الدول العربية والإسلامية من خبرات وتكنولوجيا ورأس مال استثماري وأيد عاملة، لإحداث النقلة النوعية في البلاد، مع الانفتاح الكامل على الأطراف الأخرى ما دام البناء بحاجة إلى المزيد لاستكمال النقلة النوعية على الصعيد الاقتصادي والتكنولوجيا والتعليمي وغيره.
5. التركيز في إعادة بناء الدولة على البنية التحتية والتعليم والصحة والزراعة وتوفير بيئة التكنولوجيا والصناعة الواعدة
بمعنى تأسيس الدولة لتعيش قروناً على بنيه تحتية مستقرة وقوية متكاملة، خاصة في مجالات المواصلات في الاتصالات والتعليم والصحة والزراعة والتكنولوجيا، وبذلك فإن الثورات دفعت الأفكار القُطْرية التحديثية إلى الإمام، كما دفعت الأفكار القومية والإسلامية إلى استعادة الحيوية نحو التكامل، وكذلك شجّعت الفكر العربي والإسلامي السياسي على الشروع ببلورة مفهوم الأمة ومصالحها العليا ودورها الإقليمي والدولي,
وتعتبر دول الثورات في شمال أفريقيا- مصر وتونس وليبيا- وجزئيا المغرب، وتشاركها السودان في التوجهات الجديدة، تعتبر الأكثر حيوية لتغيير المعادلة السياسية في المنطقة العربية وفي الشمال الأفريقي على وجه الخصوص، وهو ما يوفر الفرصة لتشكيل كتلة اقتصادية وسياسية قوية كجزء من التكامل العربي، والتي يمكن لها أن تشكل تحالفاً قوياً على مستويين: الأول مع كل من تركيا وإيران على الصعيد الإسلامي، والثاني مع الدول الأفريقية جنوب الصحراء، ما يؤهلها لتكون لاعباً وشريكاً قوياً في رسم سياسات العالم تجاه الشرق الأوسط وأفريقيا.
والسؤال حول دور كل من ليبيا وتركيا في هذه التوجهات وبلورتها لتكون حقيقة واقعة، يمكن الإجابة عليه كما يلي:
· فيما يخص ليبيا
أعتقد أن ليبيا تمثل قاسما تاريخيا واقتصاديا مهما بين هذين المحورين (تركيا وإيران، ودول جنوب الصحراء الأفريقية من جهة أخرى) وفي حال نجحت بتحقيق التكامل مع كل من مصر والسودان وتونس فربما يساعدها ذلك على سرعة النهوض الاقتصادي والحضاري من جهة، وعلى المشاركة في رسم مستقبل هذه المناطق من جهة أخرى.
وبالطبع يستند هذا التحليل على أساسين: الأول أن التكامل العربي والإسلامي حاضنة وحامية حضارية وسياسية لأي قُطْر عربي أو إسلامي، والثاني أن الدور الإقليمي لأي دولة هو أحد شرايين حياة الدولة وإنمائها، وهو ما يرفع من وزنها الدولي ويوفر لها فرصا اقتصادية أوسع، وهو ما حُرِمت منه ليبيا طيلة عمر النظام السابق بسبب سياسته المتقلبة.
· فيما يخص تركيا
سوف تتمتع تركيا بوضع جيواستراتيجي جديد إقليمياً ودولياً، حين ترتبط اقتصاديا بمحور في شمال أفريقيا وعلى بوابة أفريقيا، وعلى شواطئ البحر المتوسط، ويمثل في الوقت نفسه جزءاً أساسيا وحيوياً من الشرق الأوسط، ويتمتع بسوق واسعة وإمكانات طاقة متميزة، وهو بحاجة ماسة إلى التطوير الاقتصادي والصناعي الذي تتميز به تركيا، وبالتأكيد ستحقق الاستراتيجية المقترحة مكتسبات الطاقة للطرفين التركي والليبي، أهمها:
1) تقديم التجربة الاقتصادية والاستثمارية الصناعية والزراعية التركية لهذه الدول.
2) تقديم إمكانات وخبرات البنية التحتية، وخاصة ما يتعلق بالكهرباء والخطوط البرية والجسور والأنفاق وخطوط السكك الحديدية وخطوط الطيران وإدارة المطارات وشبكات المياه والمجاري والأمطار، ما يدعم الاقتصاد التركي واقتصاد هذه الدول.
