منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#63262
للديمقراطية أبعاد اجتماعية عدا أبعادها السياسية. المجتمع المدني بتنظيماته أو جمعياته التي يكونها الناس بعيدا عن السياسة في الدول حديثة العهد مع الديمقراطية، يوجد توازنا بين قوة الدولة وقوة الأفراد، بين القانون في التشريع وبين حق الفرد في التفكير والتعبير الحر. ويخلق كذالك علاقات اجتماعية بين الأفراد تكون بمثابة صمام أمان ضد جبروت الدولة التي قد تسعى الى الشمولية، أي السيطرة على كافة نشاطات المجتمع.

من مصلحة الدولة والمجتمع أن يكون لهذه الجمعيات صوت حر ومسموع لأنها تعكس اهتمامات المواطنين المباشرة في كافة نشاطاتهم العامة. فهم يحملون تجارب وخبرات هائلة يمكن أن تنمي المجتمع وتساعد أيضا الحكومة على اتخاذ قرارات صائبة. على الحكومة أن تأخذ جديا بعين الاعتبار ما يصدر عن المجتمع المدني ليس بالشكل المتسرع وغير المشروط ولكن باختيار أفضل المذكرات المرفوعة إليها لدراستها والاستفادة منها للمصلحة العامة. أما الجمعيات المدنية فعليها واجب بناء "شرعيتها" على مصداقية مشاركتها الجدية لرفع مستوى الحوار وتقديم مساعداتها وخبرتها لخير المصلحة العامة.

لكن المجتمع المدني هو خليط غير منسجم ومتعدد الاتجاهات وقد يتناقض مع بعضه البعض حتى في الأمور المشتركة. فكل طبقة اجتماعية تعتبر مصالحها متطابقة مع المصلحة العامة. إن جمعيات المجتمع المدني تعكس وجهة نظر أعضائها فقط وليس لها أي تفويض عام كما هو الحال في الحكومات الديمقراطية المنتخبة من الشعب والمسؤولة عن تسيير دفة الدولة. تقوية المجتمع المدني يجب ألا يبقى تنفيسا عن مشاكل الشعب وألا ينوب عن العمل السياسي المباشر عن طريق الأحزاب. لأن العمل السياسي هو الوسيلة الأكثر نجاعة والأكثر ديمقراطية لإصلاح شؤون الدولة والمجتمع.

انتشار الجمعيات المدنية في الديمقراطيات الغربية ظاهرة أساسية في الحياة العامة. يوجد في كندا مثلا والتي تحوي نحو33 مليون نسمة، مئات الآلاف من الجمعيات المدنية غير الحكومية. منها الكبيرة ذات النفوذ الواسع كالنقابات وجمعيات رجال الأعمال ومؤسسات عالمية مثل العفو الدولية... إلى جمعيات صغيرة تدافع عن قضايا بيئية أو فنية أو دينية...