صفحة 1 من 1

الواثق بالله الثاني العباسي

مرسل: الأربعاء ديسمبر 04, 2013 5:21 pm
بواسطة عبدالعزيز الهزاني 9
الواثق بالله إبراهيم بن ولي العهد المستكفي بالله الثاني أبى عبد الله محمد بن الحاكم يأمر الله أبى العباس أحمد كان جده الحاكم عهد إلى أبنه محمد ولقبه المستمسك فمات في حياته فعهد إلى ابنه إبراهيم هذا ظنا أنه يصلح للخلافة فرآه غير صالح لها لما هو فيه من الانهماك في اللعب ومعاشرة الأرذال فعدل عنه وعهد إلى المستكفى ابنه أعنى ابن الحاكم وهو عم إبراهيم

فكان إبراهيم هو السبب في الوقيعة بين الخليفة المستكفى والسلطان بعد أن كانا كالأخوين لما كان يحمله إليه من النميمة به حتى جرى ما جرى

فلما مات المستكفى بقوص عهد إلى ابنه أحمد فلم يلتفت السلطان إلى ذلك وبايع إبراهيم هذا ولقب بالواثق إلى أن حضرت السلطان الوفاة فندم على ما صدر منه وعزل إبراهيم هذا وبايع ولى العهد أحمد ولقب الحاكم وذلك في أول المحرم سنة اثنتين واربعين

قال ابن حجر راجع الناس السلطان في أمر إبراهيم هذا ووسموه بسوء السيرة فلم يلتفت لذلك ولم يزل بالناس حتى بايعوه وكان العامة يلقبونه المستعصى بالله

وقال ابن فضل الله في المسالك في ترجمة الواثق عهد إليه جده ظنا أن يكون صالحا أويجيب لداعى الخلافة صائحا فما نشأ إلا في تهتك ولا دان إلا بعد تنسك أغرى بالقاذورات وفعل ما لم تدع إليه الضرورات وعاشر السفلة والأرذال وهان عليه من عرضه ماهو باذل وزين له سوء عمله فرآه حسنا وعمى عليه فلم ير مسيئا إلا محسنا وغواه اللعب بالحمام وشرى الكباش للنطاح والديوك للنقار والمنافسة في المعز الزرائبية الطوال الآذان وأشياء من هذا ومثله مما يسقط المروءة ويثلم الوقار وانضم هذا إلى سوء معاملة ومشترى سلع لا يوفى أثمانها واستئجار دور لا يقوم بأجرها وتحيل على درهم يملأ به كفه وسحت يجمع به فمه وحرام يطعم منه ويطعم حرمه حتى كان عرضه للهوان وأكلة لأهل الهوان

فلما توفى المستكفى والسلطان عليه في حدة غضبه وتياره المتحامل عليه في شدة غلبه طلب هذا الواثق المغتر والمائق إلا أنه غير المضطر وكان ممن يمشى إلى السلطان في عمه بالنميمة ويعقد مكائده على رأسه عقدة التميمة فحضر إليه وأحضر معه عهد جده فتمسك السلطان بمبايعته بشبهته وصرف وجه الخلافة إلى جهته وكان قد تقدم نقض ذلك العهد ونسخ ذلك العقد

وقام قاضى القضاة أبو عمر بن جماعة في صرف رأى السلطان عن إقامة الخطبة باسم الواثق فلم يفعل واتفق الرأيان على ترك الخطبة للاثنين واكتفى فيها بمجرد اسم السلطان

فرحل بموت المستكفى اسم الخلافة عن المنابر كأنه ما علا ذروتها وخلا الدعاء للخلافاء من المحاريب كأنه ما قرع بابها ومروتها فكأنما كان آخر للخلفاء بنى العباس وشعارها عليه لباس الحداد واغمدوا تلك السيوف الحداد

ثم لم يزل الأمر على هذا حتى حضرت السلطان الوفاة وقرع الموت صفاه فكان مما أوصى به الأمر إلى أهله وإمضاء عهد المستكفى لأبنه قال الآن حصحص الحق وحنا على مخالفيه ورق وعزل إبراهيم وهزل وكان قد رعى البهم وستر اللؤم بثياب أهل الكرم وتسمن وشحمة ورم وتسمى بالواثق واين هو من صاحب هذا الاسم الذي طال ما سرى رعبه في القلوب وأقضت هيبته مضاجع الجنوب وهيهات لا تعد من النسر التماثيل ولا الناموسة وإن طال خرطومها كالفيل وإنما سوق الزمان قد ينفق ما كسد والهر يحكى اتفاخا صورة الأسد وقد عاد الآن يعض يديه ومن يهن يسهل الهوان عليه هذا آخر كلام ابن فضل الله .