3) تحقيق مفهوم التكامل بين نقل العمالة والأموال الاستثمارية بين هذه الدول لحل مشاكل البطالة وتوفير العمالة المدربة والآمنة.
4) الاستفادة من النفط والغاز بأسعار تفضيلية من قِبَل تركيا والدول الفقيره في الطاقة.
5) تشكل تركيا مع مصر قوة سياسية واقتصادية موازنة لإيران على الصعيد الإسلامي باعتبار البعد الحضاري والمذهبي إزاء العالم العربي وإزاء النفوذ في أفريقيا، وخاصة في دول جنوب الصحراء، وهو أمر على تركيا أن تأخذه بالاعتبار في دورها حتى تفتح لها أبواب هذه الدول دون حساسية.
وبذلك، يمكن القول إن التأثير المباشر للثورات على فلسفة بناء الدولة، وتحالفاتها السياسية والاقتصادية في مجموع الدول الثورية في شمال أفريقيا مع مصر والسودان والكتلتين المقترحتين، يفتح الفرصة لبناء سوق مشتركة خلال السنوات الأربع التالية لتشكيل هذا التكتل، ويمكنه من القيام بدور سياسي فاعل في السياسة الدولية تجاه الشرق الأوسط وأفريقيا.
1. نظرية النظام السياسي الجديد
ليكون النظام الجديد ديمقراطياً تعددياً حداثياً يمثل تطلعات المجتمع ويستمد شرعيته منه عبر صناديق الاقتراع، ويحقق المساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية لكل المواطنين، فيما يعرف ببناء دولة المواطنة والقانون، وفق دستور توافقي وقوانين ناظمة تلتزم به نصاً وروحاً.
2. إعادة النظر في العلاقات العربية والإسلامية والدولية للدولة
ويبدو أن أهم اتجاهاتها هو تقديم العلاقات العربية والإسلامية على غيرها، وإعادة بناء مفهوم الأمة، وتشجيع التكامل الاقتصادي والتوافق السياسي والانفتاح الاجتماعي، وتخفيف قيود الحركة على السكان والمال بعيداً عن التعقيدات الأمنية السابقة، والمشاركة في رسم السياسات العالمية تجاه المنطقة.
3. إعادة بناء السياسة العربية وتطويرها في التعامل مع الصراع العربي- الإسرائيلي والقضية الفلسطينية
يميل التوجه العام في الدول نحو الاستناد إلى رؤية الشعوب العربية التي تمثلها الحكومات الجديدة والداعية إلى تبني مشروع تحرير فلسطين، والعمل على تطبيق العودة للشعب الفلسطيني وممارسة حقه في تقرير المصير على كامل أرضه، ودعمه بكافة السبل لمواجهة الاحتلال والانتصار عليه بمقاومته الباسلة وصموده العظيم، وقد شرعت مصر بتطبيق هذه الفلسفة الجديدة في حرب تشرين ثاني/ نوفمبر 2012 على قطاع غزة.
4. العمل على الاكتفاء الذاتي ما أمكن
وذلك يعمل على الاكتفاء ذاتياً (عربياً) بما تملكه الدول العربية والإسلامية من خبرات وتكنولوجيا ورأس مال استثماري وأيد عاملة، لإحداث النقلة النوعية في البلاد، مع الانفتاح الكامل على الأطراف الأخرى ما دام البناء بحاجة إلى المزيد لاستكمال النقلة النوعية على الصعيد الاقتصادي والتكنولوجيا والتعليمي وغيره.
5. التركيز في إعادة بناء الدولة على البنية التحتية والتعليم والصحة والزراعة وتوفير بيئة التكنولوجيا والصناعة الواعدة
بمعنى تأسيس الدولة لتعيش قروناً على بنيه تحتية مستقرة وقوية متكاملة، خاصة في مجالات المواصلات في الاتصالات والتعليم والصحة والزراعة والتكنولوجيا، وبذلك فإن الثورات دفعت الأفكار القُطْرية التحديثية إلى الإمام، كما دفعت الأفكار القومية والإسلامية إلى استعادة الحيوية نحو التكامل، وكذلك شجّعت الفكر العربي والإسلامي السياسي على الشروع ببلورة مفهوم الأمة ومصالحها العليا ودورها الإقليمي والدولي,
وتعتبر دول الثورات في شمال أفريقيا- مصر وتونس وليبيا- وجزئيا المغرب، وتشاركها السودان في التوجهات الجديدة، تعتبر الأكثر حيوية لتغيير المعادلة السياسية في المنطقة العربية وفي الشمال الأفريقي على وجه الخصوص، وهو ما يوفر الفرصة لتشكيل كتلة اقتصادية وسياسية قوية كجزء من التكامل العربي، والتي يمكن لها أن تشكل تحالفاً قوياً على مستويين: الأول مع كل من تركيا وإيران على الصعيد الإسلامي، والثاني مع الدول الأفريقية جنوب الصحراء، ما يؤهلها لتكون لاعباً وشريكاً قوياً في رسم سياسات العالم تجاه الشرق الأوسط وأفريقيا.
