- الاثنين نوفمبر 04, 2013 1:31 pm
#64524
لعلنا جيل قدر لنا أن نعاصر مانديلا الثائر، ونقرأ عنه في أدبيات الثوار، ومانديلا السجين الذي هز عروش سجانيه فانتزع الحرية بعد أكثر من ربع قرن قضاها في سجن منعزل عن العالم، ونرى مانديلا الحر وهو يقود جنوب أفريقيا صوب الديمقراطية التي باتت تجربتها تدرس كتجربة رائدة في كل شيء، في التعايش السلمي وفي التسامح وفي التنمية التي سارت بموازاة الديمقراطية.
نيلسون مانديلا الذي تحدى بطش الحكم العنصري في بريتوريا، متحاملا على نفسه ومحتملا سنين الاضطهاد والسجن ومصادرة حقوقه وسجنه لمدة 28 سنة، في سبيل تحقيق أمنية أبناء بلده في تحقيق نظام عادل ونبذ العنف بشتى أنواعه، وهذا ما مهد لمصالحة كبيرة جدا في جنوب أفريقيا باتت أنموذجا يحتذى به في العالم وتدرس مفاهيمه في ورش العمل لمنظمات المجتمع المدني. والعنف أحيانا كثيرة نتصوره في حالة الإيذاء الجسدي الذي يتعرض له الإنسان، وهذا سائد في الكثير من الأدبيات لا سيما في عالمنا العربي الذي لا يرى من صور العنف إلا ما يؤدي لعاهة أو إعاقة أو موت، لكن العنف الحقيقي يكمن في جانب مهم منه في جوانبه النفسية والاجتماعية والاقتصادية، خاصة ما يتعلق منه بالحرمان من فرص التعليم والرعاية الصحية للكثير من الناس مما ينجم عنه فوارق طبقية كبيرة تنعكس على مستوى المعيشة والبناء الثقافي للمجتمع وتركيبته، ويولد مشكلات كثيرة وظواهر خطيرة في المجتمع.
وفي هذا الصدد يؤكد لنا مانديلا أن التحرر من الأغلال ليس بكسرها عن المعصمين حتى نشعر بأننا أحرار، بل الجوهر يكمن بالتخلص حتى من فكرة الانتقام من الأعداء، لأنها أغلال أقوى من الحديد.
وهذا ما جعل مانديلا يتحول إلى رجل الحرية في العالم عبر فكره الذي تجاوز حدود السجن وجدرانه ليحطم مفاهيم خاطئة كثيرة ويجدد في نفس الوقت حضور القيم الإنسانية في أروع صورها.
وعندما تختار الأمم المتحدة يوم الثامن عشر من يوليو (تموز) يوما لنيلسون مانديلا فإنها تسعى لتحقيق المبادئ السامية لحقوق الإنسان والمساواة والعدالة الاجتماعية والحرية، لأنها اختارت رمزا نتفق جميعا على تاريخه المشرف ونضاله المستمر.
وتجربة مانديلا في التعايش السلمي وتحقيق مصالحة شاملة في بلد عانى شعبة من اضطهاد الأقلية العرقية، تجربة لا مثيل لها في الدول الأخرى أكدت بعمق رؤية مانديلا للحرية والسلام والأمن والعدالة، عدالة المنتصر حين يفكر في أن ما مورس ضده من اضطهاد لا يمكن أن يكون سلاحا بيده لأنه ناضل بالضد منه ولا يجوز استخدامه، إنها أخلاق الأحرار في العالم، وهنا وجدنا مانديلا يعطينا دروسا كبيرة في هذا الميدان. وحتى في مجال السلطة والحكم اكتفى الرجل بدورة رئاسية واحدة عزز من خلالها الديمقراطية كنهج ومنح شعبه حرية اختيار من يشاء بلا وصاية منه.
لقد نشر مانديلا بين شعوب العالم ثقافة اللاعنف، ثقافة السلام، ونشر معها قيم الحرية والعدالة وشجع سياسة التسامح بين الأفراد والمساهمة بالدفاع عن حقوق الإنسان وحرياته المصونة.
ونحن في العراق والمنطقة العربية أشد ما نحتاجه اليوم هو نبذ العنف بكل أشكاله ومسمياته والجنوح نحو اللاعنف وتفعيل المصالحة المجتمعية القائمة على أسس صحيحة وسليمة بعيدا عن التخندقات التي تكون عقبة كبيرة أمام فهم الآخر وتؤدي بالتالي لممارسة شتى أنواع العنف ضد الآخر الذي يكون رد فعله أيضا مزيدا من العنف. علينا أن نتسلح بحكمة مانديلا وصبره لكي نحقق ما فشلنا في تحقيقه عقودا طويلة.
