منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By فيصل العمر. 36336
#65161
حرب 1859 وما تلاها:
على الرغم من الهزيمة الساحقة التي تعرض لها تشارلز ألبرت في محاولته لطرد النمساويين من إيطاليا، فإن البييدمونتيين لم يتخلوا تمامًا عن طموحاتهم. كاميلو دي كافور، الذي أصبح رئيسًا لمجلس الوزراء في عام 1852، كان أيضًا صاحب طموحات توسعية. رغم ذلك رأى كافور أن بيدمونت لن تكون قادرة على التوسع بمفردها. بدلاً من ذلك، أعرب عن أمله في الحصول على مساعدات من بريطانيا وفرنسا لطرد النمساويين من شبه الجزيرة الإيطالية. لكي يكسب دعم بريطانيا وفرنسا، قام كافور بدعمهم في حرب القرم التي دخلتها بيدمونت في عام 1855. فشلت تلك المحاولة حيث تم تجاهل الدور الإيطالي في مؤتمر باريس عام 1856. رغم ذلك كانت الحرب ذات فائدة عظيمة للإيطاليين، وهو أنها تركت النمسا في عزلة نتيجة محاولتها تحقيق التوازن بين طرفي النزاع.

في 14 يناير 1858، حاول فيليس أورسيني وهو من الإيطالييين القوميين، اغتيال نابليون الثالث الامبراطور الفرنسي. ومن زنزانته، كتب أورسيني أنه لم يطلب الصفح لحياته وأنه قبل بالموت لدوره في محاولة الاغتيال الفاشلة، لكنه بدلا من ذلك استجدى نابليون الثالث تحقيق مصيره بدعم القوى القومية الإيطالية. اقتنع نابليون، الذي كان قد عضواً في الكاربوناري في شبابه، بأنه مفكر تقدمي، وانسجامًا مع تلك الفكرة، فقد أصبح على قناعة أن وجب عليه أن يفعل شيءًا لإيطاليا. وفي صيف عام 1858، اجتمع كافور بنابليون الثالث في بلومبيه، ووقّعا اتفاقًا سريًا عرف باسم ميثاق بلومييه.[11] شمل ذاك الاتفاق على حرب مشتركة ضد النمسا، حيث تحصل بييدمونت على الأراضي النمساوية في إيطاليا (لومبارديا والبندقية)، فضلاً عن دوقيات بارما ومودينا، على أن تضم فرنسا أراضي بييدمونت في الألب (سافوي ونيس). ولاعتبارهم وسط وجنوب إيطاليا في حالة من التخلف مقارنة بالشمال، فلم يتركز الاهتمام بتلك الأراضي. كما أشيع أن ابن عم الامبراطور الأمير نابليون سيعتلي عرش أسرة هابسبورغ في توسكانا. كان على كافور استفزاز النمساويين بغية إتاحة الفرصة للتدخل الفرنسي دون أن يبدو كمعتدين، من خلال تشجيع النشاط الثوري في لومبارديا.

في البداية، لم تجر الأمور وفق الخطة المقترحة. كان النمساويون، الجاهلين بالاتفاق السري في بلومبيه، صبورين للغاية وبشكل يثير الفضول في تعاملهم مع التمرد المدعوم من بييدمونت. بالتالي كان حشد قوات بييدمونت في مارس/ آذار من عام 1859، يعد نوعًا من القبول بالهزيمة حيث بدا أن استراتيجية استفزاز النمساويين قد فشلت. ولكن بدون العدوان النمساوي، لا يمكن للفرنسيين التدخل، وبدون الدعم الفرنسي، لم يكن كافور ليخاطر بالحرب. في هذا الوقت، سهل النمساويون من مهمة خصومهم بإرسالهم إنذاراً لبييدمونت بإلغاء تعبئة القوات. وهنا أصبحت جاءت بييدمونت الفرصة، فرفضت هذا الإنذار، وبذلك تبدو النمسا معتدية، مما يسمح بالتدخل الفرنسي.

