منتديات الحوار الجامعية السياسية

شخصيات صنعت التاريخ

المشرف: بدريه القحطاني

By سلمان الشرهان80-20
#67313
محمد بن عبد الوهاب بن سليمان آل مشرف التميمي (1703م - 1791م) عالم دين سني على المذهب الحنبلي يعتبره أتباع دعوته من مجددي الدين الإسلامي في شبه الجزيرة العربية حيث شرع في دعوة المسلمين للتخلص من البدع والخرافات وتوحيد الله ونبذ الشرك.

ولد محمد بن عبد الوهاب في العيينة وسط نجد سنة 1115 هـ الموافق من عام 1703م [1] لأسرة بدوية ينسب إليها عدد من الشيوخ. تعلم القرآن الكريم وحفظه عن ظهر قلب قبل بلوغه عشر سنين وقرأ على أبيه في الفقه،[2] وتذكر مصادر الترجمة أنه كان مشهوراً حينئذ بحدة ذهنه وسرعة حفظه وحبه للمطالعة في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام حتى إن أباه كان يتعجب من فهمه ويقول: لقد استفدت من ولدي محمد فوائد من الأحكام.[2]، وسافر إلى مكة والمدينة لتحصيل المزيد من العلم عبر منهج التلقي عن مشايخه. والتقى في سفره بالعديد من العلماء، ودرس على يد الشيخ عبد الله بن سيف والشيخ محمد حياة السندي، فأخذ عنهم بقية علومه، ثم توجه إلى الأحساء فأخذ عن شيوخها، وزار البصرة وبغداد؛ حيث اطلّع على علوم التصوف وفلسفة الاستشراق، وأنكر على كثير من العلماء ما سمعه من العلوم التي لا تتفق من وجهة نظره في مفهوم الإسلام البسيط الذي عرفته البيئة النجدية البدوية، وشرع في الدعوة إلى العودة إلى الإسلام كما فهمه العرب الأوائل

هو محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبه بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب بن ربيعه بن أبي سود بن مالك بن حنظله بن مالك بن زيد مناة بن تميم التميمي. من المشارفه آل مشرف من المعاضيد من فخذ آل زاخر من قبيلة الوهبه من بني حنظلة من قبيلة بني تميم فيقال له (المشرفي) نسبة إلى جده مشرف وأسرته آل مشرف، ويقال: (الوهيبي) نسبة إلى جده وهيب. أما والدته؛ فهي ابنة محمد بن عزاز المشرفي الوهيبي التميمي.

ينحدر محمد بن عبد الوهاب من أسرة علمية شهيرة، فأبوه عبد الوهاب بن سليمان كان من الفقهاء وقاضيا في العارض وجده سليمان بن علي كان عالما وقاضيا وموثقا شرعيا تولى القضاء وعمه الشيخ إبراهيم وهو ممن تخرج بأبيه وكان يتردد على ما حول العيينة للإفتاء والتوثيق وتولى القضاء في بلدة أشيقر. حفظ محمد بن عبد الوهاب القرآن الكريم ولم يتجاوز سنه عشرة أعوام وشرع في طلب العلم فقرأ على والده وعمه وتخرج بهما في الفقه وغيره وكان سريع الحفظ والكتابة قوي الإدراك كثير المطالعة شغوفا بها ولاسيما في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام. ثم رحل إلى عدد من الأمصار لطلب العلم والحديث والتفقه في الدين فرحل إلى الحجاز وتهامة والبصرة والزبير والأحساء وقرأ على جملة من علمائها، وتحصل على إجازات في الحديث وغيره.[7]