والسؤال حول دور كل من ليبيا وتركيا في هذه التوجهات وبلورتها لتكون حقيقة واقعة، يمكن الإجابة عليه كما يلي:
· فيما يخص ليبيا
أعتقد أن ليبيا تمثل قاسما تاريخيا واقتصاديا مهما بين هذين المحورين (تركيا وإيران، ودول جنوب الصحراء الأفريقية من جهة أخرى) وفي حال نجحت بتحقيق التكامل مع كل من مصر والسودان وتونس فربما يساعدها ذلك على سرعة النهوض الاقتصادي والحضاري من جهة، وعلى المشاركة في رسم مستقبل هذه المناطق من جهة أخرى.
وبالطبع يستند هذا التحليل على أساسين: الأول أن التكامل العربي والإسلامي حاضنة وحامية حضارية وسياسية لأي قُطْر عربي أو إسلامي، والثاني أن الدور الإقليمي لأي دولة هو أحد شرايين حياة الدولة وإنمائها، وهو ما يرفع من وزنها الدولي ويوفر لها فرصا اقتصادية أوسع، وهو ما حُرِمت منه ليبيا طيلة عمر النظام السابق بسبب سياسته المتقلبة.
· فيما يخص تركيا
سوف تتمتع تركيا بوضع جيواستراتيجي جديد إقليمياً ودولياً، حين ترتبط اقتصاديا بمحور في شمال أفريقيا وعلى بوابة أفريقيا، وعلى شواطئ البحر المتوسط، ويمثل في الوقت نفسه جزءاً أساسيا وحيوياً من الشرق الأوسط، ويتمتع بسوق واسعة وإمكانات طاقة متميزة، وهو بحاجة ماسة إلى التطوير الاقتصادي والصناعي الذي تتميز به تركيا، وبالتأكيد ستحقق الاستراتيجية المقترحة مكتسبات الطاقة للطرفين التركي والليبي، أهمها:
1) تقديم التجربة الاقتصادية والاستثمارية الصناعية والزراعية التركية لهذه الدول.
2) تقديم إمكانات وخبرات البنية التحتية، وخاصة ما يتعلق بالكهرباء والخطوط البرية والجسور والأنفاق وخطوط السكك الحديدية وخطوط الطيران وإدارة المطارات وشبكات المياه والمجاري والأمطار، ما يدعم الاقتصاد التركي واقتصاد هذه الدول.
3) تحقيق مفهوم التكامل بين نقل العمالة والأموال الاستثمارية بين هذه الدول لحل مشاكل البطالة وتوفير العمالة المدربة والآمنة.
4) الاستفادة من النفط والغاز بأسعار تفضيلية من قِبَل تركيا والدول الفقيره في الطاقة.
5) تشكل تركيا مع مصر قوة سياسية واقتصادية موازنة لإيران على الصعيد الإسلامي باعتبار البعد الحضاري والمذهبي إزاء العالم العربي وإزاء النفوذ في أفريقيا، وخاصة في دول جنوب الصحراء، وهو أمر على تركيا أن تأخذه بالاعتبار في دورها حتى تفتح لها أبواب هذه الدول دون حساسية.
وبذلك، يمكن القول إن التأثير المباشر للثورات على فلسفة بناء الدولة، وتحالفاتها السياسية والاقتصادية في مجموع الدول الثورية في شمال أفريقيا مع مصر والسودان والكتلتين المقترحتين، يفتح الفرصة لبناء سوق مشتركة خلال السنوات الأربع التالية لتشكيل هذا التكتل، ويمكنه من القيام بدور سياسي فاعل في السياسة الدولية تجاه الشرق الأوسط وأفريقيا.