كانت الحرب نفسها قصيرة نوعًا ما. لم يكن التقدم النمساوي في بيدمونت بالجيد، ولم يستطيعوا تأمين ممرات جبال الألب قبل وصول الجيش الفرنسي الذي قاده نابليون الثالث شخصيًا. وفي 4 يونيو، انتصر الفرنسيون والسردينيون في معركة ماجينتا على الجيش النمساوي بقيادة الكونت غيولاي، مما أدى إلى انسحابهم من معظم لومبارديا، ودخول كل من نابليون وفيكتور عمانويل ميلان منتصرين. وفي 24 يونيو، اندلعت معركة سولفرينو ثاني المعارك بين الجيشين، والتي شهدت اشتباكًا دمويًا قاد الجانب النمساوي فيه الإمبراطور فرانز جوزيف، ورغم ضعف خبرة قواد الجانبين، إلا أن الفرنسيين انتصروا مرة أخرى. انسحب النمساويون إلى ما وراء حدود البندقية.

هناك أسباب كثيرة دعت نابليون الثالث لطلب الصلح في هذه المرحلة. كان خوفه من الحاجة إلى حملة طويلة ودموية للتغلب على البندقية، وعلى عرشه في فرنسا، ومن تدخل الولايات الألمانية، والخوف من أن تصبح بييدمونت – سردينيا قوية. كل ذلك دفع بنابليون للبحث عن وسيلة للخروج. وفي 11 تموز / يوليو، اجتمع على انفراد مع فرانز جوزيف في فيلافرانكا، دون علم حلفائه البييدمونتيين، واتفقا على الخطوط العريضة لتسوية النزاع. بموجب الاتفاق، تحتفظ النمسا بالبندقية، ولكن تتنازل عن لومباردي لصالح فرنسا، التي ستتنازل عنها على الفور لبيدمونت (لم يرغب النمساويون في التخلي عن المنطقة لبيدمونت بأنفسهم)، وعدا ذلك فإن الحدود الإيطالية لن تتغير. وفي وسط إيطاليا، حيث حدث التمرد على السلطات المحلية في أعقاب اندلاع الحرب، يعود حكام توسكانا ومودينا وبارما إلى أملاكهم، التي هربوا منها إلى النمسا، في حين تستأنف البابوية سيطرتها على مفوضياتها. ولأن نابليون لم يف بشروط اتفاقه مع بيدمونت، فإنه لن يحظى بسافوي ونيس.

غضبت سردينيا من هذه الخيانة من قبل حليفها. طالب كافور أن تستمر الحرب، واستقال عندما قرر فيكتور عمانوئيل القبول بالنتائج كونها الخيار الواقعي الوحيد. لكن اتفاق فيلافرانكا، أثبت أنه حبر على ورق حتى قبل إضفاء الطابع الرسمي عليه في معاهدة زيوريخ في نوفمبر/ تشرين الثاني. احتلت قوات بييدمونت الدويلات الإيطالية، بينما بدى أن الفرنسيين غير راغبين في الضغط عليهم للانسحاب، والسماح باستعادة النظام القديم. في حين أن النمساويين فقدوا القدرة على إجبارهم على فعل ذلك. في كانون الأول / ديسمبر، توحدت توسكانا وبارما ومودينا والمفوضيات البابوية ضمن المقاطعات المتحدة في إيطاليا الوسطى، وبتشجيع من بريطانيا سعوا للانضمام إلى مملكة سردينيا.

عاد كافور منتصرًا إلى السلطة في كانون الثاني / يناير 1860، وعبر عن رغبته في مواصلة ضم الأراضي، لكنه أدرك ضرورة حصوله على موافقة الفرنسيين. وافق نابليون الثالث على أن تواصل بييدمونت ضم الأراضي في مقابل سافوي ونيس. وفي 20 آذار / مارس 1860، شملت مملكة سردينيا معظم شمال ووسط إيطاليا.

حملة الألف:
بحلول ربيع عام 1860، لم يبق سوى أربع دول في إيطاليا: النمسا في البندقية والدولة البابوية (بعد أن فقدت المفوضيات) والمملكة الجديدة الموسعة في بيدمونت - سردينيا ومملكة الصقليتين. لم يعد هناك سبب يدعو كافور للاعتقاد بضرورة توحيد بقية إيطاليا تحت حكم بييدمونت، حيث أن هذه المناطق فقيرة اقتصاديًا، وضمها قد يحمله عبئًا ماليًا، ولكن الأحداث جرت على غير المتوقع.

