منتديات الحوار الجامعية السياسية

شخصيات صنعت التاريخ

المشرف: بدريه القحطاني

#67676
الواثق بالله إبراهيم بن ولي العهد المستكفي بالله الثاني أبى عبد الله محمد بن الحاكم يأمر الله أبى العباس أحمد كان جده الحاكم عهد إلى أبنه محمد ولقبه المستمسك فمات في حياته فعهد إلى ابنه إبراهيم هذا ظنا أنه يصلح للخلافة فرآه غير صالح لها لما هو فيه من الانهماك في اللعب ومعاشرة الأرذال فعدل عنه وعهد إلى المستكفى ابنه أعنى ابن الحاكم وهو عم إبراهيم

فكان إبراهيم هو السبب في الوقيعة بين الخليفة المستكفى والسلطان بعد أن كانا كالأخوين لما كان يحمله إليه من النميمة به حتى جرى ما جرى

فلما مات المستكفى بقوص عهد إلى ابنه أحمد فلم يلتفت السلطان إلى ذلك وبايع إبراهيم هذا ولقب بالواثق إلى أن حضرت السلطان الوفاة فندم على ما صدر منه وعزل إبراهيم هذا وبايع ولى العهد أحمد ولقب الحاكم وذلك في أول المحرم سنة اثنتين واربعين

قال ابن حجر راجع الناس السلطان في أمر إبراهيم هذا ووسموه بسوء السيرة فلم يلتفت لذلك ولم يزل بالناس حتى بايعوه وكان العامة يلقبونه المستعصى بالله

وقال ابن فضل الله في المسالك في ترجمة الواثق عهد إليه جده ظنا أن يكون صالحا أويجيب لداعى الخلافة صائحا فما نشأ إلا في تهتك ولا دان إلا بعد تنسك أغرى بالقاذورات وفعل ما لم تدع إليه الضرورات وعاشر السفلة والأرذال وهان عليه من عرضه ماهو باذل وزين له سوء عمله فرآه حسنا وعمى عليه فلم ير مسيئا إلا محسنا وغواه اللعب بالحمام وشرى الكباش للنطاح والديوك للنقار والمنافسة في المعز الزرائبية الطوال الآذان وأشياء من هذا ومثله مما يسقط المروءة ويثلم الوقار وانضم هذا إلى سوء معاملة ومشترى سلع لا يوفى أثمانها واستئجار دور لا يقوم بأجرها وتحيل على درهم يملأ به كفه وسحت يجمع به فمه وحرام يطعم منه ويطعم حرمه حتى كان عرضه للهوان وأكلة لأهل الهوان

فلما توفى المستكفى والسلطان عليه في حدة غضبه وتياره المتحامل عليه في شدة غلبه طلب هذا الواثق المغتر والمائق إلا أنه غير المضطر وكان ممن يمشى إلى السلطان في عمه بالنميمة ويعقد مكائده على رأسه عقدة التميمة فحضر إليه وأحضر معه عهد جده فتمسك السلطان بمبايعته بشبهته وصرف وجه الخلافة إلى جهته وكان قد تقدم نقض ذلك العهد ونسخ ذلك العقد

وقام قاضى القضاة أبو عمر بن جماعة في صرف رأى السلطان عن إقامة الخطبة باسم الواثق فلم يفعل واتفق الرأيان على ترك الخطبة للاثنين واكتفى فيها بمجرد اسم السلطان

فرحل بموت المستكفى اسم الخلافة عن المنابر كأنه ما علا ذروتها وخلا الدعاء للخلافاء من المحاريب كأنه ما قرع بابها ومروتها فكأنما كان آخر للخلفاء بنى العباس وشعارها عليه لباس الحداد واغمدوا تلك السيوف الحداد

ثم لم يزل الأمر على هذا حتى حضرت السلطان الوفاة وقرع الموت صفاه فكان مما أوصى به الأمر إلى أهله وإمضاء عهد المستكفى لأبنه قال الآن حصحص الحق وحنا على مخالفيه ورق وعزل إبراهيم وهزل وكان قد رعى البهم وستر اللؤم بثياب أهل الكرم وتسمن وشحمة ورم وتسمى بالواثق واين هو من صاحب هذا الاسم الذي طال ما سرى رعبه في القلوب وأقضت هيبته مضاجع الجنوب وهيهات لا تعد من النسر التماثيل ولا الناموسة وإن طال خرطومها كالفيل وإنما سوق الزمان قد ينفق ما كسد والهر يحكى اتفاخا صورة الأسد وقد عاد الآن يعض يديه ومن يهن يسهل الهوان عليه هذا آخر كلام ابن فضل الله .