رحل محمد بن عبد الوهاب في طلب العلم إلى مكة والمدينة والبصرة غير مرة. ولم يتمكن من الرحلة إلى الشام ثم عاد إلى نجد يدعو الناس إلى التوحيد. ولم يثبت أن محمد بن عبد الوهاب قد تجاوز الحجاز وتهامة والعراق والأحساء في طلب العلم. فتفقه على المذهب الحنبلي وتلقاه على يد والده بإسناد متصل ينتهي إلى الإمام أحمد بن حنبل. كما تلقى علم الحديث النبوي ومروياته الحديثية لجميع كتب السنة كالصحاح والسنن والمسانيد وكتب اللغة والتوحيد وغيرها من العلوم عن شيخيه: العلامة عبد الله الفرضي الحنبلي والمحدث محمد حياة السندي وأسانيدهما مشهورة معلومة.[8] ولقد كان لعدد من العلماء السلفيين دور في تشكيل وبناء فكر محمد بن عبد الوهاب ومنهم الشيخ محمد المجموعي وبعض علماء العراق الآخرين وقد هاجم الشيخ محمد بن عبد الوهاب ما رآه من المعاصي هناك وعاد غاضباً. ومن علماء الإحساء كان للشيخ ابن عبد اللطيف وهو أحد علماء الأحساء الحنابلة دور في بناء فكر محمد بن عبد الوهاب الديني. وقد تدارس الشيخ كتب الشيخين ابن تيمية وابن القيم مما كان له الأثر في انطلاق فكره وحرية آرائه واجتهاده.[7]

أما ما قيل من أنه سافر إلى الشام كما ذكره خير الدين الزركلي في الأعلام وإلى فارس وإيران وقم وإصفهان كما يذكره بعض المستشرقين ونحوهم في مؤلفاتهم فهذه الأشياء غير مقبولة لأن حفيده عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ وابنه عبد اللطيف وابن بشر نصوا على أن محمد بن عبد الوهاب لم يتمكن من السفر إلى الشام أما ما يذكر من أنه سافر إلى فارس وغيرها من البلاد فإن أغلبهم قد اعتمدوا على كتاب لمع الشهاب لمؤلف مجهول. قال حمد الجاسر:

«ولا تفوت الإشارة إلى أن كثيراً ممن كتبوا عن محمد انخدعوا بما جاء في كتاب لمع الشهاب... إلى أن قال: وهذا الكتاب الذي لا يصح التعويل عليه.»وبالإجمال؛ فقد حرص مترجموا محمد بن عبد الوهاب على تدوين كل ما يتصل برحلاته وبأسماء العلماء الذين تلقى العلم عنهم. وبذكر البلاد التي زارها ويكادون يتفقون على عدم صحة ما ورد في كتاب لمع الشهاب.[8] ومن ذلك ما زعم أنه درس اللغتين الفارسية والتركية والحكمة الإشراقية والفلسفة والتصوف ولبس جبة خضراء في أصفهان فليس بثابت بل إنه أمر مستبعد إذ ليس في مؤلفاته وآثاره ما يدل على شيء من هذا ثم إن من ذكر ذلك عنه كان ممن انخدع بمثل كتاب لمع الشهاب.[9] وبعد مضي سنوات على رحلته عاد إلى بلدة حريملاء التي انتقل إليها والده بعد أن تعين على العيينة أمير جديد يلقب عثمان بن حمد بن معمر والذي لم يرق له بقاء عبد الوهاب في القضاء فعزله عنه فغادرها عبد الوهاب إلى حريملاء وأقام بها وتولى قضاءها. فأقام محمد في حريملاء مع أبيه يدرس علمه.[10]