امتلك فرانسيس الثاني ملك الصقليتين نجل وخليفة فرديناند الثاني ("الملك بومبا" سئ السمعة)، جيشًا جيد التنظيم قوامه 150,000 رجل. لكن طغيان والده خلف العديد من الجمعيات السرية، كما أن المرتزقة السويسريين عادوا إلى بلادهم، بعد أن صدر قانون سويسري يجرم المواطنين السويسريين العاملين كمرتزقة. ترك هذا الأمر فرانسيس بقواته المحلية التي لا يمكن الاعتماد عليها في معظم الأحيان. كانت الفرصة سانحة لحركة التوحيد. وفي أبريل 1860، بدأ تمرد الانفصاليين في ميسينا وباليرمو في صقلية، اللتان أبدتا معارضة دائمة لحكم نابولي. قُمع التمرد بسهولة من قبل القوات الموالية للملك.

في غضون ذلك، شعر غاريبالدي وهو مواطن من نيس، بالاستياء الشديد من الضم الفرنسي لمدينته، وأعرب عن أمله في استخدام أنصاره لاستعادة المدينة. خشي كافور من احتمال إثارة غاريبالدي للحرب مع فرنسا، وأقنع غاريبالدي بتركيز قواته بدلا من ذلك على التمرد في صقلية. في 6 مايو 1860، سار غاريبالدي مع حوالي ألف متطوع إيطالي (حملة الألف) من كوارتو قرب جنوى. وبعد توقف في تالاموني، حط في 11 مايو قرب مارسالا على الساحل الغربي لجزيرة صقلية.

وبالقرب من سالمي، انضم إلى جيش غاريبالدي جماعات من المتمردين، وبذلك تحولت حملة الألف إلى حركة شعبية واسعة،[12] حيث واجهت تلك القوات المشتركة جيشًا وهزمته في كالاتافيمي في 13 مايو. في غضون ثلاثة أيام، ارتفع عدد القوات الغازية إلى 4,000 رجل. وفي 14 مايو، أعلن غاريبالدي نفسه دكتاتور صقلية، تحت حكم فيكتور عمانويل. بعد الانتصار في عدة معارك ضروس، تقدم غاريبالدي إلى العاصمة الصقلية باليرمو، معلنًا عن وصوله بمنارات مستعرة النيران في الليل. وفي 27 مايو، ضربت القوة حصارًا على ميناء تيرميني في باليرمو، بينما اندلع القتال في شوارع المدينة.

باعتبار أن باليرمو في حالة تمرد، وصل الجنرال فرديناندو لانزا من نابولي إلى صقلية مع 25,000 جندي، وقصف باليرمو بشراسة حتى أصبحت أنقاضًا. وبتدخل بريطاني إعلنت الهدنة، التي أسفرت عن رحيل قوات نابولي وتسليم البلدة لغاريبالدي وجيشه الصغير. أبرز هذا النجاح الباهر ضعف الحكومة في نابولي، وزادت شهرة غاريبالدي في العديد من المدن الإيطالية باعتباره بطلاً قوميًا. انتشر الشك والبلبلة والفزع في البلاط النابولي، حيث استدعى الملك وزراءه على عجل، وعرض استعادة الدستور السابق. لكن هذه الجهود فشلت في إعادة بناء الثقة بين الشعب وحكم آل بوربون.

وبعد ستة أسابيع من استسلام باليرمو، هاجم غاريبالدي ميسينا، واستسلمت قلعتها في غضون أسبوع. وبعد أن غزا صقلية، انتقل غاريبالدي إلى البر الرئيسي عابرًا مضيق ميسينا، وفي حوزته أسطول نابولي. استسلمت حامية ريجيو كالابريا على الفور، ومع تقدمه بإتجاه الشمال حيّته الجماهير في كل مكان وتلاشت المقاومة العسكرية. في 18 و 21 أغسطس، أعلنت منطقتي بازيليكاتا وبوليا، وهما منطقتان من مملكة نابولي، انضمامهما لمملكة إيطاليا. في نهاية أغسطس، وصل غاريبالدي إلى كوزنسا، وبحلول 5 سبتمبر إلى إبولي قرب ساليرنو. من جهة أخرى، أعلنت نابولي في حالة الاستعداد للحصار، وفي 6 سبتمبر جمع الملك 4,000 جندي من قواته التي لا تزال مخلصة له وانسحب خلف نهر فولتورنو. في اليوم التالي، دخل غاريبالدي نابولي مع قلة من أتباعه بالقطار، ورحب به سكانها علنًا.