حسين علي الحمداني - الشرق الأوسط-
نيلسون مانديلا الذي تحدى بطش الحكم العنصري في بريتوريا، متحاملا على نفسه ومحتملا سنين الاضطهاد والسجن ومصادرة حقوقه وسجنه لمدة 28 سنة، في سبيل تحقيق أمنية أبناء بلده في تحقيق نظام عادل ونبذ العنف بشتى أنواعه، وهذا ما مهد لمصالحة كبيرة جدا في جنوب أفريقيا باتت أنموذجا يحتذى به في العالم وتدرس مفاهيمه في ورش العمل لمنظمات المجتمع المدني. والعنف أحيانا كثيرة نتصوره في حالة الإيذاء الجسدي الذي يتعرض له الإنسان، وهذا سائد في الكثير من الأدبيات لا سيما في عالمنا العربي الذي لا يرى من صور العنف إلا ما يؤدي لعاهة أو إعاقة أو موت، لكن العنف الحقيقي يكمن في جانب مهم منه في جوانبه النفسية والاجتماعية والاقتصادية، خاصة ما يتعلق منه بالحرمان من فرص التعليم والرعاية الصحية للكثير من الناس مما ينجم عنه فوارق طبقية كبيرة تنعكس على مستوى المعيشة والبناء الثقافي للمجتمع وتركيبته، ويولد مشكلات كثيرة وظواهر خطيرة في المجتمع.
وفي هذا الصدد يؤكد لنا مانديلا أن التحرر من الأغلال ليس بكسرها عن المعصمين حتى نشعر بأننا أحرار، بل الجوهر يكمن بالتخلص حتى من فكرة الانتقام من الأعداء، لأنها أغلال أقوى من الحديد.
وهذا ما جعل مانديلا يتحول إلى رجل الحرية في العالم عبر فكره الذي تجاوز حدود السجن وجدرانه ليحطم مفاهيم خاطئة كثيرة ويجدد في نفس الوقت حضور القيم الإنسانية في أروع صورها.
وعندما تختار الأمم المتحدة يوم الثامن عشر من يوليو (تموز) يوما لنيلسون مانديلا فإنها تسعى لتحقيق المبادئ السامية لحقوق الإنسان والمساواة والعدالة الاجتماعية والحرية، لأنها اختارت رمزا نتفق جميعا على تاريخه المشرف ونضاله المستمر.
وتجربة مانديلا في التعايش السلمي وتحقيق مصالحة شاملة في بلد عانى شعبة من اضطهاد الأقلية العرقية، تجربة لا مثيل لها في الدول الأخرى أكدت بعمق رؤية مانديلا للحرية والسلام والأمن والعدالة، عدالة المنتصر حين يفكر في أن ما مورس ضده من اضطهاد لا يمكن أن يكون سلاحا بيده لأنه ناضل بالضد منه ولا يجوز استخدامه، إنها أخلاق الأحرار في العالم، وهنا وجدنا مانديلا يعطينا دروسا كبيرة في هذا الميدان. وحتى في مجال السلطة والحكم اكتفى الرجل بدورة رئاسية واحدة عزز من خلالها الديمقراطية كنهج ومنح شعبه حرية اختيار من يشاء بلا وصاية منه.
لقد نشر مانديلا بين شعوب العالم ثقافة اللاعنف، ثقافة السلام، ونشر معها قيم الحرية والعدالة وشجع سياسة التسامح بين الأفراد والمساهمة بالدفاع عن حقوق الإنسان وحرياته المصونة.
ونحن في العراق والمنطقة العربية أشد ما نحتاجه اليوم هو نبذ العنف بكل أشكاله ومسمياته والجنوح نحو اللاعنف وتفعيل المصالحة المجتمعية القائمة على أسس صحيحة وسليمة بعيدا عن التخندقات التي تكون عقبة كبيرة أمام فهم الآخر وتؤدي بالتالي لممارسة شتى أنواع العنف ضد الآخر الذي يكون رد فعله أيضا مزيدا من العنف. علينا أن نتسلح بحكمة مانديلا وصبره لكي نحقق ما فشلنا في تحقيقه عقودا طويلة.
حسين علي الحمداني - الشرق الأوسط-