" الـثـورة الـفرنسيـة "
لطالما كانت الثورة الفرنسية بشعاراتها الشهيرة "الحرية والمساواة والإخاء".
وشخصيات الثورة الفرنسية الشهيرة أمثال دانتون , روبسبير , الكونت ميرابو
وسجن الباستيل الشهير , وقصر فرساي
عامل جذب ومحفز لي لقراءة التاريخ الأوربي .
الثورة الفرنسية كـ حدث تاريخي مهم بدأ على شكل إنقلاب سياسي في فرنسا
وأثر في العالم كله. ويختلف المؤرخون كثيراً في أسبابها ، فيرى بعضهم أنها
حركة عقلية نشأت من حركة الاستنارة الحرة في القرن الثامن عشر ، ويرى
آخرون أنها ثورة الطبقات المحرومة من الإمتيازات ضد الطغيان الإقطاعي !
ويرى غيرهم أنها توطيد لسلطة البورجوازية الرأسمالية الحديثة ضد نظام
إقتصادي وإجتماعي مقيد وعتيق .
والرأي الغالب هو أن السبب المباشر للثورة كان دون شك حالة الإفلاس التي كانت
عليها خزانة الدولة ، إذ نشأت عن حروب القرنين السابع عشر والثامن عشر وقصور
النظام الضريبي ومجافاته للعدالة والإسراف .
بحثت عن كتاب يحكي لي قصة الثورة الفرنسية من البداية , لكن لم أجد . ولاأخفي
انزعاجي من عدم وجود كتاب يتحدث عن حقبة تاريخية مهمة في التاريخ الأوربي !
عن طريق الصدفة وجدت كتاب إلكتروني يتحدث عن الثورة الفرنسية بالتفصيل .
قمت بطباعته وقرأته في يومين , ولاأخفي إعجابي الشديد بالكتاب لغزارة معلوماته .
كتاب الثورة الفرنسية لـ الدكتور لويس عوض
الكتاب بالأصل عبارة عن مقالات مطولة نُشرت عام 1989 م في جريدة الأهرام
بمناسبة مرور 200 عام على الثورة الفرنسية . وهو آخر كتاب من تأليف لويس .
يتحدث الكتاب بالتفصيل عن الثورة ومسبباتها ونتائجها , وأهم شخصياتها القيادية .
في موسوعة ويكبيديا , المعلومات المذكورة عن سجن الباستيل تم اقتباسها بالكامل
من كتاب الثورة الفرنسية للويس عوض , دون إشارة إلى المصدر !
لويس عوض " 1915-1990 "
مفكر و مؤلف مصري , حاصل على الماجستير في الأدب الانجليزي من جامعة
كامبردج , والدكتوراة في الأدب من جامعة بريستن عام 1953. لم أقرأ له صراحة
وهذا الكتاب أول كتاب أقراه له . ماأثار انتباهي وأنا أقرأ سيرته هي المواجهات
التي خاضها مع أ. محمود شاكر حول أبحاثه عن الشاعر أبي العلاء المعري
والمواجهة الكبرى التي خاضها بسبب كتابه الممنوع "مقدمة في فقه اللغة العربية".
كلما ذُكرت الثورة الفرنسية ذُكر زوال ذلك الرمز الباقي في خيال الأجيال .
" الباستيل "
سقوط ذلك الرمز في أيدي الثورة الفرنسية كان أهم علامة مميزة
لـ إنتصار الثورة والبداية الحقيقية لسقوط النظام الإقطاعي في فرنسا .
يقول كلود كيتيل رئيس الجمعية التاريخية الدولية في كتابه " الباستيل "
بأن الأسطورة في سجن الباستيل أكثر من الحقيقه .هو يهون من دور السجن كمعتقل
للسياسيين ويدلل على ذلك بأن الألوف من الجماهير التي استولت على الباستيل لم
تجد فيه إلا سبعة أشخاص نصفهم من المجانين !
هناك من يرفض مثل هذه المقولة وإصباغ تلك الروح على رمزية السجن
وتاريخه الاسود .ويحدث بين الحين والآخر سجالات تاريخية بين شرائح
المثقفين الذين يدين بعضهم الثورة الفرنسية جملة بدعوى غزارة ماسفكت من دماء
ويتفق معهم في جزئية بسيطة من الرأي الروائي الروسي ليوتولستوي عبرقوله
" لو كانت الغاية هي عظمة فرنسا، فإنها كان يمكن إدراكها بدون الثورة و الملكية.
ولو كان الهدف نثر بعض الأفكار ، فإن المطبعة كانت قادرة على القيام به أفضل
بكثير مما قدر عليه الجنود. و لو كانت الغاية تطور المدينة ، فإن بالإمكان التقبل
دون أي صعوبة بأن هناك من الوسائل الناجعة لنشر المدنية أفضل بكثيرٍ من إفناء
الرجال و ثرواتهم."
تاريخ هذا السجن حافل بالكثير من الإثارة , أُنشئ في فرنسا في عام 1370 كحصن
للدفاع عن باريس .ومن ثم كسجن للمعارضين السياسيين , وأصبح على مدار السنين
رمزاً للطغيان والظلم , وانطلقت منه الشرارة الأولى للثورة الفرنسية
في 14 يوليو 1789م . وما تزال فرنسا حتى اليوم تحتفل
بمناسبة اقتحام السجن باعتباره اليوم الوطني لفرنسا .
الصورة التقليدية عن الباستيل حتى قبل سقوطه في يد الثوار أنه لم يكن حصناً للدفاع
بقدر ماكان قلعة للطغيان وسجناً للتعذيب . ولم يعتبر الباستيل قصراً إلا في عهد لويس
الرابع عشر حين أصدر هذا الملك في 1667 أمراً ملكياً لقومندان الباستيل باعتبار
الباستيل أحدالقصور الملكية وأمره بموجب هذا أن يطلق المدافع ابتهاجاً بمولد ابنته.
من أهم الشخصيات الأدبية والسياسية الذين دخلوا الباستيل .
الفيلسوف الفرنسي فولتير , المفكر لاروشفوكو , القائد ديموريين بطل معركة فالمي
الكاردينال دي روهان بطل فضيحة جواهر الملكة انطوانيت . الكونت لويس ,الكونت
جاك أرميناك , دوق نمور حاكم باريس , الأب بريفو , فونتنيل , والكثير الكثير !
كانت المطابع والكتب المصادرة في عهد لويس الرابع عشر تكدس في الباستيل
حتى اضطروا أن يبنوا لها جناحاً خاصاً . من أهم الكتب المصادرة في السجن
كتاب " رسائل من الريف " للفيلسوف باسكال
كتاب " رسائل فلسفية " للفيسلوف فولتير , وأُحرق بقرار من البرلمان
موسوعة " الانسيكلوبييا " التي كتبها أقطاب حركة التنوير
وأحرق كتاب فلسفة الطبيعة في ميدان الجريف .