هزيمة مملكة نابولي
رغم سيطرة غاريبالدي بسهولة على العاصمة، فإن جيش نابولي لم ينضم إلى التمرد بشكل جماعي، بل حافظ على مواقعه على طول نهر فولتورنو. لم تستطع قوات غاريبالدي غير النظامية البالغ عددها حوالي 25,000 جندي، طرد قوات الملك أو السيطرة على حصني كابوا وجيتا دون مساعدة من جيش سردينيا.

لكن جيش سردينيا لن يصل إلا عبر الدولة البابوية، والتي تمتد عبر كامل مركز شبه الجزيرة. تجاهل غاريبالدي الإرادة السياسية للكرسي الرسولي، وأعلن عن نيته إعلان "مملكة إيطاليا" من روما، عاصمة البابا بيوس التاسع. اعتبر البابا هذا الأمر بمثابة تهديد للكنيسة الكاثوليكية، وهدد بحرمان هؤلاء الذين يساندون هذا الأمر. دفع الخوف من مهاجمة غاريبالدي لروما بالكاثوليك من جميع أنحاء العالم للتبرع بالمال والمتطوعين للجيش البابوي، الذي قاده الجنرال لويس لاموريسيير الذي كان منفيًا في فرنسا.

كانت الأمر على رأي لويس نابليون، حيث إذا سمح الامبراطور الفرنسي لغاريبالدي بالعبور، فسينهي ذلك سيادة البابا الزمنية، ويجعل من روما عاصمة لإيطاليا. مع ذلك، يبدو أن نابليون قد رتب الأمر مع كافور للسماح لملك سردينيا بالاستيلاء على نابولي وأومبريا والمحافظات الأخرى، شريطة ترك روما و"إرث القديس بطرس" سليمًا.

تألفت القوة السردينية من فيلقين اثنين بقيادة كل من فانتي وسيالديني اللذان سارا إلى حدود الدولة البابوية مستهدفين نابولي وليس روما. تقدمت القوات البابوية بقيادة لاموريسيير ضد سيالديني، ولكنهم هزموا بسرعة وحوصروا في حصن أنكونا، واستسلموا في النهاية في 29 سبتمبر. وفي 9 أكتوبر، وصل فيكتور عمانويل الثاني لتولى القيادة، في الوقت الذي لم يعد هناك جيش بابوي ليقف في وجهه، فتابع المسير جنوبًا دون معارضة.
لم يثق غاريبالدي بكافور بسبب سياسته الواقعية، خصوصًا لدور كافور في ضم نيس لفرنسا. مع ذلك، قبل بقيادة فيكتور عمانويل. وعندما دخل الملك سيسا أورونكا على رأس جيشه، سلمه غاريبالدي عن طيب خاطر كامل سلطته الديكتاتورية. بعد حيّا غاريبالدي فيكتور ايمانويل في تيانو بلقب ملك إيطاليا، دخل نابولي إلى جانب الملك. تقاعد غاريبالدي بعدها في جزيرة كابريرا، وسلّم ما تبقى من توحيد شبه الجزيرة لفيكتور عمانويل.

دفع تقدم الجيش السرديني بفرانسيس الثاني للتخلي عن مواقعه على طول النهر، واللجوء مع قواته إلى قلعة جيتا. ارتفعت معنوياته بفضل زوجته الشابة ماري صوفي، وقاد دفاعًا عنيدًا استمر لثلاثة أشهر. إضطرت الحامية للاستسلام بعد رفض حلفائه الأوروبيون مساعدته ونفاذ المواد الغذائية والذخائر وانتشار الأمراض. مع ذلك، فإن جماعات من النابوليين المواليين لفرانسيس استمروا في القتال ضد الحكومة الإيطالية لسنوات تالية.

