منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#65989
قد زرعـت حادثة الهجرة فينـا آمالاً عظيمة بقرب نصر الله تعالى ، كيف لا وقد نجى الله المؤمنين من ظلمات الكفر ، وأخرجهم من مكة حيث لم يكن الواحد منهم بقادر على أن يصلي في المسجد الحرام ولا أن يعلن شعائر دينه ، و خرج أكثرهم مستخفياً خائفاً ، وقدوتهم العظمى صلى الله عليه وسلم يبشرهم ويؤملهم ويثبتهم بأبي هو وأمي ( يا أبا بكر ، ما ظنك باثنين الله ثالثهما ) ، وقد جاءه خباب رضي الله عنه قبل الهجرة وقد اشتد عليه الكرب وحاصرته الهموم قائلاً : يا رسـول الله ، ألا تستنصر لنا ؟ فاحمر وجهه الشريف صلى الله عليه وسلم وقال : ( قد كان فيمن كان قبلكم ينشر بالمنشار من مفرق رأسه ما يصده ذلك عن دينه ، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب مـن صنعـاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ) .


أرأيت أخي القارئ كيف كان رسولنا الأعظم صـلى الله عليه وسلم يثبت أصحابه ويؤملهم ، ويبشـر النبي صلى الله عليه وسلم سـراقة بسواري كسرى ويؤمله في أمر لم يكن أكثر الناس تفاؤلاً ولا أوسعهم خيالاً يفكر فيه أدنى تفكير ، حتى إذا أوصلته الهجرة إلى المدينة النبوية المنورة بنى فيها دولة استعصت على الكافرين ألف سنة أو تزيد ، وكان لها السيادة العالمية .

واليوم يصيب كثيراً من الناس يأس مقعد وإحباط ظاهر ، وذلك لما حل بساحة المسلمين من المصائب ، ولما اجتمع عليهم من الكيد العالمي الخطير ، ويكاد هذا اليأس وذلك الإحباط يعصفان بقدراتهم ويطيحان بآمالهم ، ويقللان إلى حد كبير من عملهم وجهدهم .

وذلك هو الأمر الخطـير والمرض القاتل ، إذ يجب أن يملأ الأمل قلوبنـا بعودة الإسلام وعز المسلمين ، والبشائر تترى اليوم بهذا ، فتركيا عرفت طريق الإسلام ، والشيشان انتفض على الإلحاد ، وكشمير انتفضت على عباد الفقر ، وجنـوب الفليبين تغلي بالمجاهـدين ، وفلسطـين الأرض المباركة فيها جهاد مبارك عظيم ، وديار الإسـلام يرفرف على سمائهـا الدين بعد سحب مظلمـة طويلة ، وعناد وكفـر فعلا بها الأفاعـيل ، فلنلتمس من حادثة الهجرة الأمل ، ولتستضيء قلوبنـا بنوره ، فإنه والله لولا الأمل بنصر الله تعالى لنا ولو بعد حين لكان بطن الأرض خيراً لنا من ظهرها، والله المستعان .