- الاثنين ديسمبر 09, 2013 10:31 pm
#69407
ما بعد الملحمة المبهرة في لبنان، سيتوجه العرب العاملون في حقول الفكر والسياسة نحو التفتيش عن ثقافة سياسية جديدة، تأخذ بعين الاعتبار ما حدث في لبنان، وما حدث من قبله في فلسطين والعراق. وفي اعتقادي أن تلك الثقافة ستحتاج إلى التعامل مع الأسئلة والإشكاليات التالية:
أولاً: هناك موضوع التعايش العربي والإسلامي مع الكيان السياسي- العسكري الصهيوني المتواجد في فلسطين. فالوحشية والهمجية اللتان استعملهما الجيش الصهيوني في مواجهة المقاومتين الفلسطينية واللبنانية كانتا دون المستوى البشري وأقرب إلى المستوى الحيواني. السؤال الذي سيطرح نفسه هو: هل بعد أن شاهد الناس دك المدن وقتل الأطفال والنساء والشيوخ وحرق الأرض وما عليها يستطيعون قبول الثقافة السياسية التي روجت منذ اتفاقية كامب ديفيد الأولى بالتعايش مع إسرائيل، أم أنه آن الأوان للرجوع إلى المربع الأول القائل بدولة ديمقراطية يتعايش فيها العرب واليهود ولا تكون لها أية صلة بالأيديولوجية الصهيونية وأحلامها الاستيطانية والخرافية؟
ثانياً: هناك موضوع التعامل مع أميركا، فهل بعد أن ساعدت هذه الدولة بصورة مباشرة وغير مباشرة على تدمير العراق والضفة الغربية من فلسطين ولبنان ومن قبلهم فعلت ما فعلت في السودان والصومال، ومن بعدهم ما ستفعله بسوريا يمكن تجنب التعامل معها كدولة عدوة للعرب تسعى إلى تدمير أرضهم وتهميش شعوبهم ونهب ثرواتهم وإخضاعهم للسكين الصهيونية؟ فالفرق كبير بين أن تختلف أمة مع أمة أخرى حول المصالح بين الحين والآخر وبين أن تقف إحدى الأمتين ضد الأخرى في كل الحقول وعلى كل المستويات عبر أكثر من ستة عقود دون أن تردعها أي أخلاقيات أو قيم أو مصالح.
ثالثاً: هناك موضوع النظام العربي الرسمي الذي تعامل ويتعامل مع أهوال ما يحدث في العراق وفلسطين ولبنان وغيرهم بعجز لم يسبق له مثيل. لقد عطل ذلك العجز النظام العربي الأمني القومي المشترك، فانكشف الجميع أمام الاحتلال أو العدوان أو الهيمنة الكلية في السياسة والاقتصاد، فعاد الاستعمار بكل ألوانه إلى الأرض العربية. ولذا لم يكن مستغرباً ألا تخرج مشاورات الجامعة العربية بأي قرار يساعد اللبنانيين في محنتهم والفلسطينيين في الطريق المسدود الذي وصلوا إليه.
ولقد أظهرت المظاهرات، التي عمت بلدان الوطن العربي كله، وجود فجوة كبيرة بين الشارع العربي وأنظمة الحكم، تشير إلى انقسام مجتمعي كبير في المستقبل. وهو انقسام إذا أضيف إليه عجز الأنظمة وفشلها أمام موت الأبرياء من العرب على يد الصهاينة والأميركيين، سيحتاج إلى ثقافة سياسية جديدة تعالجه وتحل إشكاليته.
رابعاً: هناك أخيراً الموضوع الأزلي المسبب للمواضيع الثلاثة السابقة، والمتمثل في تلك الحياة السياسية المجتمعية في كل بلاد العرب. لقد ظهر بوضوح أن المؤسسات السياسية المدنية التي بناها الشعب العربي عبر العقود السابقة مصابة بالشلل وقلة الفاعلية أمام كل مصيبة ألمت بأي قطر عربي. وهذا يعني أن تغيراً جذرياً في أيديولوجية الأحزاب العربية وجمعيات المجتمع المدني وفي مناهج عملها وأساليب ممارساتها يجب أن يحدث. وسيكون لما فعله "حزب الله" أثر كبير في ذلك التغيير. فلقد ظهر بما لا يقبل الشك أن حركة إسلامية سياسية قد استطاعت أن تجمع بين الأيديولوجية الإسلامية والاستعمال الفائق للتكنولوجيا وللتنظيم الحديث، فتحول أعضاءها إلى بشر قادرين على التعامل مع تعقيدات العصر ومتطلباته دون أدنى تنازل عن عقيدتهم الدينية. وهو ما سيعني أن الإسلام سيكون جزءاً أساسياً من مكونات الفكر السياسي العربي القادم تحت أي مسمى يطرح نفسه. إن الجماهير العربية هي في وضع شعوري ونفسي لن يقبل بأقل من ذلك في المستقبل المنظور. ثم إن ذلك لن يتعارض مع الثوابت القومية في الوحدة، ولا مع توجهات العصر في الديمقراطية وصعود العلوم والتكنولوجيا.