بسقوط حصن جيتا، بدأت حركة التوحيد تؤتي ثمارها، حيث لم يبق سوى ضم روما والبندقية. وفي 18 فبراير 1861، جمع فيكتور عمانويل نواب البرلمان الإيطالي الأول في تورينو. وفي 17 مارس 1861، أعلن البرلمان فيكتور عمانويل الثاني ملكًا على إيطاليا. وفي 27 مارس 1861، أعلنت روما عاصمة لإيطاليا، رغم أنها لم تكن حينها حتى ضمن الدولة الجديدة. وبعد ثلاثة أشهر توفي كافور، بعد أن شهد عمل حياته كاملاً تقريبًا، وعندما تم تلقينه الطقوس الأخيرة على فراش المرض، كرر كافور القول: "صنعت إيطاليا، كل شيء آمن."

المسألة الرومانية:
لم يكن مازيني مرتاحًا لاستمرار الحكومة الملكية، واستمر في التحرك من أجل الجمهورية، رافعًا شعار "حرة من الألب إلى الأدرياتيكي". وضعت حركة التوحيد روما والبندقية نصب عينيها، رغم ذلك كان هناك عقبات. أثار تحدي سلطة البابا الزمنية غضب الكاثوليك في مختلف أنحاء العالم، كما تمركزت قوات فرنسية في روما. كان فيكتور عمانويل حذرًا من التداعيات الدولية للهجوم على الولايات البابوية، وحذر رعاياه من المشاركة في الثورات بمثل هذه النوايا.

رغم ذلك اعتقد غاريبالدي أن الحكومة ستدعمه إذا هاجم روما، ولشعوره بالإحباط لعدم تحرك الملك، نظم حملة جديدة. في يونيو 1862، أبحر من جنوى إلى باليرمو، حيث جمع المتطوعين لحملته تحت شعار "روما أو الموت". منعت حامية ميسينا الموالية للملك عبورهم إلى البر الرئيسي، مما دفع قوة غاريبالدي البالغ عددها الآن 2,000 رجل، إلى الإتجاه جنوبًا، وأبحرت من كاتانيا. أعلن غاريبالدي أنه سيدخل روما منتصرًا أو سيموت على جدرانها. نزل غاليباردي في ميليتو في 14 أغسطس، وتقدم مباشرة نحو جبال كالابريا.

لم تدعم الحكومة الإيطالية هذا الأمر على الإطلاق. أرسل سيالديني قوات من الجيش النظامي بقيادة الكولونيل بالافيتشينو ضد قوات المتطوعين. إلتقى الفريقان في 28 أغسطس في أسبرومونتي، أطلق أحد النظاميين رصاصة طائشة تلتها عدة طلقات، لكن غاريبالدي نهى رجاله من الرد بالنار على إخوانهم من رعايا المملكة الإيطالية. أصيب المتطوعون بعدة اصابات، ومن بينهم غاريبالدي وأسر العديدون. نقل غاريبالدي بواسطة باخرة إلى فارينيانو، حيث سجن بشرف لبعض الوقت، لكن أطلق سراحه في النهاية.

في الوقت نفسه، سعى فيكتور عمانويل لوسيلة أكثر أمنًا لضم الولايات البابوية. خاضت المملكة مفاوضات لكي تنسحب القوات الفرنسية من روما عبر معاهدة. وافق نابليون الثالث في مؤتمر سبتمبر 1864، على سحب قواته في غضون عامين. كان على البابا زيادة عدد قواته خلال تلك الفترة لتحقيق الاكتفاء الذاتي. في ديسمبر 1866، انسحبت آخر القوات الفرنسية من روما، على الرغم من الجهود التي بذلها البابا للاحتفاظ بها. وبذلك خلت إيطاليا من الوجود الأجنبي.
تم نقل مقر الحكومة في عام 1865 من تورينو، العاصمة القديمة لسردينيا، إلى فلورنسا، حيث عقد البرلمان الإيطالي الأول. أدى هذا الترتيب إلى اضطرابات في مدينة تورينو، أجبرت الملك على مغادرة المدينة على عجل إلى عاصمته الجديدة.