كان محمد بن عبد الوهاب عند أتباعه يدعو الناس إلى عقيدة التوحيد ولذلك سمى أتباعه هذه الدعوة بالدعوة السلفية نسبة إلى السلف الصالح. وكانت جل دعوته إعادة الناس إلى تحقيق التوحيد ونبذ الشرك الذي كثر آنذاك مثل التعبد بالقبور والتقرب بالأصنام والأشخاص والبناء على القبور والتعامل بالسحر وغيرها من مظاهر البدع والتي هي تنافي عقيدة التوحيد في دين الإسلام والتي ختمها آخر الأنبياء محمد وتبعه بها الخلفاء الأربعة والصحابة والتابعين ومن بعدهم، ودعوة الناس لنبذ ما يخالفها من الأفكار التي كانت قد تفشت في ذلك العصر من عبادة القبور وغيرها ويرى أعداؤه ومنتقدوه أنه أنشأ طائفة أو فكرة متشددة لتفسير الإسلام، ما أدى إلى عدم التهاون مع مخالفيهم في الدين أو في المذهب، بل ضخموا المسائل الفرعية المختلفة فيها إلى درجة التكفير والتفسيق.[11]

يقول في الإيمان ما قاله السلف أنه قول وعمل يزيد وينقص. يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية هذا من عقيدته وليس له في ذلك مذهب خاص. وإنما أظهر ذلك في نجد وما حولها ودعا إلى ذلك ثم جاهد عليه من رفضه وعانده وقاتلهم، وكذلك هو على ما عليه من الدعوة إلى الله وإنكار الباطل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولكن محمد بن عبد الوهاب وأنصاره يدعون الناس إلى الحق ويلزمونهم به وينهونهم عن الباطل وينكرونه عليهم ويزجرونهم عنه حتى يتركوه

قام محمد بن عبد الوهاب بدعوة المسلمين للتخلص من البدع والخرافات وتوحيد الله عز وجل (حسب كتبه). وقد كان كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب أحد مؤلفاته التي ساق فيه الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله. كان على بن عبد الوهاب محاربة كل هذه البدع والضلالات - حسب رأيه - من خلال غزو هذا الفكر بفكر جديد وكان لفكر ابن تيمية دور عظيم في اتجاهات دعوة التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب وقد تصدى الكثيرون للدعوة في مطلعها. واشتد عداء خصومه لدعوته وأطلقوا اسم الوهابية أو الوهابيون على دعوته وردده الأوربيون ثم تداولته ألسنة الناس.[7]

بدأت الدعوة في لين ورفق من بن عبد الوهاب بين أتباعه ومريديه وفي بلدته العينية إلا أنه لقي معارضة شديدة من بعض المذاهب وكَثر أعداءه لاختلاف المصالح. ولكن الشيخ لم يهدأ واستعمل كل الوسائل لنشرها.

خرج إلى الدرعية مقر آل سعود. وهناك التقى بأمير الدرعية الشيخ محمد بن سعود بن محمد آل مقرن، الذي استقبل محمد بن عبد الوهاب فعرض محمد بن عبد الوهاب دعوته على الأمير محمد بن سعود بن محمد آل مقرن؛ فقبلها، وتعاهد الشيخان على حمل الدعوة على عاتقهم، والدفاع عنها، والدعوة للدين الصحيح، ومحاربة البدع، ونشر كل ذلك في جميع أرجاء جزيرة العرب. وكان أخطر شيء في هذا الاتفاق الاتفاق على نشر الدعوة باللسان لمن يقبلها وبالسيف لمن يرفض دعوتهم

في عام 1206 هـ الموافق 1791 م توفي محمد بن عبد الوهاب في العيينة بالقرب من الرياض، قال ابن غنام في الروضة (2/154): كان ابتداء المرض به في شوال، ثم كان وفاته في يوم الاثنين من آخر الشهر. وكذا قال عبد الرحمن بن قاسم في الدرر السنية (12/20)، أما ابن بشر فيقول: كانت وفاته آخر ذي القعدة من السنة المذكورة. عنوان المجد (1/95). وقول ابن غنام أرجح لتقدمه في الزمن على ابن بشر ولمعاصرته له وشهوده زمن وفاته وتدوينه لتاريخه. وكان بلغ من العمر نحو اثنتين وتسعين سنة، وتوفي ولم يخلف مالا يقسم بين ورثته.[16]