إذا لم تستطع الثقافة العربية السياسية الجديدة مواجهة تلك التحديات الأربعة التي كشفت عنها مآسي الوطن العربي خلال السنوات الثلاث الماضية، ووصلت إلى أعلى قممها في لبنان، فإن ذلك سيعني أن المفكرين العرب الحاليين قد أصبحوا عقيمين وبحاجة لأن يتنحوا إلى الأبد.
أولاً: هناك موضوع التعايش العربي والإسلامي مع الكيان السياسي- العسكري الصهيوني المتواجد في فلسطين. فالوحشية والهمجية اللتان استعملهما الجيش الصهيوني في مواجهة المقاومتين الفلسطينية واللبنانية كانتا دون المستوى البشري وأقرب إلى المستوى الحيواني. السؤال الذي سيطرح نفسه هو: هل بعد أن شاهد الناس دك المدن وقتل الأطفال والنساء والشيوخ وحرق الأرض وما عليها يستطيعون قبول الثقافة السياسية التي روجت منذ اتفاقية كامب ديفيد الأولى بالتعايش مع إسرائيل، أم أنه آن الأوان للرجوع إلى المربع الأول القائل بدولة ديمقراطية يتعايش فيها العرب واليهود ولا تكون لها أية صلة بالأيديولوجية الصهيونية وأحلامها الاستيطانية والخرافية؟
ثانياً: هناك موضوع التعامل مع أميركا، فهل بعد أن ساعدت هذه الدولة بصورة مباشرة وغير مباشرة على تدمير العراق والضفة الغربية من فلسطين ولبنان ومن قبلهم فعلت ما فعلت في السودان والصومال، ومن بعدهم ما ستفعله بسوريا يمكن تجنب التعامل معها كدولة عدوة للعرب تسعى إلى تدمير أرضهم وتهميش شعوبهم ونهب ثرواتهم وإخضاعهم للسكين الصهيونية؟ فالفرق كبير بين أن تختلف أمة مع أمة أخرى حول المصالح بين الحين والآخر وبين أن تقف إحدى الأمتين ضد الأخرى في كل الحقول وعلى كل المستويات عبر أكثر من ستة عقود دون أن تردعها أي أخلاقيات أو قيم أو مصالح.
ثالثاً: هناك موضوع النظام العربي الرسمي الذي تعامل ويتعامل مع أهوال ما يحدث في العراق وفلسطين ولبنان وغيرهم بعجز لم يسبق له مثيل. لقد عطل ذلك العجز النظام العربي الأمني القومي المشترك، فانكشف الجميع أمام الاحتلال أو العدوان أو الهيمنة الكلية في السياسة والاقتصاد، فعاد الاستعمار بكل ألوانه إلى الأرض العربية. ولذا لم يكن مستغرباً ألا تخرج مشاورات الجامعة العربية بأي قرار يساعد اللبنانيين في محنتهم والفلسطينيين في الطريق المسدود الذي وصلوا إليه.
ولقد أظهرت المظاهرات، التي عمت بلدان الوطن العربي كله، وجود فجوة كبيرة بين الشارع العربي وأنظمة الحكم، تشير إلى انقسام مجتمعي كبير في المستقبل. وهو انقسام إذا أضيف إليه عجز الأنظمة وفشلها أمام موت الأبرياء من العرب على يد الصهاينة والأميركيين، سيحتاج إلى ثقافة سياسية جديدة تعالجه وتحل إشكاليته.
رابعاً: هناك أخيراً الموضوع الأزلي المسبب للمواضيع الثلاثة السابقة، والمتمثل في تلك الحياة السياسية المجتمعية في كل بلاد العرب. لقد ظهر بوضوح أن المؤسسات السياسية المدنية التي بناها الشعب العربي عبر العقود السابقة مصابة بالشلل وقلة الفاعلية أمام كل مصيبة ألمت بأي قطر عربي. وهذا يعني أن تغيراً جذرياً في أيديولوجية الأحزاب العربية وجمعيات المجتمع المدني وفي مناهج عملها وأساليب ممارساتها يجب أن يحدث. وسيكون لما فعله "حزب الله" أثر كبير في ذلك التغيير. فلقد ظهر بما لا يقبل الشك أن حركة إسلامية سياسية قد استطاعت أن تجمع بين الأيديولوجية الإسلامية والاستعمال الفائق للتكنولوجيا وللتنظيم الحديث، فتحول أعضاءها إلى بشر قادرين على التعامل مع تعقيدات العصر ومتطلباته دون أدنى تنازل عن عقيدتهم الدينية. وهو ما سيعني أن الإسلام سيكون جزءاً أساسياً من مكونات الفكر السياسي العربي القادم تحت أي مسمى يطرح نفسه. إن الجماهير العربية هي في وضع شعوري ونفسي لن يقبل بأقل من ذلك في المستقبل المنظور. ثم إن ذلك لن يتعارض مع الثوابت القومية في الوحدة، ولا مع توجهات العصر في الديمقراطية وصعود العلوم والتكنولوجيا.
إذا لم تستطع الثقافة العربية السياسية الجديدة مواجهة تلك التحديات الأربعة التي كشفت عنها مآسي الوطن العربي خلال السنوات الثلاث الماضية، ووصلت إلى أعلى قممها في لبنان، فإن ذلك سيعني أن المفكرين العرب الحاليين قد أصبحوا عقيمين وبحاجة لأن يتنحوا إلى الأبد.